يعجز بيورن برننغارد عن كتمان غضبه "لأنهم لم يكن لديهم الوقت لرعاية والدتي"، التي توفت في دار للمسنين في ستوكهولم، حيث أودى فيروس كورونا المستجد بحياة أكثر من ثلث عدد النزلاء.

ويرى هذا الرجل السبعيني أن وفاة والدته، التي تجاوز عمرها المئة عام، كانت بسبب الإهمال. وأشار إلى أن العاملين في دار المسنين يفتقرون إلى معدات الحماية، معربا عن قناعته بأن ذلك أدى إلى انتشار الفيروس في المبنى، رغم أن نتائج فحص والدته بالفيروس جاءت سلبية.

وأقرت السويد، التي فرضت تدابير أقل صرامة من معظم الدول الأوروبية لاحتواء تفشي الفيروس، بأنها فشلت في حماية كبار السن فيها.

تخطت السويد رسمياً عتبة الثلاثة آلاف وفاة بفيروس كورونا المستجد، حدث نصفها تقريبا في دور المسنين.

وتحدثت وسائل إعلام محلية، في الأسابيع الأخيرة، عن ظروف العمل في دور رعاية المسنين التي تعاني من نقص في وسائل الحماية، لدرجة أن البعض فضل عدم العمل وعانت بعض الدور من نقص في الموظفين.

وأظهرت شهادات أن بعض كبار السن أصيبوا بالعدوى أثناء دخولهم المستشفى لتلقي علاجات أخرى، ثم عادوا إلى الدار حيث نقلوا الفيروس دون علمهم.

ومع ذلك، تؤكد الحكومة أن أولويتها هي حماية الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 70 عاما. ولغاية 28 ابريل، بلغت أعمار 90 بالمئة من ضحايا الفيروس في البلاد 70 عامًا على الأقل.

وأسفت وزيرة الصحة السويدية لينا هالينغرين في تصريح للتلفزيون الرسمي قائلة "لقد فشلنا في حماية كبار السن (...) إنه فشل للمجتمع بأسره. يجب أن نتعلم منه، لم ننتهِ بعد من هذا الوباء".

"بدون حماية"

ورغم الأزمة الصحية، أبقت السويد مدارسها ومقاهيها ومطاعمها مفتوحة.

واكتفت بحض الناس على التصرف بمسؤولية والالتزام بالتوصيات الرسمية، دون إجراءات إغلاق استثنائية. ومنعت التجمعات لأكثر من 50 شخصا.

ومنعت كذلك الزيارات لدور المسنين منذ نهاية مارس، لكنها سجلت أكبر عدد من الوفيات هناك.

على عكس فنلندا أو النروج، غالباً ما تكون دور المسنين في السويد عبارة عن مجمعات ضخمة تضم مئات النزلاء. أغلبهم مرضى ولا يستطيعون الاعتماد على نفسهم.

ويشكلون، بالتالي، "مجموعة ضعيفة للغاية"، بحسب هينريك ليسيل، من مجلس الصحة والرعاية الاجتماعية.

ويشير برننغارد لوكالة فرانس برس، من ناحية أخرى، إلى نقص المعدات في هذه المؤسسات خلال أوقات الأزمات. وقال "لم تكن هناك حماية. كان العاملون يتنقلون من قسم إلى آخر وقاموا بنشر الفيروس".

في منطقة ستوكهولم، بؤرة الفيروس في السويد، سجلت 55 بالمئة من دور رعاية المسنين حتى الآن حالات الإصابة بوباء كوفيد-19، وفقا للسلطات الصحية المحلية.

وانتقدت النقابة السويدية الرئيسية لموظفي البلديات، كومونال، ظروف العمل السيئة.

واشارت تقديرات النقابة، في مارس، إلى أن 40 بالمئة من العمال في دور المسنين غير مؤهلين، وتم تعيينهم بعقود مياومة قصيرة الأجل، دون ضمان وظيفي. كما أن 23 بالمئة هم عمال موقتون.

انتهاك التعليمات

ولا يتلقى هؤلاء الموظفون أجورهم في حال بقائهم في المنزل. وقد يتجاهلون الأعراض الطفيفة، وبالتالي يكونون قد انتهكوا التعليمات.

وأوضح رئيس قسم دور المسنين في كومونال أولف بغيريغارد أن "هناك العديد من الأشخاص الذين يعملون في عدة دور للمسنين، وهذا يؤدي أيضا إلى انتشار أوسع" للفيروس.

في أواخر أبريل، قدمت النقابة شكوى إلى الوكالة السويدية لبيئة العمل، مؤكدة أن 27 شخصا على الأقل من بين 96 من نزلاء الدار حيث كانت تقطن والدة برننغارد قد توفوا بسبب الفيروس.

واستنكرت عدم اتخاذ التدابير الأساسية من إجراء اختبارات وحماية العاملين. وتقوم الوكالة بدراسة الشكوى وتم فتح تحقيق أولي.

واشار عبد الله، الذي فضل عدم الكشف عن هويته ويعمل كمساعد في دار للمسنين منذ عامين في ضواحي ستوكهولم، لوكالة فرانس برس إلى حالة مقيمة عولجت في المستشفى من كسر في الساق.

وقال إن نتيجة اختبارها قبل مغادرتها المشفى كانت سلبية، ولكن "عندما عادت من المستشفى بعد ذلك بثلاثة أيام، كانت إيجابية. كنا نرتدي مآزر واقية ولكن لم نضع كمامات عندما تعاملنا معها". ويرفض الرجل العودة إلى العمل، منذ ذلك الحين .

وقالت وكالة الصحة العامة إن الوباء لم يستنفد بعد قدرات استيعاب المستشفيات السويدية للمرضى.

وأعلن خبير الأوبئة أنديرس تيغنيل خلال مؤتمر صحافي الخميس "عرفت ستوكهولم تراجعاً طفيفاً في عدد الوفيات" داخل دور المسنين.