إيلاف من الرياض: شهد العالم حدثًا استثنائيًا حينما ظهر فيروس كورونا في نهاية شهر ديسمبر من العام الماضي في مدينة ووهان الصينية، بعدما أبلغ طبيب صيني يدعى لي وينليانغ ويعمل في مستشفى مقاطعة هوباي الصينية سلطات بلاده بوجود مرض يشبه مرض سارس " متلازمة الالتهاب التنفسي الحاد" وهو مرض تنفسيّ معد مميت، وظهر للمرة الأولى في الصين في عام 2002، وانتشر في جميع أنحاء العالم.

تأكدت حالات الإصابة الأولى بفيروس كورونا في سوق المأكولات البحرية في مدينة ووهان الصينية، فيما ارتفعت أعداد الإصابات بالعدوى بشكل كبير بحلول نهاية شهر ديسمبر من العام الماضي، في حين كان ينقل كل مريض العدوى إلى شخصين أو ثلاثة.

في نهاية الشهر نفسه، حذرت لجنة الصحة في ووهان المستشفيات المحلية من وجود التهاب رئوي غامض، وحققت السلطات الصينية في وجود 27 حالة التهاب، وأكدت وجود سبع حالات مصابة بشكل حرج، وأبلغت السلطات منظمة الصحة العالمية على الفور.

في التاسع من يناير أعلنت الصين عن جينوم فيروس كورونا، مؤكدةً علاقته بفيروس "سارس وميرس". وفي نهاية الشهر عينه أعلنت منظمة الصحة العالمية حالة طوارئ صحية عامة بسبب "كورونا"، وذلك بعد تسجيل 82 إصابة مؤكدة خارج الصين.

وفي الوقت الذي أصاب فيه الوباء أكثر من 43 ألفًا حول العالم، وأودى بحياة 1017 شخصًا أسمته منظمة الصحة العالمية باسمه الجديد COVID-19. وتسارعت وتيرة تطورات فيروس كورونا الذي أحاك العالم بخيوطه الغليظة خلال النصف الثاني من شهر يناير من العام الجاري، وسرعان ما تفشى، وأخذ يصعد بالمنحنى، ليدخل مرحلة الخطر، وبعد مرور الوقت انتشر الفيروس بشكل أكبر مما كان في الصين، لا سيما أن عدد الوفيات والإصابات به حول العالم تجاوز ما سجلته الصين.

أوروبيًا، سجلت القارة العجوز أولى الوفيات والإصابات في عدد من دولها جراء الوباء، حيث شهدت إيطاليا ارتفاعًا كبيرًا في معدل إصابات مواطنيها، وأصبحت من أكثر البلدان الأوروبية تضررًا، تليها إسبانيا وفرنسا في أرقام الضحايا، وأصبحت أوروبا القارة الثانية من حيث عدد الضحايا بعد آسيا، ووقتئذ أعلنت الصحة العالمية أن كورونا أسوأ أزمة صحية تواجه العالم، وصنفته بعدئذ كجائحة عالمية.

تعني الجائحة وباءً عالميًا ينتشر جغرافيًا بشكل أوسع، ويصبح أفراد العالم جميعهم معرّضين لتلك العدوى، وتؤثر على عدد كبير من الأشخاص، وتتكون عادة بسبب فيروس جديد،، انتشرت جائحة كورونا كالنار في الهشيم، واخترقت الحدود الجغرافية، ولم تبق ولم تذر.

دوليًا اتخذ الكثير من دول العالم إجراءات احترازية ووقائية للتصدي لفيروس كورونا، كإغلاق الحدود مع البلدان الأخرى وإيقاف الرحلات الدولية وإغلاق المطارات، إضافة إلى إغلاق المدارس والجامعات والمعابد الدينية وفرض حظر التجول وإغلاق المقاهي والمطاعم والمحال التجارية لكبح انتشاره.

من جهة أخرى، تحتدم المنافسة بين مختبرات دول العالم لنيل السبق في إيجاد لقاح حاسم للجائحة التي ألمّت بالعالم، مخلفة وراءها حصيلة وفيات ثقيلة تقدر بنحو ثلاثة مائة ألف وأكثر من أربعة ملايين عدد الإصابات المثخنة.

في المقابل، هناك مساحة من التساؤل الإنساني هي الأشد وطأة وإلحاحًا في الأذهان حول تداعيات أزمة كورونا، وهل سيعود العالم بعد الأزمة مثلما قبله وكيف سيصبح شكل العالم؟.

علم المستقبل
أشارت تنبؤات عدة إلى أن مراكز الأبحاث والتخطيط وشركات الأعمال قد تتجه بعد الأزمة الصحية إلى الاهتمام بعلم المستقبل الذي يعنى "بالمحتمل والممكن والمفضل من المستقبل، والأشياء ذات الاحتمالات القليلة، وفي الوقت عينه تمتلك تأثيرات كبيرة" للتباحث في الاحتمالات الآتية ذات التأثير البالغ على حياتنا لدراستها وتقديم خطط لإدارة الأزمات واتخاذ إجراءات استباقية بشكل سريع ومبكر لتفادي الأضرار.

نماذج عمل جديدة
ستظهر نماذج عمل جديدة غير معهودة، مثل الاكتفاء بالعمل عن بعد، الأمر الذي بدوره سيقلص عدد الإدارات والموظفين وساعات العمل.

وفي موازاة ذلك أبلغت شركة تويتر موظفيها بأنهم يمكنهم العمل من المنزل باستمرار حتى بعد انتهاء جائحة كورونا من دون الحاجة إلى الحضور إلى مقر الشركة، ما يمثل فرصة في ابتكار نموذج عمل جديد وتطبيق مفهوم التكنولوجيا الحديثة في التواصل وإدارة الفريق عن بعد ومتابعة الأهداف، إضافة إلى تخلي الكثير من الشركات عن عقد الاجتماعات أو المؤتمرات، وستتحول تلك الفعاليات أو المؤتمرات إلى اجتماعات افتراضية يحضرها العشرات، بل المئات عن طريق الانترنت.

التعليم عن بعد
من جهة أخرى، سيتجه التعليم في المدارس والجامعات بكل مستوياته وأشكاله إلى تبني نظام حديث، وهو التعليم عن بعد، وسيتمكن الطالب من حضور مقرراته الدراسية أو الدورات في منزله بأسلوب عصري يحاكي التكنولوجيا.

الأتمتة
ستظهر نماذج عمل حديثة تؤدي إلى فقدان الكثير من الأشخاص وظائفهم بسبب الأتمتة "استخدام الحاسب الألي والأجهزة التي تعتمد على المعالجات والبرمجيات التي تؤمن سير العمل بشكل آلي دقيق بأقل خطأ ممكن". في هذه الأثناء ستلجأ الحكومات إلى تطوير البنية التحتية التي تدعم وسائل الاتصال الحديثة لسرعة نقل البيانات. من جهة أخرى سيتخلى الكثير عن الدفع النقدي لمصلحة الدفع عبر الإنترنت والتقليل من استخدام العملات الورقية.