أسامة مهدي: أعلن الرئيس العراقي برهم صالح ان اثار وباء كورونا قد زاد من عدد العراقيين الرازحين تحت خط الفقر من 20% إلى نحو 40% حالياً محذراً من أن ذلك سيكون محفزاً لاضطراب اجتماعي متجدد وأعمال عنف وإرهاب تهدد مؤسسات الدولة، مطالباً بدعم دولي لإعادة الهيكلة الاقتصادية للبلاد ودعمها لإنجاز ميزانيتها الاستثمارية.

وقال الرئيس صالح خلال مشاركته في اجتماع القمة بشأن تمويل التنمية المستدامة لمواجهة تداعيات فيروس كوفيد-19بناءً على دعوة من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو كوتيريس ومشاركة عدد من قادة العالم في كلمة عبر دائرة تلفزيونية تابعتها "إيلاف" مساء أمس "إن تبادل الأفكار وإيجاد الحلول للتنمية المستدامة في عصر فيروس كورونا هو أمر بالغ الأهمية للعالم في الوقت الذي يواجه فيه هذه الجائحة والدمار الاقتصادي والاجتماعي الذي خلفته".

تأثير كورونا محلي لكن أزمته عالمية

وأشار إلى أن البعض يميل إلى النظر داخلياً وترك كل دولة تحل المشكلة لوحدها لكنه رغم أنَّ تأثير الفيروس هو محلي لكن الأزمة هي أزمة عالمية ولذا فهي بحاجة إلى استجابة دولية".

وحذر من أن "التحديات التي نواجهها كمجتمع دولي هي تحديات ضخمة وطارئة؛ وبالأخص في الشرق الأوسط والدول النامية، حيث تأثيرات الفيروس يمكن أن تمتد لفترات أطول وتكون لها أضرار أكثر لأنَّها أثقلت البنية التحتية الصحية". مستدركاً بالقول "لكن يمكن تذليل تلك التحديات إن بذلنا جهوداً موحدة ومتضافرة. فقد يميل البعض إلى النظر داخلياً، وترك كل دولة تحل المشكلة لوحدها. رغم أنَّ تأثير الفيروس هو محلي، لكن الأزمة هي أزمة عالمية ولذا فهي بحاجة إلى استجابة دولية. فنحن بحاجة إلى التوحد في التزامنا بمواجهة انتشار كوفيد-19 وبإيجاد لقاح وباسترداد تعافينا الاقتصادي".

عدد من زعماء العالم المشاركين في قمة تمويل التنمية المستدامة

كورونا ضاعف نسبة العراقيين تحت خط الفقر

وأضاف الرئيس صالح أن العراق يسعى بإلحاح الى رسم مسار للخروج من الأزمة الحالية. والإجراءات التي اتخذناها للحد من انتشار الفيروس ضمن حدودنا ناجحة نسبياً لحد الآن لكن على الرغم من ذلك، شعرنا بقوة التأثيرات الاقتصادية لهذا الوباء.

وأوضح أن متطلبات التباعد الاجتماعي قد أوقفت العديد من قطاعات الاقتصاد ووفقاً لتقديرات البنك الدولي فقد ارتفع عدد العراقيين الرازحين تحت خط الفقر من أقل من 20% في نهاية عام 2019 إلى نحو 40%. حاليا.

صدمات

وتابع أن العراق قد تعرض لصدمات متعددة: كانهيار الطلب المحلي بسبب القيود المفروضة لمكافحة كوفيد-19، والانخفاض الحاد في أسعار النفط منذ مارس ومؤخراً التخفيض الكبير في إنتاج العراق للنفط بحوالي 23% كجزء من اتفاقية أوبك+ في ابريل. إنَّ اعتمادنا على واردات النفط يعني أنَّ واردات ميزانيتنا قد انخفضت بـما يزيد عن 70% بالمقارنة بمستويات ما قبل الأزمة، الأمر الذي يرغمنا على اتخاذ تدابير طارئة لتغطية المصاريف الاساسية.

وأضاف أن العراق قد يحتاج كنتيجة حتمية إلى التقنين من الانفاق "ولكن حتى مع هذا فقد نواجه احتمالية عجز كبير بالموازنة هذا العام؛ الامر الذي سيستلزم تمويله السحب من الاحتياطات وزيادة الدين وبشكل عام، من المتوقع أن يتقلص اقتصادنا بحوالي 10% خلال عام 2020، مع احتمالية متوقَعة للانتعاش في العام 2021".

لصبر العراقيين حدود

وبين الرئيس العراقي ان كل هذا يأتي في "وقت حساس للعراق فنحن ما زلنا بلداً يمر في مرحلة التعافي. لقد تجاوزنا حرب أهلية والعنف والإرهاب الذي مارسه ما يدعى بتنظيم الدولة الإسلامية، لكن جهودنا لإعادة البناء ما زالت هشة، فالمظاهرات الشعبية في الخريف والشتاء الماضيين، والضحايا الذين سقطوا بطريقة مأساوية، تعتبر كتذكير صارخ بأن صبر الشعب العراقي له حدود".

وقال ان "الناس على استعداد للتضحية بحياتهم من أجل مستقبل أفضل وأكثر ازدهاراً وتتلخص مهمتنا، كقادة، في تلبية تلك التطلعات. وهذه ليست مهمة سهلة. وكنبذة عامة، يبلغ نحو 350 ألف شخص في كل عام سن العمل، ولكن يعاني الكثير منهم جراء عدم التمكن من إيجاد الوظائف وتحاول الحكومة توظيف بعضهم، لكنها بهذا تعمق المشاكل المالية على المدى الطويل في البلاد".

طريق شاق وطويل

واشار إلى أنَّ تحقيق مستقبل أكثر ازدهاراً ومعالجة مواطن ضعف الاقتصاد العراقي هي وعود قدمتها الحكومة الجديدة لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في برنامجها. حيث التزمت ببدء عملية الإصلاح الهيكلي بالعراق: تعزيز دور القطاع الخاص والقضاء على الفساد وترسيخ سيادة القانون وتقوية مؤسساتنا بإعادة هيكلة وتنشيط قطاعنا العام وباستخدام مواردنا الطبيعية الوفيرة بشكل أكثر إنتاجية.

وقال "إننا ندرك تماماً بأن الطريق أمامنا سيكون طويلاً وشاقاً، لكن لا يوجد لدينا خيار سوى المثابرة والانتصار، وعلينا أن نتصرف بإحساس عالٍ بحراجة الموقف وبعطف وحزم لإحراز نتائج إيجابية، وإلا فإننا سنخذل شعبنا وخاصة شبابنا".

دعوة لدعم دولي

وحذر الرئيس صالح من العراق لا يمكنه ان يأمل النجاح "من دون تعاون المجتمع الدولي، بما في ذلك المؤسسات المالية الدولية والشركاء. فالأزمات المالية وأزمات السيولة التي نواجهها تصعِّب من تحقيق تمويلنا الأساسي والتزاماتنا تجاه الديون. نأمل بأنَّ المجتمع الدولي سيدعم هذه الجهود، بما في ذلك مساعدتنا بإعادة الهيكلة الاقتصادية ودعمنا في تحقيق ميزانيتنا الاستثمارية وهي جهود مهمة لبناء البنية التحتية والحفاظ على الخدمات الأساسية وخلق فرص العمل".

وأوضح أنه بالنسبة للدول النامية، مثل العراق، التي تواجه هذه التحديات؛ فإنَّ إمكانية توظيف وسائل سريعة تساعدنا في ضمان السيولة المحلية وإمكانية حصول القطاع الخاص على قروض بما يخفف من عبء الدين المباشر على الدولة هي وسائل مهمة إن أردنا ضمان عدم تمكين الأزمة الحالية من تقييدنا والحد من قدرتنا على تفعيل الإصلاح المطلوب بشدة على المدى البعيد.

وأكد أن العراق "بحاجة إلى آليات انتقالية لسد الهوّة بما يمكننا من التطبيق الفوري لسياسات تحفيز مالية تخرجنا من الدوائر المغلقة لغرض تمكين استقرار شؤوننا المالية وإقتصادنا كي نتمكن من مجابهة تأثيرات كوفيد-19، وبعدها يمكننا استخدامها كمنصة للقيام بإختيارات صرف أذكى بالمستقبل بما سيحفز النمو الاقتصادي".

وأشار في الختام إلى أن الإستدامة والقدرة على مقاومة التأثيرات هما عاملان رئيسيان لبناء غد أفضل لكافة العراقيين. "وعلينا ضمان حدوث النمو والتطور الاقتصادي وبعدم السماح لهذه الأزمة بأن تتحول إلى خيار بين حياة الناس وموارد معيشتهم أو أن تصبح محفزاً لاضطراب اجتماعي متجدد أو عنف وإرهاب يهدد مؤسسات الدولة لكن علينا أولاً أن نؤسس لركائز ثابتة كي نبني عليها ونحن نتطلع إلى هذا المنتدى لمناقشة الأفكار والمبادرات التي ستساعدنا في تحقيق ذلك".

وجاءت كلمة الرئيس صالح في وقت يواجه فيه العراق حاليا موجة ثانية من تفشي فيروس كورونا حيث بلغت آخر حصيلة للاصابات والوفيات امس تسجيل 6 وفيات و287 إصابة خلال الاربع والعشرين ساعة الماضية.

وأشارت وزارة الصحة إلى أن مجموع الإصابات بالفيروس قد ارتفع إلى 5135 حالة وحالات الشفاء إلى 2904 وعدد الراقدين الكلي في المستشفيات إلى 2056 والراقدين في العناية المركزة إلى 41 حالة ومجموع الوفيات إلى 175 وفاة منذ ظهور الوباء في البلاد في 24 فبراير الماضي.