واشنطن: نددت روسيا الخميس بـ"الضربة" التي وجهها انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية "الأجواء المفتوحة" لأمن القارة الأوروبية.

ونقلت وكالات روسية عن نائب وزير الخارجية ألكسندر غروشكو أنّ "انسحاب الولايات المتحدة من هذه الاتفاقية لا يعني فقط توجيه ضربة إلى أسس الأمن الأوروبي وإنما ايضاً إلى أدوات الأمن العسكري القائمة وإلى المصالح الأمنية الأساسية لحلفاء الولايات المتحدة أنفسهم".

وكررت الولايات المتحدة اتهاماتها لروسيا بانتهاك الاتفاقية. وفي آذار/مارس، قال وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر خلال جلسة استماع في الكونغرس "إنّهم يخدعون منذ سنوات".

بدوره، قال المسؤول الروسي إن الاتفاقية "ليست ثنائية بل متعددة الأطراف. وإنّ قراراً مفاجئاً إلى هذا الحد سيؤثر على مصالح كل الأطراف بلا استثناء".

وأضاف "لم يكن ثمة شيء يمنع من مواصلة النقاش بشأن المسائل التقنية التي تقدّمها الولايات المتحدة حالياً على أنّها انتهاكات مزعومة من قبل روسيا"، متهما واشنطن بأنّها قوضت "الأداة التي خدمت مصالح الحفاظ على السلم والأمن في اوروبا خلال آخر 20 عاما".

وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب الخميس انسحاب بلاده من اتفاقية "الأجواء المفتوحة" مع روسيا، ثالث معاهدة لضبط التسلّح يلغيها سيّد البيت الأبيض منذ وصوله إلى السلطة.

وقال الرئيس الأميركي إن موسكو لم تفِ بالتزاماتها الواردة في الاتفاقية التي مرّ عليها 18 عاما وصُمّمت لتعزيز الشفافية العسكرية والثقة بين القوى الكبرى.

وقال ترمب للصحافيين في البيت الأبيض إن "روسيا لم تلتزم بالمعاهدة. ولذا، سننسحب إلى أن يلتزموا".

وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" ذكرت أن ترمب يخطط لإبلاغ موسكو بالخطوة الجمعة، وأن القرار قد يشكّل تمهيدا لانسحاب واشنطن من معاهدة "ستارت الجديدة" التي تحد عدد الصواريخ النووية التي يمكن لكل من الولايات المتحدة وروسيا نشرها.

وتسمح اتفاقية "الأجواء المفتوحة" بين روسيا والولايات المتحدة و32 دولة أخرى، معظمها منضوية في حلف الأطلسي، لجيش بلد عضو فيها بتنفيذ عدد محدد من الرحلات الاستطلاعية فوق بلد عضو آخر بعد وقت قصير من إبلاغه بالأمر.

ويمكن للطائرة مسح الأراضي تحتها، وجمع المعلومات والصور للمنشآت والأنشطة العسكرية.

وتكمن الفكرة في أنه كلما عرف الجيشان المتنافسان معلومات أكثر عن بعضهما البعض، قل احتمال الصراع بينهما.

لكن الجانبين يستخدمان الرحلات الجوية لفحص نقاط ضعف الخصم.

وتشعر الولايات المتحدة بالامتعاض لأن روسيا لن تسمح برحلات جوية أميركية فوق المناطق التي تعتقد واشنطن أن موسكو تنشر فيها أسلحة نووية متوسطة المدى تهدد أوروبا.

وقال المتحدّث باسم وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) جوناثان هوفمان إن روسيا "تنتهك بشكل صارخ ومتواصل التزاماتها" الواردة في الاتفاقية.

وأضاف "تطبّق موسكو المعاهدة بأساليب تساهم في تهديد الولايات المتحدة والحلفاء والشركاء عسكريا".

وأشار إلى رفض روسيا السماح بتحليق الطائرات فوق مناطق حيث تعتقد واشنطن أن موسكو تنشر أسلحة نووية متوسطة المدى، بما فيها مدينة كالينينغراد المطلة على بحر البلطيق وبالقرب من جورجيا.

ومنعت موسكو العام الماضي رحلات كان من المقرر أن تراقب مناورات عسكرية روسية، وهو أمر تسمح به المعاهدة عادة.

وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن ترمب كان غير راض أيضا بشأن رحلة روسية فوق منتجعه للغولف في بيدمينستر في نيو جيرسي قبل ثلاث سنوات.

وقال هوفمان "في حقبة المنافسة بين القوى العظمى هذه، نسعى للدفاع عن اتفاقيات تصب في مصلحة كافة الأطراف وتشمل شركاءنا الذين يلتزمون بمسؤولية بتعهّداتهم".

ومنذ وصوله إلى السلطة في كانون الثاني/يناير 2017، انسحب ترمب من اتفاقيتي تسليح أساسيتين أخريين -- الاتفاق النووي الذي أبرم مع إيران في 2015 لمنعها من تطوير برنامجها للأسلحة النووية، ومعاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى مع روسيا التي تعود إلى العام 1988.

واتّهم ترمب في الحالتين الطرف الآخر بانتهاك الاتفاقية.