واشنطن: وضع موقع "تويتر" إشارة "تمجيد للعنف" على تغريدة نشرها الرئيس الأميركي بشأن أحداث مينيابوليس، غداة توقيع دونالد ترامب الخميس أمراً تنفيذياً يهدف الى الحد من الحصانة القانونية التي تتمتع بها مواقع التواصل الاجتماعي لجهة الرقابة التي تمارسها على المحتوى.

جاء في تغريدة ترمب "تكلمت لتو مع الحاكم تيم وولز وقلت له إن الجيش سيكون الى جانبه. عند أي مشكلة، عندما تبدأ عمليات السطو، يبدأ إطلاق النار. شكرا!".

يمكن تأويل هذه الرسالة بأنها تحريض لقوات الأمن على استعمال أسلحتها. وقد أخفى موقع "تويتر" التغريدة، مع الإبقاء على إمكانية قراءتها عند الضغط عليها. وأعلن في بيان "هذه التغريدة انتهكت قواعد تويتر بشأن تمجيد العنف. لكن تويتر قرّر أنه قد يكون من مصلحة الجمهور أن تظل التغريدة متاحة".

ليست هذه المرة الأولى التي يضع فيها الموقع إشارات تحذيرية لسيد البيت الأبيض، فقد وضع الثلاثاء على تغريدتين له تنبيها موجّها الى القراء وفيه "تحقّق من الوقائع".

قال الرئيس الأميركي من المكتب البيضاوي الخميس أثناء توقيعه الأمر التنفيذي الذي يُتوقع أن يكون محور نزاع قضائي "نحن هنا للدفاع عن حرية التعبير في مواجهة أحد أسوأ المخاطر على الإطلاق"، وذلك في إشارة إلى ما اعتبره "الاحتكار" الذي تمارسه الشركات الكبرى المالكة لمواقع التواصل الاجتماعي.

أضاف أن تلك الشركات "لديها سلطة مطلقة في حجب، وتحرير، وإخفاء أو تغيير جميع أشكال التواصل بين الأفراد وشرائح واسعة من الجمهور".

ترمب نشط جدا على مواقع التواصل الاجتماعي التي يعلن منها باستمرار مواقف سياسية، ويشنّ هجمات شخصية، وينشر نظريات مؤامرة وتصريحات انتخابية. ويدين ترامب منذ وقت طويل ما يعتبره انحيازا إيديولوجيا وسياسيا لعمالقة وادي السيليكون. ولم يهدأ ترمب منذ أن وسم موقع تويتر المفضل لديه تغريدتيه بتحذيرين.

صار وضع الإشارات التحذيرية أمرا شائعا على التغريدات الخادعة أو الخطيرة، لكنّها المرة الأولى التي تشمل ترمب نفسه. وباسم حرية التعبير، قرّر الرئيس الأميركي "الانتقام" بحسب البعض، عبر مهاجمة البند 230 الشهير من "قانون آداب الاتصالات".

يمثل هذا القانون حجر زاوية في تنظيم شبكة الإنترنت الأميركي، وهو يمنح خصوصا شركات "فايسبوك" و"تويتر" و"يوتيوب" (غوغل) حصانة من أي تتبع قانوني مرتبط بالمحتوى الذي تنشره جهات ثالثة، ويمنحها حرية التدخل في سير منصاتها.

عقاب
يهدف الأمر التنفيذي إلى تغيير مجال تطبيق القانون الصادر عام 1996، ويؤكد أن الحصانة لا يمكن أن تشمل من يمارس "حجب بعض وجهات النظر".

يضيف نصّ الأمر "عندما تحجب شبكات اجتماعية نافذة آراء (...)، فإنها تتوقف عن العمل كمنتديات محايدة. يجب اعتبارها صانعة محتوى والتعامل معها على ذلك الأساس".

واعتبر السناتور الديموقراطي رون وايدن أن ترامب يريد "ترهيب" شبكات التواصل الاجتماعي. وقال إنه يهاجم البند 230 "لأنه يحمي حقّ الشركات في منع نشر أكاذيب".

واعتبر "الاتحاد الأميركي للحريات المدنية"، وهو منظمة غير حكومية، أن الأمر التنفيذي يشمل "تهديدا صارخا ومناقضا للدستور لمعاقبة المنصات التي تثير استياء الرئيس".

يليق بـ"الأنظمة الاستبدادية"
لم ترغب شركة "تويتر" بالتعليق، لكن مات شرورز، رئيس جمعية صناعة الكمبيوتر والاتصالات، وهي جماعة ضغط لصالح قطاع التكنولوجيا، اعتبر أن هذا النوع من "الانتقام" يليق بـ"بالأنظمة الاستبدادية الأجنبية أكثر من الولايات المتحدة".

ويستعر منذ أشهر النقاش حول الحصانة التي تتمتع بها تلك المنصات، ويتجاوز بكثير الخلاف بين دونالد ترمب وتويتر. فقد برزت أصوات من اليمين واليسار منذ بضعة أعوام لإجبار شبكات التواصل الاجتماعي على تحمل مسؤولية أكبر والتدقيق في المحتوى الذي ينشر عليها.

ومنذ محاولات التلاعب بالانتخابات الأميركية عام 2016، استثمرت فيسبوك وتويتر بشكل مكثّف في مكافحة المعلومات المضلّلة.

يندرج ما قام به موقع تويتر في هذا الإطار، إذ حضّ مستعمليه على التحقّق من الوقائع الواردة في تغريدة ترامب التي أكد فيها أن التصويت عبر البريد يشمل بالضرورة "غشّا" لأنه عرضة للتلاعب.

تحظى المسألة بحساسية خاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية المقررة في الثالث من نوفمبر، إذ قد يؤدي فيروس كورونا المستجد إلى تغيير طريقة تنظيمها.

حجب باسم الحجب؟
قال مؤسس ومدير شركة فايسبوك مارك زاكربرغ لتلفزيون "فوكس نيوز" الخميس إنه يعتبر أن منصات التواصل لا يجب أن تكون "حكما على حقيقة على كل ما يقوله الناس على الانترنت". لكن "الحكومة التي تختار حجب منصّة لأنها قلقة من موضوع الحجب لا يبدو لي أنها تقوم برد الفعل الصحيح". أثار التعامل مع المسألة عبر أمر تنفيذي سخطا.

وقالت غرفة التجارة الأميركية "مهما كانت الملابسات، لا تدار السياسة العامة بهذا الشكل". وأضافت "الأمر التنفيذي لا يمكن أن يغيّر القانون الفدرالي".

ولدى سؤاله عن احتمال أن يقفل حسابه، أجاب دونالد ترمب الذي يتابعه 80 مليون شخص على تويتر مهاجما وسائل الإعلام، قائلا "لو كانت لدينا صحافة نزيهة في هذا البلد، لفعلت ذلك في ثانية".