الرياض: وجد باحثون مؤشرات إلى انتعاش وتعافي الحياة البحرية رغم أن البشر غيّروا فيها إلى حد كبير وذلك بحسب دراسة دولية حديثة قادتها جامعة الملك عبد الله للعلوم التقنية في المملكة العربية السعودية.

قاد الدراسة التي نشرتها مجلة نيتشر البريطانية أساتذة جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية؛ الأستاذ الدكتور كارلوس دوارتي، والأستاذة الدكتورة سوزانا أغوستي، ووجدوا دليلًا على مرونة ملحوظة للحياة البحرية وتكيفها للحد من خسائرها الكبيرة طوال القرن العشرين.

بحسب الدراسة ظهر هناك تباطؤ في هذه الخسائر، وانتعاش في بعض الحالات، منذ مطلع القرن الحالي؛ مستشهدة بتعافي الحيتان الحدباء وزيادة أعدادها. ورغم الانخفاض الكبير في أعداد أسماك القرش والحيوانات المفترسة البحرية الكبيرة، إلا أن الأدلة تشير إلى إمكانية زيادة أعدادها، من خلال تدابير حماية مناسبة.

الدراسة نفسها أوصت بضرورة تسريع معدل استعادة الحياة البحرية لتحقيق انتعاش كبير في غضون عقدين إلى ثلاثة عقود لمعظم مكونات النظم البيئية البحرية، شرط معالجة آثار تغير المناخ على نطاق واسع.

تقول الباحثة سوزانا أغوستي، كما ينقل عنها موقع جامعة الملك عبد الله للعلوم التقنية إن «إعادة بناء الحياة البحرية يمثل تحديًا كبيرًا للبشرية، والتزامًا أخلاقيًا، وهدفًا اقتصاديًا ذكيًا، لتحقيق مستقبل مستدام».

حدد الباحثون 9 مكونات رئيسة لإعادة بناء الحياة البحرية؛ هي البرك المالحة، أشجار المانجروف، الأعشاب البحرية، الشعاب المرجانية، الطحالب البحرية، شعاب المحار، مصائد الأسماك، الحيوانات البحرية الضخمة، أعماق البحار.

كما أوصت الدراسة باتخاذ تدابير مهمة لتحقيق التعافي البيئي؛ هي حماية الكائنات البحرية، والصيد بحكمة، وحماية المسطحات، وتعافي الموائل، والحد من التلوث، والتخفيف من تبعات تغير المناخ.

وفي حال تطبيق هذه التدابير على نطاق واسع، فإن المقاييس الزمنية لاستعادة الحياة البحرية المتضررة سابقًا، ستكون في غضون جيل بشري واحد، أو كحد أقصى في الفترة من عقدين إلى ثلاثة عقود؛ أي بحلول العام 2050.

الباحث كارلوس دوارتي يوضح قائلًا «لدينا الآن فسحة ضيقة من الفرص لتقديم محيط صحي للأجيال المقبلة، ولدينا المعرفة والأدوات للقيام بذلك. فشلنا في هذا التحدي أمر مرفوض تمامًا، إذ يعني حرمان أحفادنا من خيرات محيط محطم غير قادر على دعم سبل العيش».

أضاف «نحن في مرحلة حاسمة يتعيّن علينا الاختيار؛ إما المحافظة على محيط متزن ونابض بالحياة أو محيط مضطرب لا يمكن إصلاحه. سعينا في هذه الدراسة إلى توثيق انتعاش التجمعات البحرية والموائل والأنظمة البيئية بعد جهود المحافظة على البيئة البحرية السابقة، وأن نقدم توصيات محددة تستند إلى الأدلة لتوسيع نطاق الحلول المثبتة عالميًا».

يُذكر أن هذا المشروع البحثي جمع علماء في مجال علوم البحار من 10 دول من 4 قارات، بمشاركة 16 جامعة شملت إلى جانب جامعة الملك عبد الله للعلوم التقنية، جامعة آرهوس، معهد ماساتشوستس للتقنية، جامعة ولاية كولورادو، جامعة بوسطن، الجامعة الكاثوليكية في تشيلي، جامعة السوربون، جامعة جيمس كوك، جامعة كوينزلاند، جامعة دالهوزي، جامعة يورك.