باتت الكمامات عملة نادرة في روسيا في زمن فيروس كورونا، فبعد نفاد هذه الوسيلة الأولى للحماية في الصيدليات، يجري تداولها على تطبيقات التواصل المحلية في الأحياء وعلى الإنترنت كما يجري صنعها يدويا في المنازل.

وعانت روسيا من المشكلة ذاتها التي يواجهها العديد من الدول الأخرى، إذ فقدت الكمامات في الصيدليات والسوبرماركات منذ بدء تفشي وباء كوليد-19 الذي طال هذا البلد في مارس متسببا حتى الآن بأكثر من مئة ألف إصابة وألف وفاة فيه.

ومع عدم توافرها، اضطر المواطنون العاديون الروس كما الأطباء والممروضون وصولا إلى الشركات الحريصة على حماية موظفيها، للتزود بها عبر قنوات أخرى على درجات متفاوتة من الشرعية.

وقال أندري كونوفال من قيادة نقابة الأطباء "أكسيون"، "هناك نقص هائل في وسائل الحماية في كل المناطق. وجميع المستشفيات تقريبا تواجه مشكلات والوضع في معظمها على وشك بلوغ درجة حرجة".

وأوضح أن معظم العاملين في الطواقم الطبية "لا يتم إمدادهم بكل بساطة" ما يرغمهم على استخدام وسائلهم الخاصة للحصول على اللوازم الأساسية لعملهم.

وتابع "من المستحيل لهم شراء ما يكفي بأجورهم، فيتدبر العديدون منهم أمرهم بغسل الكمامات أو استخدامها مطولا". وأكد ذلك أطباء استجوبتهم وكالة فرانس برس.

وقالت الطبيبة ناتاليا إيسمونت في منطقة سفيردلوفسك في الأورال "أعطيت لوازم إلى جميع أصدقائي الأطباء حتى يتمكنوا من خياطة كماماتهم بأنفسهم لأن هناك نقصا كارثيا".

وأقر رئيس الأطباء في المستشفى "كاي 31" في موسكو الذي يعالج حوالى سبعين مريضا مصابين بوباء كوفيد-19 خلال زيارة الاسبوع الماضي "للأسف، نضطر أحيانا إلى شراء وسائل الحماية في السوق السوداء".

رسائل وإعلانات

وإذ أقر الرئيس فلاديمير بوتين بالنقص في المعدات، أمر بتشكيل "احتياطي فدرالي" من لوازم الحماية يقوم بتزويد المستشفيات.

لكن الطريقة الوحيدة المتاحة للمواطنين العاديين للتزود بالكمامات تبقى شراءها في السوق السوداء.

وتنتشر العروض على تطبيق واتساب داخل المجموعات المغلقة الخاصة بالأحياء أو المناطق المستخدمة عادة لتقاسم معلومات محلية بين الجيران.

فكتب أحدهم في رسالة اطلعت عليها وكالة فرانس برس ضمن مجموعة لسكان منطقة في محيط موسكو "مساء الخير! لدي كمامات من ثلاث طبقات بـ55 روبل (0,70 يورو) للقطعة" موردا صورة أقنعة في قاعة يبدو أنها مستودع مليء بالصناديق.

وهذا النوع من الكمامات الوحيدة الاستخدام التي كان سعرها لا يتخطى بضع روبلات قبل الوباء، ينبغي مبدئيا تبديلها كل أربع ساعات. ويعرض البعض كمامات تمت خياطتها "يمكن إعادة استخدامها".

وينشر البعض رسائل أكثر طموحا على تطبيق تلغرام الشائع الاستخدام، إذ يعرضون عشرات آلاف الكمامات الجراحية والكمامات المتطورة من نوع "إف إف بي"، فضلا عن فحوص لكشف الإصابة وسائل معقم بعشرات الليترات.

وتنتشر على موقعي الإعلانات أفيتو ويولا مئات العروض مع خيار التسليم المنزلي.

خسرنا المعركة

سعت السلطات في مرحلة أولى لضبط هذه السوق التي اجتذبت الانتهازيين. فحظرت الحكومة في مطلع نيسان/أبريل بيع كمامات وقفازات خارج الصيدليات، لكنها عادت وتراجعت عن قرارها بعد أسبوع.

وقالت صيدلانية التقتها وكالة فرانس برس وطلبت عدم كشف اسمها "عندما بدأ الوباء، رفع الموردون الأسعار وتوقفنا عن شرائها خشية أن ينتزع منا ترخيصنا. لا يمكننا بالطبع بيعها بسعر أدنى مما اشتريناها".

وتؤكد السلطات أنها اتخذت التدابير لزيادة الإنتاج. وأكد بوتين أن روسيا باتت قادرة على إنتاج 8,5 ملايين كمامة للحماية يوميا، لكن البيروقراطية تؤخر التسليم في غالب الأحيان بحسب ما أفاد رؤساء شركات وأطباء في وسائل الإعلام.

وأقر أندري كونوفال بأنه "تم اتخاذ تدابير والسلطات تسعى لتسوية المشكلة" لكنه اعتبر أن هذه المبادرات جاءت متأخرة جدا خاتما "يبدو لي أننا خسرنا هذه المعركة".