واشنطن: تنظر المحكمة العليا في الولايات المتحدة الثلاثاء في رفض الرئيس الأميركي دونالد ترمب تقديم بياناته الضريبية وسجّلاته المالية للكونغرس ولمدعٍ في نيويورك، في قضية مشحونة سياسيا بإمكانها أن توضّح حدود الحصانة التي يتمتع بها الرئيس.

من المتوقع أن يطرح أعضاء المحكمة العليا التسعة الذين يلازمون منازلهم جرّاء تفشي وباء كوفيد-19 أسئلتهم على محاميي الطرفين عبر الهاتف عند الساعة 10,00 (14,00 ت غ) في جلسة منتظرة سيتم بثّ وقائعها مباشرة.

ويتوقع أن يصدر قرار المحكمة قبل نهاية يونيو، أي قبل موعد الانتخابات الرئاسية المقررة في 3 نوفمبر والتي يسعى ترمب الى الفوز فيها بولاية ثانية.

وكان ترمب، قطب العقارات السابق الذي جعل من ثروته أحد أسس حملته الانتخابية في 2016، أول رئيس أميركي منذ ريتشارد نيكسون في سبعينات القرن الماضي يرفض كشف بياناته الضريبية، ما أثار تكهّنات بشأن قيمة ثروته الحقيقية وسط غموض بشأن تعاملاته المالية.

ومن شأن قرار المحكمة العليا أن يتجاوز قضية ترمب، إذ سيحمل تداعيات بعيدة الأمد على ميزان القوى في الولايات المتحدة.

ويؤكد محامو الرئيس أنه يتمتع بحصانة قانونية كاملة خلال فترته في السلطة، وهو أمر ضروري للسماح له بالتركيز على عمله دون أن يواجه تحقيقات من محامين أو أعضاء في الكونغرس.

وأرسلت لجان عدة في الكونغرس ومحام في مانهاتن مذكرات إلى "مازارز"، الشركة التي تتولى منذ زمن طويل حسابات ترمب، ومصرفي "دويتشه بنك" و"كابيتال وان" طلبت فيها الحصول على سجلات الرئيس الملياردير المالية للفترة الممتدة بين 2011 و2018. ورفع ترمب دعوى مباشرة لمنع تسليم الوثائق.

نتيجة مروعة
ومنذ خسر القضية أمام المحاكم الأدنى درجة، انتقل ترمب إلى أعلى هيئة قضائية في البلاد والتي يشمل أعضاؤها التسعة محافظين عينهما ترمب.

بموافقتها على النظر في القضية، تبدو المحكمة العليا مستعدة لتغيير الأحكام القضائية السابقة التي قد تؤثر على قرار الشركات تسليم سجّلات الرئيس.

وستخصص المحكمة العليا الساعة الأولى من مرافعات الثلاثاء الشفوية للمذكرات القضائية الصادرة من ثلاث لجان برلمانية يترأسها الديموقراطيون.

وفي خطوة مفاجئة في نهاية أبريل، طلب القضاة من الأطراف المعنية تقديم مذكرات تكميلية بشأن الطابع السياسي للقضية، وهو ما أشار إلى أنهم قد يرفضون النظر فيها.

وفي حال توصل القضاة إلى أن القضية ذات طابع سياسي لا قانوني، فقد يقررون بأن المحاكم الأدنى أخطأت في تدخلها بالملف. ومن شأن ذلك أن يبطل الأحكام السابقة من دون صدور حكم لمصلحة ترمب. ونتيجة ذلك، سيعود الأمر في إرسال الوثائق إلى الكونغرس من عدمه إلى المؤسسات المالية الثلاث المعنية.

كتب استاذ القانون ستيفن فلاديك في تعليقه على الأمر أن ذلك قد يعد "تسوية" لكنه سيكون "نتيجة مروعة لفصل السلطات". وأضاف "من شأن حكم كهذا أن يجرّد الكونغرس من أي آلية تسمح له بتطبيق مذكراته خارج سلطاته القسرية".

قضية ستورمي دانيالز
أما في المرحلة الثانية من جلسة الثلاثاء، فسينظر القضاة في قضية مدعي مانهاتن الديموقراطي سايروس فانس. وتقدّم فانس بطلب إلى "مازارز" للحصول على وثائق ترمب المالية في إطار تحقيق بشأن أموال تم دفعها للممثلة الإباحية ستورمي دانيالز لشراء صمتها بشأن علاقة مفترضة أقامتها مع الرئيس الملياردير قبل وصوله إلى السلطة.

وقد تشكل الدفعات التي لم تظهر في حسابات حملة الرئيس انتهاكا لقوانين تمويل الحملات في نيويورك. ويصرّ محامو ترمب على أنه يحظى بحصانة كاملة طالما أنه في البيت الأبيض، حتى أن أحد محاميه قال أمام محكمة استئناف في الماضي إنه بإمكان ترمب قتل شخص ما في شارع "فيفث أفنيو" في نيويورك من دون أن يواجه أي عقوبات قضائية.

كتب عدد من خبراء القانون، بمن فيهم مسؤولون سابقون من وزارة العدل، للمحكمة العليا للتأكيد على أنه بينما لا يمكن توجيه تهم لرئيس وهو في منصبه، إلا أن هذا لا يحول دون إجراء تحقيقات.

ويذكر أن المحكمة العليا نفسها طلبت من الرئيس السابق ريتشارد نيكسون عندما كان في منصبه في سبعينات القرن الماضي تسليم تسجيلات سرية للبيت الأبيض إلى المدعي الخاص الذي كان مكلفا التحقيق في فضيحة "ووترغيت". وفي تسعينات القرن الماضي، سمحت المحكمة العليا كذلك برفع دعوى مدنية بالتحرّش الجنسي ضد الرئيس آنذاك بيل كلينتون.