أسامة مهدي: فيما أكد الكاظمي لسفيري واشنطن وطهران في بغداد بضرورة ابعاد بلاده عن صراعاتهما فقد اتخذ قرارات جريئة في أول اجتماع لحكومته باطلاق معتقلي الاحتجاجات والتحقيق بقتل المتظاهرين واعادة ضابط رفيع إلى رئاسة جهاز مكافحة الارهاب كان اقصاه عبد المهدي من منصبه والتأكيد على اجراء الانتخابات المبكرة وتشريع قانون للاحزاب.

وخلال اجتماع عقده رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي بمكتبه في القصر الحكومي مع سفير الولايات المتحدة الأميركية ماثيو تولر فقد أكد "ضرورة التعاون والتنسيق بين البلدين في المجالات الاقتصادية والأمنية ومواجهة الارهاب والتحضير للحوار الإستراتيجي بين البلدين والعمل على حفظ الأمن والاستقرار في المنطقة وإبعادها عن المخاطر" كما نقل عنه مكتبه الاعلامي في بيان صحافي مساء امس تابعته "إيلاف".. مشددا على أن العراق لن يكون ساحة لتصفيات الحسابات والاعتداء على أية دولة جارة او صديقة.

من جهته، هنأ السفير الكاظمي لنيل حكومته الثقة في مجلس النواب.. مؤكدا استعداد بلاده لدعم العراق في المجالات كافة خصوصا الجانب الاقتصادي ومواجهة جائحة كورونا.

الكاظمي في أول اجتماع لحكومته

وكان وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو قد اتصل هاتفيا بالكاظمي الخميس الماضي وأكد له "حرص بلاده على الوقوف مع الحكومة العراقية لتجاوز آثار الأزمة الاقتصادية والتطلع لإجراء الحوار الإستراتيجي بين البلدين" الشهر المقبل.

ومن جانبها، قالت وزارة الخارجية الاميركية إن بومبيو أبلغ الكاظمي هاتفيا أن واشنطن ستمنح العراق استثناء لمدة 120 يوما لمواصلة استيراد الكهرباء من إيران لمساعدة الحكومة الجديدة "تعبيرا عن رغبتنا في المساعدة في تهيئة الظروف المناسبة للنجاح" وذلك بعد ان مددت واشنطن مرارا الإعفاء الذي يسمح لبغداد باستخدام إمدادات الطاقة الإيرانية الضرورية لشبكتها للكهرباء لمدة 90 أو 30 يوما.

الكاظمي مجتمعاً مع السفير الأميركي في العراق

وتلقى العراق الشهر الماضي مذكرة رسمية من الادارة الاميركية تتعلق ببناء علاقات استراتيجية واعادة انتشار القوات الاميركية في العراق واجراء حوار بين وفدين رسميين اقترحت واشنطن اجراءه في بغداد يومي 10 و11 يونيو المقبل بهدف التوصل إلى تفاهم متبادل بشأن مستقبل التعاون الأمني والاقتصادي الذي يشكل أساس العلاقة الاستثنائية الثنائية.. وكجزء من حوار البلدين حول التعاون الأمني فستتم مناقشة اعادة انتشار القوات الاميركية في العراق ووضع جداول زمنية لانسحابها من البلاد اضافة إلى استمرار العلاقة الامنية بين البلدين في إطار عمليات التدريب وتبادل الخبرات.

وشهدت العلاقات العراقية الأميركية توترا بعد تنفيذ واشنطن عملية اغتيال قائد الحرس الثوري الايراني اللواء قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقية أبو مهدي المهندس بقصف جوي قرب مطار بغداد الدولي في الثالث من يناير الماضي والتي تبعها تصويت مجلس النواب العراقي على إلغاء الاتفاقية الأمنية بين البلدين ووضع جدول زمني لانسحاب القوات الاميركية من البلاد ثم تطور الامر إلى قصف متبادل بين القوات الاميركية والمليشيات العراقية الموالية لايران.

وفي اجتماع اخر مع السفير الايراني في بغداد إيرج مسجدي، فقد أكد الكاظمي حرص العراق على إقامة أفضل العلاقات مع ايران وجميع دول الجوار بما يخدم مصالح الشعبين الجارين والأمن الاستقرار في المنطقة.. مشددا على أن العراق لن يكون ممرا او مقرا للارهاب او منطلقا للاعتداء على أية دولة او ساحة لتصفية الحسابات.

من جهته، أعرب مسجدي عن تطلع بلاده لتطوير العلاقات الثنائية وتعزيز التعاون بين البلدين في جميع المجالات.

وكان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف قد عبر الجمعة الماضي عبر تغريدة على "تويتر" عن تمنياته للكاظمي بالنجاح في رئاسة الحكومة الجديدة وقال إن إيران تقف دائما مع الشعب العراقي واختياره لمن يدير شؤونه.

الكاظمي مجتمعاً مع السفير الإيراني في العراق

وشهدت العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران توترا ملحوظا منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي عام 2018. وانعكس هذا التوتر على الأوضاع في العراق، حيث صعدت الميليشيات العراقية الموالية لايران من هجماتها ضد المصالح الأميركية في عام 2019 وزادت تلك الهجمات بعد مقتل سليماني وما تبعه من قرار للبرلمان العراقي لصالح إخراج القوات الأجنبية.

وصوت البرلمان العراقي الخميس الماضي بأغلبية عدد الأعضاء الحاضرين (255نائباً )من أصل (329) نائبا هو مجموع العدد الكلي لاعضاء البرلمان على منح الثقة للكاظمي و15 وزيراً في حكومته فيما لم يحظ بها 5 مرشحين، بينما لم يقدم رئيس الوزراء أي مرشحين لشغل حقيبتي النفط والخارجية.

إطلاق معتقلي الاحتجاجات

وأمر الكاظمي الليلة الماضية الأجهزة الأمنية بإطلاق سراح جميع المعتقلين الذين شاركوا في الاحتجاجات، ودعا مجلس القضاء الأعلى التعاون في إطلاق سراح المتظاهرين والتحقيق في قتلة المحتجين ممن ارتكبوا قضايا بسيطة بإستثناء من تورط بالدم العراقي.

فيديو تصريحات الكاظمي عقب انتهاء الجلسة الاولى لحكومته:

وقال في تصريحات عقب انتهاء اول اجتماع لحكومته عقد برئاسته "قررنا أيضا تشكيل لجنة قانونية عليا لتقصي الحقائق في كل الأحداث، التي حصلت منذ الأول من اكتوبر عام 2019 (حين اندلعت احتجاجات شعبية واسعة في بغداد و9 محافظات في الوسط والجنوب) وحتى اليوم وبما يحقق العدل والإنصاف ومحاسبة المقصرين بالدم العراقي وتعويض عوائل الشهداء ورعاية المصابين".

كما وجه بعدم التساهل مع جرائم الخطف وملاحقة مرتكبيها وتقديمهم إلى العدالة وشدد على حماية المتظاهرين السلميين ومنع العنف بكافة اشكاله.

وعلى صعيد آخر، فقد قرر الكاظمي إعادة الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي إلى جهاز مكافحة الإرهاب وترقيته لمنصب رئيس الجهاز ومنحه قدما عسكريا إلى فريق أول.

وكان رئيس الحكومة السابق عادل عبد المهدي قد اقصى الساعدي من منصبه وامر بنقله إلى وظيفة ادارية في وزارة الدفاع بضغط من قيادات الحشد الشعبي، الامر الذي اثار استياء شعبيا واسعا نظرا لدوره المميز في تحرير المحافظات العراقية من سيطرة تنظيم داعش وقيادته لمعركة الموصل التي تم فيها طرد التنظيم منها وتوجيه ضربة قاصمة له.

وشهد العراق في اكتوبر الماضي اندلاع احتجاجات مليونية غير مسبوقة ارغمت رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي على الاستقالة في نهاية نوفمبر 2019 تحت ضغط هذه الاحتجاجات المطالبة برحيل ومحاسبة الطبقة السياسية الحاكمة المتهمة بالفساد وهدر أموال الدولة ورهن ارادتها بإيران حيث واجهتها القوات الامنية والمليشيات العراقية الموالية لطهران بالعنف المفرط ما ادى إلى مقتل 800 متظاهر واصابة 23 الفا آخرين بجروح اضافة إلى اغتيال واختطاف العشرات من الناشطين.

بحث الانتخابات المبكرة وقانون الاحزاب

ثم ترأس الكاظمي اول اجتماع لحكومته الجديدة بحث خلاله الانتخابات المبكرة واصدار قانوني الانتخابات والاحزاب اضافة إلى قضايا اخرى.

وأعلن رئيس الوزراء في تصريح صحافي تابعته "إيلاف" مساء امس عن أبرز قرارات هذه الجلسة الأولى قائلا "بإذن الله عقدنا اليوم الجلسة الأولى لمجلس الوزراء وإتخذنا مجموعة قرارات في مقدمتها إطلاق رواتب المتقاعدين ونحرص على عدم تأخيرها وقررنا أيضا تشكيل لجنة قانونية عليا لتقصي الحقائق في كل الأحداث التي حصلت منذ الأول من اكتوبر عام 2019 وحتى اليوم وبما يحقق العدل والإنصاف ومحاسبة المقصرين بالدم العراقي وتعويض عوائل الشهداء ورعاية المصابين وكذلك وجهنا الأجهزة الأمنية بإطلاق سراح كل المعتقلين الذين شاركوا في التظاهرات وطلبنا من مجلس القضاء الأعلى التعاون في إطلاق سراح المتظاهرين ممن ارتكبوا قضايا بسيطة بإستثناء من تورط بالدم العراقي".

وأضاف " قررنا تشكيل خلية أزمة من المختصين في الشؤون الخارجية والعلاقات الدولية لإجراء المباحثات مع الجانب الاميركي (الشهر المقبل) و الخاصة بمراجعة الاتفاق الإستراتيجي بين البلدين بما يحمي وحدة وسيادة العراق". وعن إجراء الإنتخابات قال "أصدرنا قرارا بتشكيل لجنة من الخبراء للتنسيق مع الجهات المعنية لتذليل العقبات أمام إجراء انتخابات مبكرة نزيهة".

وتعهد الكاظمي بأن تكون حكومته شفافة ولن تكون حكومة غرف مظلمة وفي كل قرار تتخذه لخدمة الصالح العام. وناشد في ختام تصريحه وسائل الإعلام توخي الدقة والحذر في نقل المعلومات والقرارات الصادرة عن مجلس الوزراء والإعتماد على المصدر الرسمي.

وطلب مجلس الحكومة من مجلس النواب استكمال التصويت على قانون الانتخابات الجديد وارساله إلى رئاسة الجمهورية لغرض ادخاله حيز التنفيذ بعد نشره في الجريدة الرسمية وتقديم الدعم اللوجستي وتوفير جميع الامكانات المتاحة للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات بما يمكنها من اجراء الانتخابات بعد تحديد موعدها. ودعا الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة التعاون مع المفوضية العليا المستقلة للانتخابات من خلال توفير الملاكات البشرية للقيام بالعملية الانتخابية.

كما قرر مجلس الحكومة "تعديل قانون الأحزاب بما يؤدي إلى تنظيم الوضع القانوني لعمل الأحزاب على أسس وطنية ديمقراطية تضمن التعددية السياسية والتحول الديمقراطي"، كما قال بيان صحافي عقب الاجتماع.

وكانت جرت امس مراسيم الاستلام والتسليم للمسؤولية والحقائب الوزارية في القصر الحكومي بحضور رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ورئيس الحكومة المستقيلة عادل عبدالمهدي والوزراء في الحكومتين.