الرباط: يعاني المهاجرون الأفارقة من جنوب الصحراء في المغرب، المقيمون منهم أو العابرون نحو أوروبا، ظروفا صعبة في ظل أزمة كورونا، جراء التوقف الاضطراري عن ممارسة مهن بسيطة في الغالب أو عدم الاستفادة من برامج الدعم الاجتماعي.

وعلى الرغم من المبادرات التضامنية معهم، إلا أن نحو "20 ألف مهاجر على الأقل" بالمغرب، أغلبهم من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء هم حاليا "في وضع يستدعي تدخلا إنسانيا عاجلا"، بحسب أستاذ علم الاجتماع المهتم بالهجرة، مهدي عليوة.

ويقول رئيس جمعية ائتلاف الجاليات الجنوب صحراوية بالمغرب، أوسمانا با، من جهته لوكالة فرانس برس "الذين كانوا يمارسون التجارة اضطروا للتوقف بسبب الحجر الصحي دون موارد مالية".

ويتابع "الوضع أكثر صعوبة بالنسبة للمهاجرين غير النظاميين الذين يعيشون في مخيمات وليس بوسعهم التنقل، كما لا تستطيع الجمعيات المدنية الوصول إليهم لمد يد العون" بسبب الحجر الصحي المفروض في المملكة منذ أسابيع. ويعمل جزء مهم من الجالية الجنوب صحراوية بالمغرب في القطاع غير المنظم الذي يشكل أكثر من 20 بالمائة من الناتج الداخلي الخام للمملكة.

ويسدون رمقهم من عائدات مهن بسيطة كالتجارة بالتجوال أو حراسة السيارات في الشوارع أو الخدمة في البيوت، دون عقود عمل ولا ضمان اجتماعي.

ويسيطر عليهم "الخوف" جراء الأزمة "عاجزين عن الحصول على غذاء كل يوم"، كما يقول عليوة الذي هو أيضا عضو مؤسس لجمعية مجموعة مناهضة العنصرية والدفاع عن حقوق الأجانب.

وتبقى فئة المهاجرين الراغبين بالعبور نحو ما يعتبرونه "الفردوس الأوروبي" الأكثر هشاشة. ويصل هؤلاء إلى المغرب بعد رحلة شاقة على أمل الانتقال نحو شواطئ إسبانيا على متن قوارب الهجرة غير النظامية، أو باختراق السياج المحيط بمدينتي سبتة ومليلية المحتلتين من طرف اسبانيا شمال المغرب.ورغم تراجع محاولات الهجرة غير القانونية منذ بدء الأزمة الصحية، إلا أنها لم تختف تماما.

وسجل وصول 986 مهاجرا إلى اسبانيا بين منتصف مارس وبداية مايو، مقابل 1295 خلال الفترة نفسها من العام الماضي، بحسب وزارة الداخلية الإسبانية.

وفضلا عن كونه محطة عبور، تحوّل المغرب تدريجيا إلى بلد إقامة بالنسبة لعدد من المهاجرين الجنوب صحراويين، الذين استفادوا على الخصوص من تسوية أوضاع 50 ألفا منهم منذ 2013، معظمهم من إفريقيا الغربية.

بينما يقدر عدد الموجودين في وضع غير نظامي بعدة آلاف.وسواء كانوا في وضع نظامي أو غير نظامي، فإنهم يعانون جميعا من المشاكل الناجمة عن الشلل الاقتصادي بسبب الأزمة الصحية، على حد تعبير أوسمانا با.

وتوضح المسؤولة في جمعية مجلس المهاجرين الجنوب صحراويين إيمي لوكاكي أن هؤلاء "في حيرة من أمرهم. فهم لا يملكون مدخرات ويعانون المتاعب، بينما كانوا يتدبرون أمرهم قبل الأزمة". ويفرض المغرب حجرا صحيا منذ 20 مارس مُدّد حتى 20 مايو، لمحاصرة الوباء. ويقضي بالحد من التنقلات إلا في حالات مرخص لها، وسط مراقبة صارمة. ويواجه المخالفون عقوبات بالحبس من شهر إلى ثلاثة أشهر مع غرامات أو إحدى العقوبتين.تعاون

ويصرف المغرب دعما ماليا شهريا للمتوقفين عن العمل بسبب تداعيات الأزمة الصحية في القطاعين المنظم وغير المنظم، في حين لم يعلن عن أية إجراءات بالنسبة للمهاجرين.ويأسف عليوة "لأن لا أحد في الحكومة تطرق لوضعهم على الرغم من كل ما بذله المغرب في سياسته حول الهجرة".

وتساهم مبادرات تضامنية تقوم بها جاليات المهاجرين والجمعيات المدنية وكنائس كاثوليكية، من تخفيف معاناة المهاجرين. لكن إمكانيات الجمعيات "تظل محدودة"، وفق ما يقول رئيس فيدرالية الجمعيات الجنوب صحراوية بالمغرب عبد اللاي ديوب.

ويشرف ديوب على توزيع مؤن غذائية على مواطنيه من المهاجرين السنغاليين، في بادرة تقوم بها أيضا جاليات أخرى للمهاجرين الجنوب صحراويين بمثلها.

وتقول الكونغولية إيواني مامبيا موريلين (40 عاما) التي ترأس المجموعة النسائية للنساء المهاجرات في المغرب "اليوم، نأكل أرزا، غدا معكرونة، بعد غد أرزا..".

وتضيف "ثم هناك الفواتير، الإيجارات التي تتكدس... ويبقى أن نعرف متى نعود الى الحياة العادية".