باريس: قبل ثلاثة أسابيع من بدء رفع إجراءات الحجر المنزلي في فرنسا، يكشف رئيس الوزراء إدوار فيليب الأحد أولى التدابير للخروج من الأزمة، في عملية ستكون على قدر استثنائي من التعقيد في وقت قاربت حصيلة وباء كوفيد-19 في فرنسا العشرين ألف وفاة.

وبالرغم من تراجع عدد المرضى في المستشفيات وأقسام الإنعاش منذ بضعة أيام، تبقى الحصيلة فادحة مع آخر حصيلة صدرت مساء السبت وهي 19323 وفاة، بينها 642 وفاة جديدة خلال 24 ساعة.

وستحمل هذه الأرقام رئيس الوزراء على التأكيد أولا في كلمة الأحد التي يلقيها اعتبارا من الساعة 17,30 على ضرورة الالتزام الكامل بالحجر المنزلي الصارم حتى 11 أيار/مايو، باعتبار ذلك شرطا لا بدّ منه لرفع القيود تدريجيا.

وتخشى السلطات تراخي المواطنين مع اقتراب أيار/مايو وانتهاء شهرين من العزل، رغم أن المديرية العامة للصحة ذكرت بأن فرنسا "لا تزال في مستوى استثنائي، أعلى بكثير من الحد الأعلى الاعتيادي" من إشغال الأسرة في أقسام الإنعاش. وحتى السبت كان 5833 مريضا يشغلون هذه الأسرة، وهو رقم أعلى بكثير من الخمسة آلاف سرير التي أعلن انها متوافرة قبل بدء الأزمة الصحية.

وإن كانت هناك "أخبار سارة" مثل البدء بتفكيك قسم من المستشفى الميداني العسكري الذي أقيم قرب مستشفى مولوز في منطقة الشرق الكبير في فرنسا، فهذا يجب ألا يحجب مخاطر حصول موجة جديدة من الإصابات. وشددت المديرية العامة للصحة على "وجوب عدم التراخي في جهودنا، في حين بدأ الحجر المنزلي يعطي ثماره".

ولا يتوقع أن يُصدر رئيس الوزراء أي إعلان كبير خلال كلمته، بل الهدف الأول منها هو تقديم عرض مفصل للوضع الراهن بالاشتراك مع وزير الصحة أوليفييه فيران والمدير العام للصحة جيروم سالومون واختصاصية الأمراض المعدية في مستشفى كروا روس في ليون فلورانس آدير، قبل أن يجيب على أسئلة الصحافيين.

- تحدّ هائل -
وقال رئيس الوزراء الذي سبق أن ألقى كلمة مماثلة قبل ثلاثة أسابيع اعتبرتها الحكومة ناجحة "قلت أنني سأعرض بانتظام نتائج استراتيجيتنا في مواجهة كوفيد-19، الصعوبات التي لا نزال نواجهها ربما".

كما وعد فيليب بأنه سيتحدث أيضاً عن "التدابير المستقبلية والتحضير للخروج من الأزمة".

ويبدو أن التحدي هائل للتفاوض على أفضل وجه بشأن الخروج التدريجي من مرحلة التوقف التي أغرقت البلاد في أسوأ ركود منذ الحرب العالمية الثانية، بحسب وزير الاقتصاد، لا سيما بالنسبة الى إعادة فتح المدارس واستئناف حركة النقل العام وعودة ملايين الفرنسيين إلى العمل.

وذكّر حاكم مصرف فرنسا المركزي فرانسوا فيلورواي دو غالو في مقابلة مع صحيفة "جورنال دو ديمانش" أنه يُتوقع أن تؤدي أزمة الوباء العالمي إلى تراجع الناتج المحلي الإجمالي الفرنسي بنسبة "لا تقلّ عن 8%" هذا العام.

ويُفترض أن تسمح كلمة رئيس الوزراء بتبديد الجدالات المختلفة التي ترافق الحكومة. وأنهى ماكرون بنفسه منذ الجمعة أحد هذه الجدالات المتعلقة بكبار السنّ، داعياً إلى عدم "تمييزهم" عبر تمديد عزلهم إلى ما بعد 11 أيار/مايو.

ويراهن رئيس الدولة كثيراً على رفع العزل الذي أعلنه الاثنين الماضي. وقال الوزير السابق بيرنار تابي "سنحكم على ماكرون" في نهاية "هذه المباراة ضد الموت".

- انعدام ثقة -
ولا تزال "الأفخاخ" كثيرة في أجواء معممة من انعدام الثقة تجاه كلام السلطات. وهناك 46% من الفرنسيين فقط يثقون بالحكومة "في مواجهة الأزمة"، وفق استطلاع للرأي أجراه المعهد الفرنسي للرأي العام لصالح صحيفة "جورنال دو ديمانش"، وهو عدد ارتفع بثماني نقاط، لكن لا يزال ضئيلاً.

ولا تزال مسألة ارتداء الجميع أقنعة واقية التي تتعرض لانتقادات كثيرة، أولوية للكثير من الفرنسيين، بانتظار صدور قرار واضح.

وفي رسالة حصلت وكالة فرانس برس على نسخة منها، طلبت الشركات الرئيسية المشغّلة لوسائل النقل المشترك من رئيس الوزراء جعل ارتداء الأقنعة الواقية إلزامياً ليس فقط في وسائل النقل بل أيضاً في كل الأماكن العامة حيث يستحيل تطبيق التباعد الاجتماعي.

ويُفترض أن يحدد إدوار فيليب وأوليفييه فيران أيضاً آلية الفحص ومتابعة الحالات الجديدة، في حين أن الدول التي كافحت الوباء بالطريقة الأفضل أجرت فحوصاً لعدد كبير جداً من سكانها.

وتطال الانتقادات أيضاً الجيش بعد اكتشاف مجموعة إصابات على حاملة الطائرات "شارل ديغول". وأفادت الحصيلة النهائية على حاملة الطائرات السبت عن إصابة 1046 بحاراً من أصل 1760 على متنها.

وفتح تحقيقان الأول حول القيادة والثاني طبي للتحري عن طريقة إدارة الأزمة من جانب الطاقم العسكري من جهة، ولدراسة كيفية انتقال الوباء إلى المنشأة من جهة أخرى.

وأعلن رئيس هيئة أركان الجيوش الفرنسية الجنرال فرانسوا لوكوانتر في مقابلة نادرة مساء السبت عبر قناة "تي اف 1"، بأنه تمّ الالتزام بكل الآليات المطلوبة، "لكن على الأرجح لم تكن كافية، بالنظر الى ما حدث".

إحصائيات إنتشار فيروس كورونا في فرنسا