مينيابوليس: أعلنت السلطات الأميركية الأربعاء أن رجال الشرطة الأربعة الذين أوقفوا جورج فلويد في مينيابوليس أصبحوا ملاحقين قضائيا، بينما أعيد توصيف موته بـ"الجريمة"، كما كان يطالب مئات الآلاف من الأميركيين الذين يتظاهرون منذ الأسبوع الماضي.

تواصلت التظاهرات التي رافقتها في بعض الأحيان أعمال نهب وشغب في الأيام الأخيرة، في عدد من المدن الأربعاء من دون أن يسجل فلتان كبير. وبعد مشاهد عنف، هدد الرئيس دونالد ترمب الإثنين بنشر الجيش "لتسوية المشكلة بسرعة"، في تصريحات دانتها المعارضة على الفور.

في اختلاف واضح عن موقف الرئيس ترمب، صرح وزير الدفاع الأميركي مارك اسبر شخصيًا الأربعاء أنه يعارض فكرة نشر الجنود في المدن الكبيرة. وقال "لا أؤيد مرسوم حالة العصيان" الذي يسمح بهذا الإجراء.

من جهته، اتهم وزير الدفاع السابق جيمس ماتيس الذي قدم استقالته من إدارة ترمب في وقت سابق، الرئيس بـ"تقسيم" أميركا. وكتب الجنرال السابق في مشاة البحرية الأميركية "دونالد ترمب هو أول رئيس في حياتي لا يحاول توحيد الأميركيين، بل إنه حتّى لا يتظاهر بأنّه يحاول فعل ذلك"، مضيفا "بدلاً من ذلك، هو يحاول تقسيمنا".

رد ترمب على الفور في تغريدة على تويتر، واصفا ماتيس بأنه "الجنرال الذي لقي أكبر تقدير مبالغ فيه في العالم". وكتب ترمب "ربما كان الشيء الوحيد المشترك بيننا وبين (الرئيس السابق) باراك أوباما هو أننا تشرفنا بطرد جيم ماتيس الجنرال الذي لقي أكبر تقدير مبالغ فيه في العالم". وكان أوباما اقال ماتيس من قيادة القيادة المركزية في 2013 بسبب مواقفه البالغة التشدد حيال إيران.

عنصرية مؤسسية
قد تسمح الاتهامات الجديدة في إطار التحقيق في موت جورج فلويد بطبيعتها بتهدئة الاحتجاجات في الشارع. وكان ديريك شوفن الشرطي الذي وضع ركبته لأكثر من ثماني دقائق على رقبة الرجل الأربعيني في 25 مايو متسببا بموته اختناقا، اتهم أول بالقتل غير العمد.

وأعيدت صياغة الاتهامات الموجهة إليه الأربعاء لتصبح "القتل عن غير سابق تصميم" وهي أخطر ويعاقب عليها القانون بالسجن أربعين عاما. ويلاحق الشرطيون الثلاثة الآخرون بتهمة التواطؤ، وجميعهم موقوفون ما يثير ارتياح عائلة فلويد. وكانت هذه الملاحقات في صلب مطالب المتظاهرين الذين يعبرون عن غضبهم في جميع أنحاء البلاد.

قال الأميركي الأسود براين كارتر (29 عاما) الذي التقته وكالة فرانس برس في واحدة من التظاهرات التي نظمت في نيويورك إن "المشكلة هي أننا اضطررنا لننزل إلى الشوارع ولنقطع الجسور والطرق السريعة لتحقيق العدالة".

اضاف "إذا قامت مجموعة من أربعة من السود بقتل شخص أبيض فسيتم توقيفها فورا. لكن الأمر لا يجري بهذا الشكل بالنسبة الينا".

ورأى حاكم ولاية مينيسوتا أن اتهام الشرطيين الأربعة يشكل فرصة "لمعالجة مشكلة العنصرية المؤسسية والإفلات من العقاب"، اللذين أديا إلى موت جورج فلويد. واضاف "إنها على الأرجح فرصتنا الأخيرة لمعالجة الأمر كدولة وكأمة".

من جهته، رحب الرئيس الأميركي باراك أوباما "بتغيير العقلية الجاري" الذي يمكن أن يؤدي إلى إصلاحات على المستوى الوطني، برأيه. وقال أوباما في لقاء عبر الفيديو مع ناشطين "تذكروا أن هذا البلد تأسس على حركة احتجاج كان اسمها الثورة الأميركية".

أكثر من عشرة آلاف موقوف
في عشرات المدن الأميركية، خرج آلاف المتظاهرين مرة أخرى إلى الشوارع الأربعاء، بعضهم مصممون على تحدي حظر التجول مجددا. وقد أوقف عشرات الأشخاص في بروكلين ومانهاتن لعدم احترام الأوقات التي حددها القانون.

لكن تم تحفيف مواعيد منع التجول في واشنطن ولوس أنجليس، حيث يفترض أن يرفع في اعتبارا من الخميس، إذا كانت الليلة هادئة. وقد تم تطبيق ذلك الأربعاء في سياتل (شمال غرب).

في لوس أنجليس، وافق رئيس البلدية إيريك غارسيتي على أحد المطالب الرئيسة لحركة "حياة السود تهم" التي تنظم الاحتجاجات وهو تخفيض ميزانية الشرطة للاستثمار في البرامج الاجتماعية والتعليمية للمجتمعات السوداء.

وتخلى رئيس البلدية الديموقراطي عن زيادة ميزانية الشرطة في العام المقبل، وقرر تخصيص 250 مليون دولار لمثل هذه البرامج. وفي واشنطن، تم نشر قوة كبيرة من الشرطة مرة أخرى لمنع الوصول إلى البيت الأبيض، وإن كانت السلطات ذكرت أنها تتوقع تجمعات سلمية.

كان تم مساء الاثنين إخلاء محيط البيت الأبيض بالقوة للسماح لدونالد ترمب بالخروج في الشارع والتقاط صورة له حاملا الكتاب المقدس أمام الكنيسة الصغيرة التي تقع مقابل مقر الرئاسة.

ونفى ترمب، الذي اشاد بقوة النظام و"سلطته" منذ بداية هذه الأزمة، الأربعاء، نفى معلومات أفادت أنه نقل بسرعة مساء الجمعة من الجهاز السري إلى مخبأ محصن خلال تظاهرة أمام مقره الرسمي.

أخيرًا، قامت الشرطة في الأيام الماضية باعتقال نحو عشرة آلاف شخص في جميع أنحاء البلاد حسب تقديرات نشرتها وسائل الإعلام الأميركية.