دبي: مرّ أسبوع على إعلان التحالف العسكري بقيادة السعودية هدنة من طرف واحد في اليمن، لكن رغم ذلك استمرت المعارك ولم تظهر بوادر على توقّفها للسماح بتركيز الجهود على الاستعداد لمواجهة وباء كوفيد-19.

سجّل اليمن الذي يشهد أسوأ أزمة إنسانيّة في العالم، الجمعة الماضي أوّل إصابة بفيروس كورونا المستجدّ، بينما حذّرت منظمات دولية من أن القطاع الصحي شبه المنهار في البلاد منذ اندلاع الحرب عام 2014 غير مؤهل للتعامل مع الأزمة، مطالبين بوقف الحرب.

لكن الحوثيين اعتبروا وقف إطلاق النار السعودي مناورة سياسية وإعلامية، متّهمين التحالف بقيادة المملكة بمواصلة العلميات العسكرية.

هل تم الاتفاق على هدنة؟
على الرغم من إعلان السعودية عن وقف إطلاق نار في اليمن في 9 من أبريل الماضي لمدة أسبوعين، يستمر القتال في مناطق عدة، بينما تتواصل غارات التحالف.

يقول المحلل لدى "مجموعة الأزمات الدولية" بيتر سالزبري لوكالة فرانس برس "لا يوجد اتفاق لوقف إطلاق النار وافق اللاعبون الأساسيون عليه حتى الآن"، في إشارة إلى رفض الحوثيين الهدنة.

كان مبعوث الأمم المتحدة الى اليمن مارتن غريفيث أكد في وقت سابق أنه أرسل مقترحات محدّثة إلى الأطراف حول وقف إطلاق نار متفق عليه، بالإضافة إلى "الاستئناف العاجل للعملية السياسية"، آملا في لقاء "قريب" بين الاطراف المتنازعة. وقال غريفيث "أصبح وقف القتال بشكل عاجل أمرا مصيريا وشديد الأهمية" بعد ظهور أول إصابة بالفيروس.

ماذا يريد الحوثيون؟
لا يبدو ذلك سهل التحقق لأنّ الحوثيين يفاوضون من موقع قوة بعد تحقيقهم مكاسب عسكرية باتجاه محافظة مأرب، آخر معاقل القوات الحكومية في شمال اليمن حيث تخضع معظم المناطق لسيطرة المتمردين المدعومين من إيران.

وقبل إعلان التحالف الهدنة، طرح الحوثيون "رؤيتهم" لحل شامل في البلد الغارق في نزاع مسلح، أطلقوا عليها اسم وثيقة "الحل الشامل لإنهاء الحرب على الجمهورية اليمنية".

وطالبوا فيها بإنهاء الحظر الجوي والبري والبحري الذي يفرضه التحالف فور التوصل إلى اتفاق سلام بين الحكومة المعترف بها التي يدعمها التحالف والمتمردين الذين يسيطرون على العاصمة ومناطق شاسعة منذ منتصف 2014. وبحسب سالزبري، فإنّ الحوثيين يعتبرون وقف إطلاق النار "أكثر من مجرد وقف للأنشطة العسكرية".

وهم يطالبون أيضا بأن يدفع التحالف رواتب الموظفين الحكوميين في أي اتفاق مستقبلي على مدى عشر سنوات مقبلة وتعويضات من أجل اعادة البناء بما في ذلك المنازل التي دمّرتها الغارات الجوية.

تقول إيلانا ديلوجر من "معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى" لفرانس برس إنّ السعودية "قد ترغب في الخروج من حرب اليمن وهي بالتأكيد مستعدة لدفع الكثير من أجل إعادة الإعمار، ولكن من غير المحتمل أن تقوم بتوقيع اتفاقية تنص على استسلامها الكامل".

لماذا تمد السعودية يدها للسلام؟
يأتي الإعلان عن وقف إطلاق النار في وقت حساس للسعودية التي تواجه انخفاضا في أسعار النفط إضافة إلى ضرورات التعامل مع تفشي فيروس كورونا المستجد.

وأعربت السعودية خلال الأشهر الماضية عن رغبتها في الخروج من النزاع المكلف الذي تسبّب بمقتل عشرات آلاف اليمنيين وما تصفه الأمم المتحدة بالأزمة الإنسانية الأسوأ في العالم.

وترى ديلوجر أن "السعودية ترغب بشكل متزايد في إنهاء الحرب على اليمن"، موضحة أن "أولوياتها تتغير والحرب في اليمن مكلفة ولا يمكن كسبها عسكريا".

يقول خبراء إن الضغوط على السعودية لتقليل الخسائر المدنية في الغارات الجوية، وقيام حليفتها الإقليمية الرئيسية الإمارات في 2019 بخفض تواجدها العسكري في اليمن، بالإضافة إلى الاقتتال الداخلي في المعسكر الموالي للحكومة، أدى إلى إضعاف التحالف وتعزيز موقف الحوثيين.

تضيف ديلوجر "تهديد فيروس كورونا المستجد منح طريقة لحفظ ماء الوجه بإعلان وقف إطلاق النار من دون أن يبدو ذلك كاستسلام للحوثيين".

ماذا يعني هذا لليمنيين؟
يتطلع عبد الحق العامري (35 عاما)، وهو من سكان العاصمة صنعاء، كما شريحة واسعة من اليمنيين، الى أن تتوقف أخيرا آلة الحرب التي هجّرت ووضعت ملايين على حافة المجاعة.

يقول لفرانس برس "نحن في اليمن لا نريد إعلانا في الاعلام عن وقف إطلاق النار، نريد وقف إطلاق نار على الأرض". وتقدّر الأمم المتحدة أن 80 بالمئة من السكان، أي نحو 24 مليون شخص، أي أكثر من ثلثي السكان، "بحاجة إلى مساعدة غذائية".

يرى بشير الفضلي (28 عاما) أن التحالف والحوثيين لا يهتمون بمصلحة الشعب اليمني. ويقول "تعبنا من الحرب ومن الدمار (...). الخاسر الوحيد هو المواطن البسيط، انقطع عنه الراتب والمياه والكهرباء والتعليم". ويعتقد أمجد علي (28 عاما) أن فيروس كورونا المستجد ليس سوى مشكلة إضافية على اليمنيين التعامل معها.

ويقول "في اليمن، أصبح الموت عندنا شيئا عاديا، فمن لا يموت بقصف الطيران، يموت بالكوليرا أو بالسل أو إنفلونزا الخنازير".
ويتابع "الكورونا سيمر مثلما مرّت بقيّة الأمراض، الأهم هو وقف الحرب".