تعاني كوبا أساسا من نقص في المواد الغذائية قبل كوفيد-19 إلا أن أزمة فيروس كورونا المستجد جعلت من وضع الطعام على مائدة العشاء معضلة حقيقية مع وقوع سلاسل الإمداد في حالة من الفوضى.

تكتب ياديرا رسالة إلى مجموعة على تطبيق "واتساب" بعنوان "هافانا ستور" تفيد أعضاءها بوصول شحنة من الدجاج.

وقالت المتقاعدة أنخيلا مارتينيز "نستيقظ في الصباح الباكر، ومثل النمل، نعود إلى المنزل قبل الساعة السادسة مساء" التزاما بالتدابير المتخذة للحد من انتشار الفيروس.

تضع هذه المرأة البالغة من العمر 55 عاما قناعا عندما تقوم بالتسوق بعدما أصبحت هذه الأغطية المخصصة للوجه إلزامية في الأماكن العامة.

وسجلت كوبا حتى الآن أكثر من 1200 إصابة بفيروس كورونا و43 حالة وفاة. وأغلقت المدارس والحدود، كما توقفت كل وسائل النقل العام عن العمل. وطلب كذلك من معظم الناس العمل من المنزل.

ويبدو أن الوضع الصحي تحت السيطرة، على الأقل في الوقت الحالي.

وقال خوسيه مويا الممثل المحلي لمنظمة الصحة العالمية "لم نشهد ارتفاعا كبيرا في عدد الحالات كما هي الحال في دول أخرى". وأضاف أن "هذا الأمر يشير إلى نقاط القوة التنظيمية في البلاد بسبب العاملين في مجال الرعاية الصحية فيها".

ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، يوجد في كوبا 82 طبيبا لكل مئة ألف مواطن، أكثر بكثير من الولايات المتحدة (32 طبيبا) وفرنسا (26 طبيبا).

لكن الامر يختلف بالنسبة إلى الوضع الغذائي.

تستورد كوبا 80 % مما تأكله. وفي العام 2019، دفعت البلاد ملياري دولار في مقابل استيراد المنتجات الغذائية.

وتأتي معظم وارداتها من أوروبا، الشريك التجاري الأكبر لهافانا، لكن القارة العجوز تضررت بشدة من الوباء ما أدى إلى تعطل الطرق التجارية.

وأقر وزير الاقتصاد أليخاندرو خيل "يجب أن نبحث عن حلول محلية لأننا لا نعرف ما هي المواد الغذائية التي سيتوقف موردونا عن صنعها".

وحذر تقرير صادر عن سفارة غربية اطلعت عليه وكالة فرانس برس من أن "القيود المفروضة على تصدير المواد الغذائية من قبل بعض الدول الموردة ستهدد سلاسل الإمداد" في الجزيرة.

وأضاف ان "التخزين سيؤدي الى تفاقم النقص الكبير الموجود أصلا في كوبا".

مجموعات "واتساب"

في مجموعات على تطبيق "واتساب" مثل تلك التي تنتمي إليها ياديرا، يتشارك الكوبيون تفاصيل حول المنتجات المطلوبة: الأرز واللحوم وحتى معجون الأسنان.

ولا تمنع قنوات الاتصال غير الرسمية هذه من تشكل الطوابير خارج المتاجر، وتحاول الشرطة وقوات الأمن التأكد من أن المتسوقين يلتزمون تدابير التباعد الاجتماعي.

وكتبت امرأة عرفت عن نفسها بماتيلدا على مجموعة في "واتساب" أن "الطابور يتحرك ببطء. وصلت إلى هنا في التاسعة صباحا وغادرت في الرابعة بعد الظهر. اشتريت كل شيء لأنني لا أستطيع العودة مرة أخرى".

ولمنع التجمهر، تفتح المتاجر الصغيرة فقط وتبقى محلات السوبرماركت الكبيرة مغلقة.

وقد أنشأت الحكومة بوابة إلكترونية للتسوق في الأسابيع الأخيرة، لكن كان من الصعب دخولها بسبب بطء خدمة الإنترنت في البلاد.

ويحصل كل كوبي شهريا على مجموعة من الإمدادات تشمل المطهرات، لكن المواد الغذائية التي تتضمنها تلك المساعدات لا تكفي لمعظم العائلات.

الامر ليس سهلا

أفسد الوباء التطلعات الاقتصادية لكوبا. فقد توقفت السياحة، وهي أحد المصادر الأساسية للعملة الصعبة، بشكل مفاجئ.

وارتفع استهلاك الطاقة لأن الكثير من السكان يمضون وقتا أطول من السابق في المنزل. وهذا يعني انقطاع التيار الكهربائي بشكل متزايد وقد طلبت الحكومة من المواطنين الحد من استخدامه.

ويرى المحلل السياسي خورخي غوميز باراتا، أن أزمة فيروس كورونا المضافة إلى الحظر التجاري الأميركي المستمر، تعني أن كوبا ستحاول تعزيز اقتصادها "في أسوأ الظروف".

ورغم العقبات الكبيرة، يقول الكوبيون إنهم يعتقدون أنهم سيتجاوزون هذه الأزمة.

وقال روبرتو سانشيز وهو مهندس زراعي يبلغ من العمر 57 عاما فيما كان يتسوق في هافانا "إنه أمر لم نشهده في تاريخنا (...) الأمر ليس سهلا".

وأشارت مارتينيز إلى "أننا نحاول إيجاد حل بما لدينا".

ويبرز التضامن بين المواطنين الكوبيين، إذ يصنع الجيران أقنعة لبعضهم بعضا ويساعدون بعضهم بعضا لتوفير الطعام.

وكتبت منتسبة أخرى إلى مجموعة "ياديرا على "واتساب" بعدما أخطرت الأعضاء بوصول الدجاج إلى أحد المتاجر "بالأمس، تمكنت من شراء الدجاج بفضلك!".