الرباط: قال ناصر بوريطة وزير الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ان المجتمع الدولي لا يخضع لاختبار المقاومة فحسب، في مواجهة جائحة ومفيد -19 ، وإنما يقف أيضا أمام نقطة تحول رئيسية، مبرزا أن التحديات العالمية ألهمت على الدوام استجابات واسعة النطاق.

واعتبر بوريطة ،خلال القمة المنعقدة عبر الإنترنت لمجموعة الاتصال لحركة عدم الانحياز، أن كوفيد-19 لحظة حاسمة أخرى في التاريخ: أزمة إنسانية تدعو الإنسانية إلى اختبار مرونتها، وتقديم أفضل ما لديها، وذلك مع التشبث بتعددية الأطراف.

واستعرض بوريطة، أيضا، تحليلا في ثلاث نقاط بشأن عواقب الجائحة، تكمن الاولى في ان الأزمة الصحية ستسمر لبعض الوقت. وبتحفيز من التقدم السريع في البحث العلمي، المغرب مقتنع بأن ضمان الولوج الشامل للقاح المستقبلي، وبأسعار في المتناول، أمر بالغ الأهمية للصحة العالمية. إذ يتعلق الأمر بقضية يجب على حركة عدم الانحياز الدفاع عنها.

وتكمن الثانية في ان تخفيف التداعيات الاجتماعية والاقتصادية للجائحة لا يقل أهمية عن تسطيح منحنى الجائحة. فقد فرض كوفيد-19 الحجر الصحي على العالم، وأغلق قطاعات اقتصادية برمتها ودفع بالملايين من الأشخاص إلى البطالة. وهذا يعني أنه يجب علينا مضاعفة الجهود للحفاظ على التقدم المحرز حتى الآن في مكافحة الهشاشة والفقر.

اما الثالثة فتكمن في ان هذه التحديات تتجلى بوضوح أكبر في إفريقيا، حيث يشتغل 85,5 في المائة من العاملين في القطاع غير المهيكل.

واشار بوريطة الى ان الاتحاد الإفريقي دعا الجهات المانحة الثنائية ومتعددة الأطراف إلى تسريع دعمها المالي والتقني، وتخفيف ديون الأفارقة. وان المغرب يرى أن هذه الدعوة يجب أن يتردد صداها داخل حركة عدم الانحياز.

وبخصوص تجربة المغرب ، أوضح بوريطة ، في تصريح عبر تقنية الفيديو خلال هذا اللقاء المخصص لتدارس سبل مكافحة الجائحة، أن الاستجابة المغربية قامت على خمسة مبادئ، حددها الملك محمد السادس في التضامن؛ والاستباق؛ والوقاية؛ والمقاربة الشاملة وإعطاء الأولوية للمواطنين، خاصة الأكثر هشاشة.

وأشار الوزير المغربي إلى أنه على الصعيد الوطني، سعى المغرب إلى تحسين نظامه الصحي والتخفيف من الآثار الاجتماعية والاقتصادية للأزمة، مستعرضا أمام القمة استراتيجية المغرب لمكافحة كوفيد-19، والذي كان من أوائل البلدان التي أغلقت مجالها الجوي، موضحا أنه بمجرد رصد الحالات الأولى، أعلن المغرب حالة الطوارئ الصحية.

في سياق ذلك، سجل بوريطة أن الزخم الكبير للتضامن الوطني ،الذي تجلى في الصندوق الخاص بتدبير جائحة كوفيد-19، أعطى حتى الآن أزيد من 3,5 مليار دولار.

وبفضل هذا الصندوق، يضيف بوريطة ، استفادت 5,1 مليون أسرة ، يشتغل الكثير منها في القطاع غير المهيكل، من الإعانات المالية المباشرة.

وذكر بوريطة بأن المغرب عبأ، أيضا، الصناعة الوطنية لإنتاج معدات الحماية الشخصية، لاسيما الملايين من الكمامات المنتجة محليا.

وبخصوص الاستجابة على مستوى القارة الإفريقية، أشار بوريطة إلى أنه وفقا لروح التضامن والتفاؤل الإفريقي، أطلق الملك محمد السادس مبادرة تروم إرساء إطار عملياتي بهدف مواكبة البلدان الإفريقية في مختلف مراحل تدبيرها للجائحة. ويتعلق الأمر ، يضيف بوريطة ، بمبادرة واقعية وعملية تسمح بتقاسم التجارب والممارسات الجيدة لمواجهة التأثيرات الصحية والاقتصادية والاجتماعية للجائحة.

يشار إلى أن حركة عدم الانحياز، التي تتكون من 120 بلدا، تعتبر ثاني أكبر تجمع للدول بعد منظمة الأمم المتحدة.

وذكر بوريطة بالدعوة الاستشرافية والمستنيرة التي أطلقها ملك المغرب خلال القمة الرابعة عشرة للحركة سنة 2006.

وقال الوزير بوريطة "نحن بحاجة إلى إرساء آليات للتفكير والاقتراح والتشاور لتحقيق الرهانات ومواجهة التحديات التي تعترضنا جراء الحروب، والنزاعات الداخلية، والفقر، والأوبئة، والتهديدات الإرهابية"، مسجلا أن نداء الملك محمد السادس الموجه إلى ثاني أهم تجمع للدول بعد منظمة الأمم المتحدة، يصدح بقوة، أكثر من أي وقت مضى، في السياق الراهن.