دبي: في منطقة مارينا دبي التي لطالما جذبت السياح، تصطف العشرات من اليخوت البيضاء عند الميناء لا تتحرك، فيما تعيش الشركات العاملة في مجال الخدمات المترفة التي تشتهر بها الإمارة حالة من عدم اليقين في مواجهة أزمة فيروس كورونا المستجد.

اختفت الحشود المعتادة من سياح صينيين أو بريطانيين أو روس عند الممشى في المنطقة التي بنيت على قناة مائية اصطناعية.
ويقول مدير مشارك في شركة لتأجير اليخوت لوكالة فرانس برس "هناك خسارة بنحو 95% إن لم يكن 100% من الأعمال".

مع توقف حركة النقل الدولي وتطبيق إجراءات الحجر الصحي، اضطر الشاب الفرنسي الذي اشترط عدم الكشف عن اسمه إلى وقف خدمات تأجير اليخوت السياحية وجلسات الصيد في منتصف مارس الماضي، "بشكل مفاجىء".

يوظف قطاع الخدمات في إمارة دبي مئات الآلاف من العمال الأجانب الذين يعملون في المراكز التجارية الضخمة وغيرها. وإمارة دبي مقصد سياحي عالمي يزورها نحو 16 مليون شخص سنويا، ومحطة تجارية مهمة، وموطن لأحد أكبر أسواق العقارات في المنطقة.

تقدّم دبي التي يقيم فيها نحو 3,4 مليون شخص من أكثر من 200 جنسية، بحسب السلطات، نفسها على أنّها "مدينة ذكية" تعتمد على التكنولوجيا الحديثة والتقنيات الإلكترونية والتطبيقات الهاتفية لإنجاز المعاملات عن بعد.

مع تسجيل الإمارات 546 إصابة بفيروس كورونا المستجد بينها 11 وفاة، أعلنت السلطات الإماراتية إعادة فتح المراكز التجارية مع فرض إجراءات رقابية وقيود صحية إضافة إلى منع تجول في الليل. ومع إعادة فتح المراكز التجارية، ما زال الموظفون والمشغلون في حالة من عدم اليقين.

تراجع الطلب
وسمح لشركة تأجير اليخوت التي يملكها أثرياء باستئناف خدماتها بشكل محدود. يؤكد الشاب الفرنسي، وهو أحد الشريكين فيها، أن "الطلب قليل جدا" في منتصف شهر رمضان، مضيفا أنه في ظل هذا الوضع، "يمكننا الصمود حتى نهاية العام أو حتى شهر يناير" العام المقبل.

يشير الى أن شركته خسرت "تقريبا بين مئتي ألف إلى 300 ألف درهم (50 ألف -70 ألف يورو) منذ بداية الأزمة"، مضيفا "للأسف، فإن الموظفين لم يحصلوا سوى على نصف رواتبهم (في مارس) واضطروا لأخذ إجازات في الشهر التالي".

عند بداية أزمة فيروس كورونا، أعلنت الإمارات حزمة دعم مالي حكومي بقيمة 70 مليار دولار لمساعدة اقتصاد الدولة على مواجهة تداعيات الفيروس، تضمنت تسهيلات مالية. لكن العديد من الشركات تقوم بتسريح الموظفين الأجانب أو تخفيض رواتبهم أو فرض إجازات غير مدفوعة عليهم.

وتقول النيبالية ليلى (23 عاما) التي وصلت إلى دبي قبيل اندلاع أزمة فيروس كورونا المستجد لتعمل في شركة تنظيف عبر تطبيق على الهاتف، في يناير الماضي، إنه تم تسريح العديد من زملائها وهم في انتظار العودة إلى بلدانهم مثل الفلبين أو النيبال.

تضيف لوكالة فرانس برس "لن يقوموا بطردي لأنني جديدة. ولكن المشكلة هي الراتب"، متخوفة من أن يتمّ خفضه". وأشارت الى أنها تتقاضى راتبا "سيئا" أصلا وهو 1500 درهم (410 دولارات) شهريا.

درجات "متفاوتة"
يؤكد المحلل في "كابيتال إيكونوميكس" جيمس سوانستون أن قطاع الخدمات يشكل نحو 80% من اقتصاد دبي. ويرى أن أزمة فيروس كورونا المستجد ستؤثر على اقتصاد دبي "على درجات متفاوتة".

يضيف "نتوقع أنه في حال استمرت إجراءات التباعد الاجتماعي والقيود المفروضة على السفر لثلاثة إلى أربعة أشهر، أن يؤدي ذلك إلى خسارة 5 إلى 6 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في هذا العام".

وفي رأي سوانستون، أن الإجراءات التي أعلنت عنها الإمارات لدعم الاقتصاد تعكس رؤية السلطات لجهة أن الأعمال الصغيرة أو المتوسطة تشكل "عنصرا أساسيا" في الاقتصاد. لكنه أشار إلى نقص في "الدعم المباشر في ما يتعلق بالحماية الاجتماعية" للعمال.