أسامة مهدي: كشف المجلس الاعلى للقضاء العراقي اليوم عن تغير في طبيعة الجرائم المرتكبة في البلاد خلال فترة الحظر لتجنب الاصابة بفيروس كورونا مؤكدا انخفاض جرائم القتل والسرقات وتزايد الجرائم الاقتصادية. بينما تم تسجيل زيادة حالات عنف النساء ضد الرجال في إقليم كردستان الشمالي.

ويبدو أن حظر التجول الذي فرضته خلية الأزمة العراقية لمواجهة جائحة كورونا، قد فرض حظراً من نوع آخر هو على الجريمة فعلى مدار الأسابيع الماضية بدت محاكم التحقيق ومراكز الشرطة - وهي ادارات ناشطة خلال فترة الحظر- أكثر هدوءاً إلا أنها لم تنف تسجيل جرائم تباينت في أنواعها من مكان إلى آخر بحسب المجلس الاعلى للقضاء في تقرير له اليوم تابعته "إيلاف".

انخفاض حوادث القتل والسرقات

ويقول القاضي الأول لمكاتب التحقيق القضائي في مدينة الحلة (100 كم جنوب بغداد) ماهر رزاق إن "نسبة الجرائم انخفضت إلى حد كبير، لا سيما الحوادث المرورية التي كانت تشكل النسبة الأبرز، والحال نفسه ينطبق على السرقات والقتول والجرائم الأخرى".

ويعزو رزاق أسباب الانخفاض إلى أن "الشارع أصبح مكشوفا أثناء الحظر وأغلب المناطق تحت مرأى القوات الأمنية المنتشرة، ما يصعب على المجرمين تنفيذ عملياتهم". لكنه لا ينفي وجود جرائم ومخالفات راجت خلال هذه المدة، وفي طليعتها الجرائم الاقتصادية ومخالفات كسر حظر التجوال الصحي المفروض للحد من تفشي فيروس كورونا في البلاد منذ 24 شباط فبراير الماضي.

وأشار القاضي الى أن "الجرائم الاقتصادية تمثلت في رفع أسعار المواد الغذائية والخضروات أو احتكارها وكان ذلك في بداية فرض حظر التجوال إلا أن الإجراءات القضائية في بابل بالتعاون مع جهاز الأمن الوطني ساهمت في ردع هؤلاء التجار ممن استغلوا الأوضاع لرفع الأسعار".

مدينة أربيل العراقية خلال حظر التجوال بسبب كورونا

ضربة لتجارة المخدرات

وتحدث قاضي التحقيق عن "انعدام او انخفاض حدوث جرائم كالسرقات والقتول والمخدرات اذ قيض الحجر الصحي وغلق المطارات والحدود البرية من رواج الاتجار بالمخدرات وانتقالها كما صعب على اللصوص تنفيذ عملياتهم".

غير أنه من جهة أخرى يلفت إلى "صعوبة فرض حظر التجول داخل الأحياء الشعبية بسبب أماكن أعمال ساكنيها وخروجهم لتبضع الاحتياجات الضرورية"، لافتا إلى "ضعف الرقابة الأمنية في المناطق الشعبية ما يؤدي إلى خروقات مستمرة تصعب معها أمكانية تطبيق حظر صحي شامل".

انخفاض غير معهود

وفي جانب الرصافة الشرقي للعاصمة العراقية بغداد ذات الثقل السكاني بدت دار القضاء في مدينة الصدر هادئة أيضا بعد أن كانت تعج بالدعاوى والمراجعين.

ويشيرالقاضي محمد حبيب الموسوي الى "تناقص ملحوظ في الجرائم، ففي ما يخص السرقات والمشاجرات والقتول ذكر أنها بالكاد موجودة على الرغم من وجودها الكبير قبل جائحة كورونا، حتى المخدرات فقد سجلت جرائم تعاطٍ هنا وهناك كشفتها مفارز التعفير التابعة للقوات الأمنية".

وعن الجريمة الاقتصادية قلل قاضي التحقيق من "وجود ارتفاع في الاسعار واحتكار المواد الغذائية والخضراوات من قبل التجار، وإن حدثت فبنسبة قليلة عولجت بسرعة وإجراءات مشددة"، إلا أنه تحدث عن قضية واجهتهم تتعلق بـ"رفع أسعار المولدات الكهربائية الأهلية خلاف التسعيرة التي فرضتها المجالس البلدية".

أما بالنسبة لجرائم العنف الأسري، أفاد الموسوي بـ"عدم تسجيل المحكمة مثل هذه الحالات على الرغم من أنها كانت موجودة بكثرة قبل أيام الحظر".

عنف أسري

لكن مدينة الموصل (777 كم شمال بغداد) بدت على عكس ما سجلته بقية المحافظات وإن اتفقت معها على انخفاض نسبة الجريمة.

ويقول عامر الربيعي قاضي محكمة تحقيق الموصل إن "ما يزيد على 85 زوجة تقدمت بشكوى إلى قضاة التحقيق عن العنف الأسري خلال هذه الفترة"، وهو ما يعزز زيادة نسبة جرائم العنف الأسري التي انتشرت على صعيد عالمي خلال فترة الحجر المنزلي.

وكان للموصل أيضا رأي آخر في ما يخص السرقات، فبحسب الربيعي أن "الحاجة والجوع وانقطاع الأرزاق عن الكثيرين خلال فترة الحظر دفعت الكثيرين إلى ارتكاب جرائم السرقة، وإن كانت هذه ليست مبررات للجريمة فبعض ممن برروا بهذه الأسباب سرقاتهم أمام القضاة كانوا من أرباب السوابق، إلا أنه لا يمكن إنكار تأثير حظر التجول اقتصاديا على فئات من المجتمع".

بغداد خلال حظر التجوال

سرقات للاموال والمصوغات الذهبية

وذكر القاضي أن "اللصوص يستهدفون الأموال والمصوغات الذهبية والأجهزة في الدور". وعن كيفية ارتكاب الجرائم خلال خلو الشوارع وجلوس الناس في البيوت، يلفت إلى أن "المجرمين غالبا ما يسبقون الآخرين بخطوة فهم يتحينون الفرص لخلو البيوت وتغافل اصحابها لتنفيذ جرائم السرقة".

زيادة عنف النساء ضد الرجال في إقليم كردستان

ومن جهتها أعلنت منظمة اتحاد الرجال في إقليم کردستان العراق الخميس عن زيادة حالات العنف ضد الرجال في الإقليم خلال فترة حظر التجوال في أزمة فيروس كورونا.

وقال سكرتیر المنظمة برهان علي في تصريح لوكالة "شفق نيوز" العراقية الكردية وتابعته "إيلاف" إنه "في الشهور الثلاثة الأولى لعام 2020 ارتفعت احصائیات العنف ضد الرجال وسجلت 175 حالة شكوی من الرجال الذین تعرضوا للعنف" .. مشيرا إلى "تسجيل 17 حالة انتحار وحالة قتل من قبل النساء بمساعدە الاقرباء".

وخلال العاشر من مارس الماضي الى العاشر من نيسان ابريل الجاري وهي مدة الحجر الصحي المنزلي في اقليم كردستان، قال علي "تم تسجیل 87 حالة شكوی وسبع حالات انتحار وحالة قتل"، موضحا أن "أکثر حالات العنف کانت العنف اللفظي وسوء المعاملة وعدم الاحترام وطرد الرجال من بیوتهم من قبل زوجاتهم و تدخل اهل الزوجة في مشاکل ما بین الزوجین".

وأضاف علي أنه "في الأشهر الثلاثة الاخيرة لعام 2019، تم تسجيل 136 حالة شكوی و 13حالة انتحار". وعزا علي ارتفاع الحالات إلى "الحجر الصحي وعدم صرف الرواتب"، لافتا إلى أن "منظمة اتحاد الرجال في إقليم کردستان لا تملك الدعم المادي لتوكيل محامين للدفاع عن الرجال الذين يتعرضون للعنف".

وكانت دراسة لمنظمة الدولية للهجرة في العراق كشفت الاسبوع الماضي أن أكثر التأثيرات السلبية لوباء كورونا على العراقيين هي تأجيل العام الدراسي وفقدان سبل كسب العيش والتأثيرات المالية، موضحة ان الحالة المتعلقة بالتوظيف على المستوى الوطني سيئة جداَ اذ ان حوالي 68 في المائة من سكان النواحي أفادوا بأنهم فقدوا وظائفهم ويواجهون مشاكل مالية نتيجة لذلك.