تنظم مراسم تأبين الخميس لجورج فلويد بعد أكثر من أسبوع من التظاهرات الواسعة التي تندد بوفاة الأميركي من أصل إفريقي اختناقا خلال توقيفه على يد شرطي في مينيابوليس.

وسيقود الناشط الحقوقي آل شاربتون المراسم التي ستجري في المكان الذي قضى فيه فلويد في 25 مايو بعدما اعتقلته الشرطة.

وأثار تسجيل فيديو يظهر الشرطي الأبيض ديريك شوفن وهو يجثو بركبته لأكثر من ثماني دقائق على رقبة الرجل الأربعيني الذي كان يتوسل إنقاذ حياته، أعمال شغب في المدينة وأطلق العنان لموجة اضطرابات واسعة لم تشهد مثلها الولايات المتحدة منذ 1968 عقب اغتيال الناشط الحقوقي مارتن لوثر كينغ جونيور.

وكان شاربتون الذي من المتوقع أن يلقي كلمة تأبين لفلويد، التقى عائلته الأربعاء.

وكتب هذا الناشط على تويتر "غدا سنحدد كيفية القيام بالتعبئة على مستوى البلاد باسم جورج فلويد وأمود آربري وبريونا تايلور وآخرين" وذلك في إشارة إلى رجل أسود قتل بالرصاص أثناء ممارسته الهرولة في فبراير، وعاملة صحة سوداء قتلتها الشرطة في شقتها في مارس.

وأدى مقتل فلويد إلى إعادة إشعال الغضب القديم إزاء قتل الشرطة لأميركيين من أصل إفريقي، وأعاد التذكير بحوادث قتل أطلقت شرارة حركة "بلاك لايفز ماتر" (حياة السود تهم).

والأربعاء غلظ المدعون في ولاية مينيسوتا التهمة الموجهة لشوفن إلى تهمة القتل من الدرجة الثانية، الموازية تقريبا لتهمة "القتل عن غير سابق تصميم".

ووجهت لزملاء شوفن الثلاثة الذين جاؤوا لاعتقال فلويد بتهمة محاولة شراء سجائر بورقة نقدية مزورة، تهمة التواطؤ والمساعدة في عملية قتل من الدرجة الثانية. وتم توقيفهم.

عزاء رغم الحزن

وكان توقيف الشرطيين الأربعة في صلب مطالب آلاف المتظاهرين الذين نزلوا إلى شوارع عشرات من المدن الأميركية، متحدين حظر التجول أحيانا، لإدانة وحشية الشرطة ورفضا للعنصرية.

ووصفت عائلة فلويد في بيان شكرت فيه المتظاهرين، التوقيفات والاتهامات الجديدة بأنها "لحظة عزاء رغم الحزن" و"خطوة مهمة في مسار العدالة".

وحضت العائلة الأميركيين على الاستمرار في "رفع أصواتهم للمطالبة بالتغيير بطرق سلمية".

ومع تلبية مطلب رئيسي لهم، شارك المتظاهرون الأربعاء في مسيرات كبيرة كانت سلمية في غالبيتها، للمطالبة بتغيير أكبر في مدن من نيويورك إلى لوس أنجليس، وذلك بعد ساعات على الإعلان عن التهم الجديدة.

ومعظم التظاهرات التي تصاعدت وتيرتها في مدن في أنحاء البلاد منذ وفاة فلويد، كانت سلمية، لكنّ عددا منها تحول إلى أعمال شغب.

وأرجأت مدن أميركية من بينها لوس أنجليس وواشنطن بدء فترة حظر التجول الأربعاء بضع ساعات بعدما تراجعت عمليات النهب وأعمال العنف الليلة الماضية، فيما ألغت سياتل حظر التجول بمفعول فوري.

لكن تم توقيف عشرات الأشخاص في نيويورك لعدم احترام الأوقات المحددة للمسيرات في مانهاتن وبروكلين بعد بدء حظر التجول الساعة الثامنة مساء.

في مانهاتن، قال المتظاهر براين كلارك إن الاتهامات "بداية جيدة" لكنه تعهد "بممارسة حقنا في التظاهر إلى أن يحصل كل شخص أسود على العدالة التي يستحقها".

وأضاف متظاهر آخر اسمه إيلايجا بي "هذا لا يكفي". وقال "كان يمكن أن يحصل هذا قبل أسبوع ... لكن فقط عندما بدأ الناس بالنزول إلى الشارع وإتلاف أشياء أصبح الناس يعيرون انتباههم".

وتظاهرت مجموعة كبيرة أمام مبنى الكابيتول في واشنطن بعد بدء حظر التجول.

ونزل الالاف إلى شوارع هوليوود ووسط لوس أنجليس حيث وعد رئيس البلدية إريك غارسيتي بتخصيص 250 مليون دولار من ميزانية الشرطة للاستثمار في البرامج الاجتماعية والتعليمية للمجتمعات السوداء.

قانون ونظام

مع إدانته وفاة فلويد، تبنى الرئيس دونالد ترمب موقفا متشددا من المتظاهرين، معتبرا أن من بينهم العديد من "الأشخاص السيئين"، ودعا حكام الولايات "للسيطرة على الشوارع".

وكرر القول الأربعاء "نحن بحاجة للقانون والنظام". وتصاعد الضغط على ترمب في وقت اتهمه وزير الدفاع السابق جيم ماتيس بمحاولة "تقسيم" أميركا.

واعتبر ماتيس أن ترمب "أول رئيس في حياتي لا يحاول توحيد الأميركيين، بل إنه حتّى لا يتظاهر بأنّه يحاول فعل ذلك". وأضاف الجنرال في تصريحات لاذعة نشرتها مجلة ذي اتلانتيك على الانترنت "بدلاً من ذلك، هو يحاول تقسيمنا".

ورد ترمب على الفور في تغريدة على تويتر، واصفا ماتيس بأنه "الجنرال الذي لقي أكبر تقدير مبالغ فيه في العالم". وكان ترمب أثار احتمال تفعيل "قانون مكافحة العصيان" الذي يسمح بنشر القوات المسلحة لقمع الاضطرابات.

لكن وزير الدفاع الحالي مارك إسبر قال إن هذا الخيار يجب أن يستخدم فقط "كملاذ أخير وفقط في الحالات الأكثر إلحاحا". وقال "لسنا الآن في واحدة من تلك الحالات. لا أؤيد تفعيل قانون حالة العصيان".

والأربعاء، قالت المتحدثة باسم البيت الابيض كايلي ماكيناني إن القانون لا يزال "أداة متاحة" للرئيس الذي يواجه معركة انتخابية في نوفمبر.

وقالت "الرئيس يريد أن يحمي شوارع أميركا" واصفة الانتقادات التي وجهها ماتيس بأنها "محاولة ترويج للذات من أجل إرضاء النخبة في العاصمة".

كما نفى ترمب الذي اشاد بقوة النظام و"سلطته" منذ بداية هذه الأزمة، الأربعاء معلومات أفادت أنه نقل بسرعة مساء الجمعة من قبل الجهاز السري إلى مخبأ محصن خلال تظاهرة أمام مقره الرسمي.