واشنطن: أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أنه أمر بنشر "آلاف الجنود المدجّجين بالأسلحة" في واشنطن لفرض الأمن والنظام فيها واصفاً أعمال الشغب التي تشهدها منذ أيام عدة عشرات المدن الأميركية بأنّها "إرهاب داخلي"، وذلك بعيد صدور تقرير لأطباء شرعيين كلّفتهم عائلة جورج فلويد تشريح جثته خلص إلى أن الأميركي الأسود الذي توفي خلال توقيفه على يد شرطي أبيض الإثنين الفائت قضى اختناقاً.

وفي خطاب وجّهه إلى الأمة من البيت الأبيض أعلن ترمب أنه دعا حكّام الولايات لأخذ الإجراءات اللازمة "للسيطرة على الشوارع".

واستخدمت قوات الأمن الأميركية قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق متظاهرين احتشدوا أمام البيت الأبيض مساء الإثنين أثناء إدلاء الرئيس بخطابه.

وأفاد مراسلو وكالة فرانس برس أنّ الشرطة أطلقت الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين في وقت كان فيه الرئيس يلقي خطاباً إلى الأمة من حديقة الورود في البيت الأبيض

أعلن الطبيب الشرعي الرسمي المسؤول عن تشريح جثة جورج فلويد أن الأخير قضى "قتلا" بعدما أصيب بـ"سكتة قلبية" جراء "الضغط على عنقه" من قبل عناصر الشرطة وقد كان تحت تأثير مخدّر أفيوني قوي.

وقال الطبيب الشرعي في مقاطعة هينبن في بيان إنّ فلويد "أصيب بسكتة قلبية-رئوية" بسبب تثبيته أرضاً من قبل رجال الشرطة الذين ألقوا بثقلهم عليهم، مشيراً إلى أنّه كان حين فارق الحياة تحت تأثير مسكّن فنتانيال، وهو من الأفيونيات القوية.

وفي بيانه لفت الطبيب الشرعي إلى أن المتوفّي كانت لديه "عوامل مهمّة أخرى: تصلّب في الشرايين وارتفاع في ضغط الدم، تسمّم بالفنتانيل، تناول أمفيتامينات أخيراً". وكان الطبيب الشرعي الرسمي أكّد لغاية هذا البيان أنّه ليست لديه "أدلّة مادية تدعم تشخيص وفاة ناجمة عن صدمة اختناق أو خنق".

وفي تقرير أوّلي قال الطبيب الشرعي إنّ "التأثير المشترك لاعتقال الشرطة فلويد وتثبيتها إياه وتاريخه الطبي واحتمال وجود مواد ذات تأثيرات نفسانية في جسده ربّما أسهم في وفاته".

نشر الطبيب الشرعي تقريره النهائي بعدما أعلن محامي عائلة جورج فلويد أنّ فريق أطباء شرعيين كلّفتهم العائلة تشريح جثّة الراحل خلص إلى أنّ وفاته لم تنجم من مشاكل في القلب، بل توفي اختناقاً من جراء تعرّضه إلى "ضغط قوي ومطوّل".

وقال المحامي بن كرامب إنّ "أطبّاء مستقلّين أجروا تشريحاً لجثّة فلويد الأحد خلصوا إلى أن الوفاة نجمت من اختناق من جرّاء ضغط مطوّل". وكشفت أليسيا ولسون، مديرة التشريح والعلوم الجنائية في جامعة ميشيغن أنها عاينت جثة فلويد. وقالت في مؤتمر صحافي إن "الأدلة تتوافق مع الاختناق الميكانيكي سببا للوفاة، والقتل طريقة للوفاة".

وأوقف الشرطي ديريك شوفين الجمعة ووجّهت إليه تهمة القتل غير العمد بناء على نتائج تشريح أولي أظهر أن فلويد لم يقضِ اختناقا بل "جراء مشاكل صحية كان يعاني منها، لا سيّما مرض الشريان التاجي وأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم".

وبعيد صدور نتائج فريق الأطباء الشرعيين، أعلن الطبيب الشرعي الرسمي المسؤول عن تشريح جثة فلويد أن الأخير قضى "قتلا" جراء "الضغط" على عنقه من قبل الشرطيين.

لكنه أشار أيضا إلى أن فلويد أصيب بـ"سكتة قلبية" وكان تحت تأثير مسكّن فنتانيال، وهو من الأفيونيات القوية.

- حظر تجول في نيويورك -

وفرض رئيس بلدية نيويورك بيل دي بلاسيو حظر تجول ليليا في المدينة اعتبارا من الإثنين بسبب أعمال الشغب.

وأعلنت رئيسة بلدية العاصمة الأميركية واشنطن ميوريل باوزر الإثنين تمديد ساعات حظر التجول المفروض في المدينة بسبب استمرار الاضطرابات.

وقتل شخص في لويفيل، كبرى مدن ولاية كنتاكي.

وأعلن قائد الشرطة أن عناصره وقوات الحرس الوطني "ردوا على إطلاق نار" تعرضوا له خلال تفريق حشود في مرأب للسيارات.

وأفادت صحيفة "لويفيل كورير جورنال" بان القتيل هو ديفيد مكاتي، وهو مالك محل شواء.

والإثنين أعلن رئيس بلدية لويفيل غريغ فيشر إقالة قائد الشرطة بسبب عدم توثيق العناصر الواقعة بالفيديو.

ومن نيويورك إلى لوس أنجليس مرورا بفيلادلفيا وسياتل، تظاهر مئات آلاف الأميركيين السبت والاحد ضد العنف الممارس من قبل الشرطة واللامساواة، التي فاقمتها جائحة كوفيد-19

وخلال النهار بقيت الاحتجاجات سلمية بغالبيتها، لكن مواجهات عنيفة سجّلت ليلا تخلّلها إشعال حرائق وعمليات نهب وتخريب واسعة النطاق.

وأثارت وفاة جورج فلويد، الأميركي الأسود البالغ 46 عاما والذي قضى خلال توقيفه على يد شرطي أبيض في ولاية مينيسوتا في 25 مايو موجة الاحتجاجات العنيفة.

وفي منطقة سانت بول في مينيسوتا، قالت منى عبدي، وهي متظاهرة سوداء تبلغ 31 عاما، لوكالة فرانس برس "لدينا أبناء سود، وأشقاء سود وأصدقاء سود، ولا نريد أن يموتوا. لقد سئمنا من تكرار هذا الأمر، هذا الجيل لن يسمح بذلك. لقد ضقنا ذرعا من القمع".

وكان من المقرر أن يمثل شوفين الذي وجّهت إليه تهمة القتل غير العمد أمام المحكمة الإثنين، لكن الجلسة أرجئت إلى الثامن من يونيو.

ولم يسهم طرد الشرطي ديريك شوفين الذي ضغط بركبته على عنق فلويد حتى الموت من الخدمة وتوقيفه لاحقا وتوجيه تهمة القتل غير العمد إليه في تهدئة النفوس، لا بل اتّسعت رقعة الاحتجاجات إلى 140 مدينة أميركية على الأقل.

ونشرت قوات الحرس الوطني في أكثر من عشرين مدينة كبرى لمؤازرة شرطة مكافحة الشغب في المواجهات مع المتظاهرين والمخربين، وسط توترات غير مسبوقة منذ تسعينيات القرن الماضي.

- أعيرة مطاطية -

واستخدمت أجهزة الأمن المدرّعات المخصّصة لنقل العناصر والغاز المسيل للدموع والأعيرة المطاطية.

وفرض حظر تجول في مدن شيكاغو ودنفر ولوس أنجليس وسولت ليك سيتي وكليفلاند ودالاس وإنديانابوليس.

وكان الرئيس الأميركي اتهم اليسار المتطرّف بإثارة أعمال العنف التي شملت النهب وإشعال الحرائق. وقال ترمب الذي دان مرات عدة الموت "المفجع" لجورج فلويد، إن المتظاهرين يلحقون العار بذكرى الرجل.

واعتبر ترمب أن من يقف وراء ذلك مجموعات منظمة، وبخاصة حركة "انتيفا" اليسارية المتطرفة والتي يعتزم معاقبتها.

وحضّ الإثنين حكام الولايات على التشدد، معتبرا أنه "يجب علينا ألا نسمح لمجموعة صغيرة من المجرمين والمخربين بتدمير مدننا".

واتّهم ترمب خصمه الديموقراطي جو بايدن بالعمل على إخراج مثيري الشغب من السجون، بعدما أوقفت قوات الأمن آلاف الأشخاص.

وندد بايدن الإثنين بنهج ترمب ومشاكل العنصرية واللامساواة التي تنخر الولايات المتحدة، وذلك خلال لقائه مسؤولين دينيين وسياسيين سودا في ديلاوير. ويعتمد بايدن على هذه الشريحة من الناخبين للفوز بالرئاسة في 3 نوفمبر.

ومساء الاحد سجلت عمليات نهب في فيلادلفيا ونيويورك، وفي مركز ونُظّمت تظاهرات في ميامي ونيويورك أُطلقت خلالها شعارات "أرواح السود لها قيمة"، و"أعجز عن التنفس" (الكلمات الأخيرة التي قالها فلويد).