تعرض العاملون في مستشفى شارلوت ماكسيكيه في جوهانسبرغ لضغط كبير الشهر الماضي حين هرع مئات السكان المحليين المذعورين لإجراء اختبار فيروس كورونا المستجد بعد أن سجلت جنوب إفريقيا أول حالة إصابة به.

وتضاعف عدد الإصابات إلى العشرات في ثلاثة أيام فقط، ما كشف حالة عدم الاستعداد الصارخ في المستشفيات.

وانتشر فيروس كورونا بشكل مطرد في جميع أنحاء جنوب أفريقيا على مدى الشهرين الماضيين.

وسجّل البلد الواقع في أقصى جنوب القارة 4793 حالة وهي أعلى نسبة في إفريقيا و90 حالة وفاة.

أبطأ ما يقرب من خمسة أسابيع من الإغلاق الصارم زيادة الحالات ووفر وقتا ثمينا للمستشفيات للتحضير لارتفاع متوقع في الإصابات.

وقالت رئيسة قسم الطوارئ في شارلوت ماكسيكيه الدكتورة فيروزا موتارا "لقد أتاح لنا الإغلاق فرصة لتخزين معدات الوقاية الشخصية وتنظيم عنابرنا والتأكد من تدريب طاقمنا".

وقال علماء الأوبئة إن فرض الإغلاق حينما كانت الحالات قليلة ساعد نسبيا على تسطيح منحنى العدوى مؤقتا.

لكنهم يحذرون من زيادة متسارعة بمجرد رفع القيود، وهي خطوة من المقرر أن تبدأ تدريجياً في 1 أيار/مايو.

وقال كبير مستشاري كوفيد-19 للحكومة سليم عبد الكريم "كنا بحاجة لبعض الوقت للاستعداد. ... المفتاح سيكون مدى قدرتنا على إعداد المستشفيات". في شارلوت ماكسيكيه، وهي مستشفى حكومي، يتم توجيه المرضى المشتبه بإصابتهم بسرعة إلى الخيام الخضراء التي وضعت في الخارج ليستقبلهم على الفور فريق الممرضات.

النظام قد لا يستجيب

وتنبأ عبد الكريم بحدوث ذروة في حالات الإصابة في تموز/يوليو ويخشى أن النظام الصحي قد لا يستجيب للضغط الهائل.

وقال وزير الصحة في جنوب إفريقيا زويلي مخيزي إنه تم تخصيص 87 ألف سرير على الأقل لمرضى فيروس كورونا في المؤسسات العامة.

وتنشئ السلطات مستشفيات ميدانية كمنشآت فرز لتجنب إثقال كاهل غرف الطوارئ.

وأبلغ الوزير مخيزي البرلمان هذا الأسبوع أنه سيتم فتح 288 موقعا للحجر الصحي تضم 23604 سريرا في أنحاء البلاد.

وقال مخيزي "إذا لم يمرض كثير من الناس في نفس الوقت، يمكننا في الواقع أن نقطع شوطا طويلا بهذه الأعداد (من الأسّرة)". وستستضيف مواقع الحجر الصحي في شكل رئيسي مرضى يعانون من أعراض خفيفة أو عديمي الأعراض ولا يمكنهم عزل أنفسهم، وهي معضلة كبيرة بالنسبة للعديد من السكان الذين يعيشون في مدن مزدحمة.

وأفادت نوسيفو دلاميني مديرة طاقم تمريض الطوارئ في شارلوت ماكسيكيه "لدينا عدد (مرضى) كبير في المستشفى ليس فقط لأنهم مرضى ولكن ببساطة لأنهم ... لا يمكنهم عزل أنفسهم في المنزل بسبب الظروف الاجتماعية".

80 بالمئة بدون تأمين صحي

أعلن الرئيس سيريل رامافوزا عن 20 مليار راند إضافية (106 مليون دولار) لتجهيز المستشفيات بشكل كاف.

وقال رامافوزا إنّ فيروس كورونا "يمكن أن يدمر أفضل نظام صحي في غضون أسابيع. هذا على وجه التحديد ... ما بذلنا جهداً كبيراً لمنع وقوعه".

وأكثر من 80 بالمئة من سكان جنوب أفريقيا البالغ عددهم 57 مليون نسمة ليس لديهم تأمين صحي ويعتمدون على المستشفيات العامة.

وذكر تقرير صادر عن صندوق الأنظمة الصحية غير الربحي بجنوب أفريقيا أنّ المرافق العامة بها أقل من 18 سريرا لكل 10 آلاف مريض مؤمن عليه العام الماضي.

بدورهم، يستعد مقدمو الرعاية الصحية الخاصة أيضا.

وقال انشين لوبشر مدير سلسلة المستشفيات الخاصة نيت كير لوكالة فرانس برس إنّ المجموعة استثمرت 8 ملايين دولار "لتعزيز استعداد" 1200 وحدة من وحدات العناية المركزة و 16 مليون دولار على معدات الحماية.

حماية الاطباء

اعتمد الفريق الطبي في شارلوت ماكسيكيه على مزيج من التمويل العام وتبرعات الشركات والمجتمع لجمع مخزون لائق من معدات الوقاية الشخصية.

وقال عبد الله لاهر المتخصص في وحدة العناية المركزة "كان هناك نقص في معدات الحماية الشخصية في جميع أنحاء العالم. إنها دائما مصدر قلق لنا". وسيكون الحفاظ على صحة الموظفين عاملا أساسيا في جنوب أفريقيا حيث تعاني المستشفيات من نقص في الموظفين حتى قبل تفشي الوباء.

وأكثر ما يقلق موتارا هو ما إذا كان زملاؤها سيكونون آمنين أو مرهقين أو يعانون من صدمة عاطفية.

وأضافت "بالطبع هناك الصورة الأكبر. ... هل سيكون لدينا ما يكفي من معدات الوقاية الشخصية؟ الأدوية؟ أجهزة التنفس؟".

وحذّر الخبير الصحي موسى مشابيلا من أن بعض العاملين في المستشفيات لم يتم إعدادهم في شكل كاف للتحدي المقبل.

وقال مشابيلا عميد الصحة العامة في جامعة كوازولو-ناتال "المهم حقًا أن يتعلم العاملون الصحيون أنفسهم التصرف بشكل مختلف". وأضاف "لم نأخذ وقتا كافيا لتعليمهم المهارات والممارسات الإضافية التي ستساعدهم على منع العدوى".

تولت الممرضة دلاميني الأمور بنفسها وبدأت جلسات تدريبية أسبوعية بعد أن أصيب بعض الموظفين بالذعر وتوقفوا عن العمل.

وتقوم أخصائية الطوارئ جانا دو بليسيس أيضا بالتدريب والاستعداد.

وقالت "أعتقد أننا جميعا قلقون في هذه المرحلة. لكن لدينا عمل نقوم به. هذا ما يجدر بنا فعله".