أسامة مهدي: فيما أعلن العراق اليوم استكمال استعداداته للحوار الاستراتيجي مع الولايات المتحدة، فقد أكد انه يمثل محطة مهمة في علاقات البلدين، بينما اعترضت مليشيات موالية لإيران على تشكيلة الوفد العراقي المفاوض، مطالبة باشراكها في الحوار متساءلة فيما اذا كانت تضم أي عضو يحمل الجنسية الأميركية.

فقد اجتمع وزير الخارجيّة العراقي الجديد فؤاد حسين في بغداد الاثنين مع السفير الأميركي لدى بغداد ماثيو تولر الذي هنأه على تسلمه لمنصبه الجديد "مُتطلّعاً لأن تشهد العلاقات الثنائيّة بين البلدين ارتقاءً نوعيّاً وبما يحقق مصالح الشعبين الصديقين"، كما قال بيان صحافي للخارجية العراقية تابعته "إيلاف".

وأكد حسين "عمق العلاقات الاستراتيجيّة بين بغداد وواشنطن وأهمّية تفعيل سُبُل التعاون الثنائيّ وُصُولاً إلى تحقيق مصالح كلا البلدين الصديقين".. معرباً "عن شُرُوع الوزارة في إكمال الاستعدادات لخوض جولة الحوار الاستراتيجيّ مع أميركا".

واعتبر أنّ هذا الحوار يُمثل محطة مُهمّة من شأنها تأطير الأولويّات لدى بغداد وواشنطن..مُشدّداً على "ضرورة الاستمرار بالتطوير الإيجابيّ لمُختلِف أوجه التعاون الثنائيّ المُتميّز".

فيديو اجتماع وزير الخارجية العراقي مع السفير الأميركي ماثيو تولر:

وكان الوزير العراقي قد أكد امس لدى تسلمه لمنصبه الجديد على المضي باتجاه تعزيز علاقات خارجية مُتوازنة مبنيّة على تحقيق مصالح العراق وتحقيق تطلّعات شعبه وتنفيذ ما يتعلق بالسياسة الخارجيّة ضمن المنهاج الحكوميّ الذي شدد على انه لايمكنُ ضمان السيادة الوطنية من دونِ اعتمادِ مبدأ التوازنِ في العلاقات الخارجية الذي ينطلق من عدم تبنيهِ سياسة المحاورِ وعدمِ الدخول طرفاً في الصـراعاتِ والانفتاحِ الايجابيِّ على الدولِ الشقيقةِ الصديقةِ في نطاقِ عمقِهِ العربي وجوارِهِ الإسلامي والتزاماتِهِ الدولية.

وعن الحوار بين واشنطن وبغداد، أشار المنهاج إلى أنه في ما يخص تنظيم العلاقة بين البلدين وتواجد قوات التحالف الدولي في العراق "ستُهيّئُ الحكومة بكل دقة ورصانة وبما يقدم مصالح العراق العليا الملف الخاص بالمفاوضات وبما يراعي تطلعات الشعب".

أسماء الفريقين المتفاوضين

ومن جهته كشف الخبير الامني الاستراتيجي العراقي هشام الهاشمي في تغريدة على حسابه بشبكة التواصل الاجتماعي "تويتر" تابعتها "إيلاف" تشكيلة الوفدين العراقي والأميركي فيما تم اعتبار انها غير متكافئة.

وأشار الهاشمي إلى أن "الفريق المفاوض العراقي في الحوار مع الجانب الأميركي الذي سيجري عبر دائرة متلفزة مغلقة بسبب وباء كورونا يومي الاربعاء والخميس المقبلين يضم اعضاء من دون درجة وزير ويتكون من 21 مفاوضا في اختصاصات السياسة والعلاقات الدولية والعسكرية والمالية والتعليم.

وأوضح أن الفريق العراقي يضم خمس شخصيات ماهرة في التفاوض هم: عبد الكريم هاشم مستشار رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي للعلاقات الخارجية رئيسا وحارث حسن مساعدا له اضافة الى لقمان الفيلي وفريد ياسين وحامد خلف.

وأضاف أن الفريق الأميركي المفاوض يضم كلا من ديڤد هَيْل نائب وزير الخارجية وديڤد شنكر مساعد الوزير و فرانسس فانون مساعد الوزير وجوِي هود نائب مساعد الوزير و ديڤد كوپلي نائب مساعد الوزير وماثيو تولرالسفير الأميركي في العراق.

لكن وزير الخارجية العراقي الاسبق هوشيار زيباري اعتبر ان تشكيلة الوفدين المتفاوضين غير متوازنة وتؤشر غياب التكافؤ بينهما، وقال في تغريدة على تويتر إن فريق التفاوض الأميركي أقوى بكثير وأكثر مهنية من الفريق العراقي. وشدد على ضرورة معالجة هذا التفاوت، وأن يكون هناك طرف عراقي مكافئ خاصة وان هذه قضية تفاوضية خطيرة للغاية بحسب وصفه.

ومن جانبه أشار مستشار رئيس الوزراء العراقي هشام داود خلال مؤتمر صحافي في بغداد إلى أن الجانب العراقي في المفاوضات سيؤكد على السيادة الوطنية دون التطرق بشكل مباشر إلى انسحاب القوات الأميركية.

ومن المنتظرأن يتناول الحوار الاستراتيجي مصير اتفاقية الإطار الاستراتيجي الموقعة بين البلدين عام 2008 والتي مهدت لخروج القوات الأميركية من العراق نهاية عام 2011 بعد ثماني سنوات من الاحتلال كما رسمت طبيعة العلاقات بين البلدين على مختلف الأصعدة.

كما ستبحث التوصل لاتفاق بشأن مصير القوات الأميركية في العراق حيث تضغط إيران على حلفائها العراقيين للعمل على إخراج هذه القوات من البلاد.

وكان البرلمان العراقي قد صوت في الخامس من يناير الماضي على قرار يطالب بموجبه الحكومة بالعمل على إخراج القوات الأجنبية من البلاد، وذلك بعد يومين من اغتيال طائرة أميركية مسيرة قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني والقيادي في الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس بضربة جوية قرب مطار بغداد.

وتشير مصادر عراقية إلى أن إيران تترقب نتائج الحوار وما سيتمخض عنه خاصة وان لها دورا كبيرا في التأثير على الجانب العراقي من أجل انقاذ ما يمكن إنقاذه مما تمر به من اضطرابات اقتصادية أنهكتها بشكل كبير وأسهمت في موجة احتجاجات كبيرة في الداخل، فضلاً عن تقليص نفوذها في الخارج.

يشار إلى أن القوات الأميركية إلى جانب قوات من التحالف الدولي لمواجهة داعش الذي تقوده واشنطن قد انسحبت خلال الاشهر الثلاثة الماضية من 6 قواعد عسكرية في العراق منذ مقتل سليماني والمهندس حيث علل التحالف الدولي ذلك بأنه يدخل في إطار إعادة التموضع وتفشي وباء كورونا.

أنصار إيران: هل يضم الوفد العراقي من يحمل الجنسية الأميركية؟

وفيما طالبت مليشيات الحشد الشعبي الموالية لإيران تمثيلها في الحوار فإنها قد طالبت بتعديل تشكيلة الوفد العراقي المحاور متساءلة فيما اذا كان يضم اي عضو يحمل الجنسية الأميركية.

وشددت فصائل الحشد الشعبي على ضرورة تمثيلها في الوفد العراقي، وقال المسؤول الأمني لمليشيا كتائب حزب الله العراقية الموالية لإيران أبو علي العسكري على حسابه بشبكة التواصل الاجتماعي وتابعته "إيلاف" لقد "فوجئنا بتعيين مجموعة للتفاوض مع العدو الأميركي يتماهى أغلب أعضائها مع المشروع الأميركي في البلاد".

تغريدة أبو علي العسكري

ودعا إلى استبدال ثلاثة من الأسماء المقترحة في الفريق التفاوضي ادعى انهم معروفون بالولاء للعدو (أميركا) بهدف ضمان نجاح الحوارات.

وطالب بتضمين الفريق احد قادة الحشد الشعبي وأخرى من العشائر اضافة الى شخصية اعلامية عراقية وطنية بعنوان عضو مراقب لنقل مجريات التفاوض الى الشعب العراقي "بشفافية ومهنية".. موضحاً أن المليشيا ستحدّد موقفها من الحوارات بعد أول لقاء رسمي بين الجانبين.

أما النائب حسن سالم عن كتلة صادقون البرلمانية الممثلة لمليشيا عصائب أهل الحق بقيادة الشيخ قيس الخزعلي المعروف بارتباطاته بإيران، فقد وجه سؤالا عبر رسالة الى رئاسة البرلمان مطالبا بالاجابة كتابيا "لاهمية الموضوع" على سؤالين : من هي اللجنة المكلفة بالتفاوض مع الجانب الأميركي.. ويرجى اعلامنا بسيرهم الذاتية.. وكذلك توضيح فيما إذا "يوجد بينهم من يحمل الجنسية الأميركية"، كما قال في الرسالة التي حصلت "إيلاف" على نسخة منها.

وعلى الصعيد نفسه، فقد كشف تحالف الفتح بزعامة هادي العامري عن مشارك عضو فيه في الحوار الاستراتيجي، وقال القيادي في التحالف سعد السعدي في تصريح صحافي إن "أهم شرط وضعناه أمام حكومة مصطفى الكاظمي هو تنفيذ وتطبيق قرار البرلمان العراقي القاضي بإخراج جميع القوات الاجنبية من العراق" مؤكداً على أن "تطبيق هذه الشروط لا رجعة عنه".

يشار إلى أنه قد تم تقسيم فرق التفاوض العراقية الأميركية الى ثلاث فئات فريق تفاوض سياسي وفريق تفاوض عسكري وفريق تفاوض اقتصادي، حيث تهدف المفاوضات الى تحقيق توازن بين قوتين المتنافستين الولايات المتحدة وأيران وابعاد جعل العراق ساحة للنزاع بينهما.

ومن جهتها كشفت واشنطن عن اهم ملفات حوارها الاستراتيجي المنتظر مع بغداد منوهة إلى أنها تشمل قضايا سياسية وأقتصادية وثقافية وتعليمية والعلمية وأمنية بهدف التغلب على التحديات التي تواجهها علاقات البلدين وتفعيل بنود اتفاقية الإطار الاستراتيجي الموقعة بين البلدين عام 2008.