يستعد دونالد ترمب لتحقيق ما ينتظره بفارغ الصبر، أي الخروج من البيت الأبيض واستئناف حملته الانتخابية التي فاخر خلالها بانتعاش اقتصادي توقف فجأة بسبب وباء كوفيد-19، واختار لذلك عرضاً سيبثه التلفزيون مباشرة الأحد من نصب لينكولن الذي يعتبره الأميركيون أعظم رئيس في تاريخ بلدهم.

وتشير غالبية استطلاعات الرأي إلى أداء ضعيف للرئيس الجمهوري، قبل ستة أشهر من الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في نوفمبر وينافسه فيها خصمه الديموقراطي جو بايدن، الذي لا يغادر منزله في ديلاوير.

واختار ترمب العودة في إطار يثير الدهشة، أمام نصب لينكولن في حديقة "ناشيونال مول" لحوار افتراضي مع أميركيين سيجرى الأحد وتبث قناة "فوكس نيوز" وقائعه مباشرة، سمي "أميركا معاً: لنعد إلى العمل".

وسيظهر ترمب الذي يعتبر نفسه "رئيساً لزمن الحرب" ويصف فيروس كورونا بـ"العدو غير المرئي"، لساعتين للرد على أسئلة ضيوف للقناة القريبة منه عادة وناخبين يشاركون عبر الفيديو.

والموقع مثقل بالرموز. فالمبنى الهائل المشيد بالرخام الأبيض يضم تمثالا ضخما لأبراهام لينكولن جالسا. وهذا الرئيس السادس عشر للولايات المتحدة الذي اغتيل في 15 أبريل 1865 من أكثر القادة شعبية في البلاد.

وتكشف سلسلة تغريدات أطلقها السبت، إذا كانت صادقة، أن ترمب سيعتمد لهجة تلائم معركته الانتخابية بدلا من الدعوة إلى الوحدة.

وقال الرئيس الذي يواجه انتقادات بسبب مواقفه التي لا تنم عن تعاطف منذ بداية الأزمة الصحية غير المسبوقة إن "الديموقراطيين يسعون كالعادة إلى الشجار. لا يفعلون شيئا بناء حتى في زمن الأزمة".

في الوقت نفسه، أطلق سلفه الجمهوري جورج بوش الابن، في تسجيل فيديو دعوة إلى الوحدة والتضامن بينما تجاوز عدد الوفيات بكوفيد-19 في الولايات المتحدة 66 ألفا. وقال "لنتذكر أن الاختلافات بيننا صغيرة في مواجهة هذا التهديد".

وأضاف بوش "لنتذكر أن التعاطف واللطف هما أداتان أساسيتان وقويتان".

وعشية هذا اللقاء الاستعراضي، واجه ترمب ضربة قاسية. فقد رفض أعضاء الكونغرس من الحزبين عرضه بإجراء فحوص طبية سريعة وإعطائها الأولوية، لأعضاء مجلس الشيوخ الذين يفترض أن يعقدوا جلسة بكامل الأعضاء الاثنين.

ومع أنهما خصمان سياسيان، أصدر زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل والرئيسة الديموقراطية لمجلس النواب نانسي بيلوسي بيانا مشتركا لتأكيد أن الكونغرس يفضل مواصلة إرسال الموارد "إلى المؤسسات التي تقف في الصف الأول" مثل المستشفيات.

وتخضع العاصمة الاتحادية لإجراءات عزل حتى الخامس عشر من مايو.

"رئيس عظيم"

وحظر لينكولن في 1861 العبودية في رمز إلى إعادة مُثل الحرية لأميركا، بعدما راهن على أن الحرب وحدها يمكن أن تحمي الولايات المتحدة. وقد انتصر في رهانه.

نادرا ما يذكر ترمب الرؤساء السابقين، لكن أبراهام لينكولن حالة استثنائية.

وخلال حملته وبعد وصوله إلى السلطة، لم يكف عن الإشادة بصفاته الحميدة، في أغلب الأحيان لإبراز منجزاته.

فبعدما أعاد تغريد رسالة من أحد أنصاره المتحمسين أكد أنه حقق "للسود أكثر مما حققه كل الرؤساء الأميركيين مجتمعين"، أضاف ترمب "هذا صحيح" مؤكدا في الوقت نفسه أن لينكولن "لم يكن سيئا" أيضا.

وفي ربيع 2016، أكد "أتمتع بصفات رئاسية (...) أكثر من أي رئيس آخر لهذا البلد باستثناء أبراهام لينكولن. لا أحد يستطيع التفوق على أبراهام لينكولن".

وأضاف بعد عام "رئيس عظيم!"، مشيراً إلى أن "معظم الناس لا يعرفون أنه كان جمهوريا (...) يجب أن نركز على هذه النقطة بشكل أكبر".

وخلال أحد المهرجانات في حملته، قال ترمب إنه يحب "آبي الصادق" اللقب الذي يطلق على هذا الرئيس الذي يعد رمزا، ورد أحد المشاركين من الحشد "دونالد الصادق".

ولم يفوت ترمب الفرصة، مكرراً على الفور العبارة التي تشيد به "ترمب الصادق، شكراً".

ويقع نصب لينكولن على بعد خطوات من البيت الأبيض. لكن في الأيام المقبلة سيكسر الرئيس الحجر الصحي الذي فرضه على نفسه ليقوم بزيارتين إلى ولايتي أريزونا وأوهايو الأساسيتين في الانتخابات.