واشنطن: أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب الأربعاء رفضه القاطع لمقترح إزالة أسماء جنرالات كونفدراليين من حقبة الحرب الأهلية عن قواعد عسكرية في الولايات المتّحدة، في تغريدات تأتي بينما تشهد البلاد تظاهرات ضد العنصرية ووسط دعوات لتمرير إصلاحات في الكونغرس تضع حداً لوحشية الشرطة.

هذه التظاهرات التي انطلقت عقب وفاة جورج فلويد اختناقا تحت ركبة شرطي أبيض، أعادت إحياء النقاش حول إرث العبودية في البلاد.

وقال ترمب في تغريدة إنّ "البعض اقترح إعادة تسمية ما يصل إلى عشر من قواعدنا العسكرية الأسطورية". وأضاف أنّ "هذه القواعد العسكرية أصبحت الآن جزءا من التراث الأميركي العظيم"، مشدّدا على أنّ إدارته "لن تنظر حتّى في هذا الاحتمال". وختم ترمب تغريدته بالقول "احترموا جيشنا!".

الحرب الأهلية التي مزّقت الولايات المتحدة بين 1861 و1865 كان سببها الأساسي نظام العبودية الذي انقسمت بشأنه البلاد بين ولايات شمالية حاربت هذا النظام وأخرى جنوبية رفضت تحرير العبيد وأعلنت انفصالها عن الاتحاد وتأسيس كونفدرالية.

وشددت الناطقة باسم البيت الأبيض كايلي ماكيناني على موقف ترامب الإبقاء على أسماء منشآت عسكرية مثل فورت براغ في كارولاينا الشمالية كما هي خلال مؤتمر صحافي، قرأت فيه تغريدات الرئيس ووزعت نسخ مطبوعة منها على الصحافيين. واعتبرت الدعوة إلى ذلك "أمرا لا يجدي نفعا على الإطلاق".

اكتسبت المطالبة بتغيير أسماء تلك المنشآت مزيدا من الزخم تزامنا مع التظاهرات الحاشدة احتجاجا على وحشية الشرطة بحق الأميركيين من أصل إفريقي، والتي اندلعت إثر وفاة جورج فلويد على يد شرطي.

والقواعد العسكرية العشر التي يطالب الناشطون الحقوقيون بتغيير أسمائها تقع كلّها في جنوب الولايات المتحدة وتحمل أسماء قادة عسكريين جنوبيين خلال الحرب الأهلية، كان معظمهم مدافعاً شرساً عن نظام الرقيق.

كما تركز غضب المتظاهرين أيضاً على تماثيل لرموز الحرب الأهلية الجنوبيين والعلم الكونفدرالي وتماثيل لكريستوفر كولومبس الذي يرجع إليه فتح الأميركيتين أمام المستعمرين الأوروبيين.

أظهرت مقاطع فيديو لقناة "دبليو دبليوبي تي" في وقت متأخر الأربعاء تمثالاً لرئيس الكونفدرالية جيفرسون ديفيس ملقى في الشارع في ريتشموند في فرجينيا بعد إزالته من قاعدته.

وقالت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي الاربعاء إنه ينبغي إزالة 11 تمثالا لعسكريين ومسؤولين كونفدراليين من الكابيتول مقر السلطة التشريعية في واشنطن.

كتبت بيلوسي للجنة تضم أعضاء من الحزبين "النصب التذكارية التي تجسد رجالاً دعوا إلى القسوة والوحشية لتحقيق غايات عنصرية تشكل إهانة بشعة لمثل" الديموقراطية والحرية الأميركية.

عنصرية ممنهجة
أكد وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر في وقت سابق هذا الأسبوع أنه على الأقل منفتح "على نقاش بين الحزبين" حول إعادة تسمية القواعد العسكرية.

في الأثناء، أعلنت البحرية الأميركية أنها ستحظر رفع أعلام الكونفدرالية - التي لا يزال رفعها شائعا في الولايات الجنوبية - عن كل سفنها ومنشآتها.

يأتي ذلك بينما أطلق شقيق جورج فلويد الأربعاء من الكونغرس الأميركي نداء مؤثرا دعا فيه النواب إلى "وضع حد لمعاناة" الأميركيين من أصل افريقي وتبني إصلاحات فعلية لقوات الشرطة.

وقال فيلونيز فلويد الذي قتل شقيقه جورج في 25 مايو في مينيابوليس بيد شرطي أبيض، خلال جلسة استماع أمام اللجنة القضائية في مجلس النواب إنه "لا يستطيع وصف الألم" الذي شعر به حين شاهد الفيديو المصور الذي أظهر ما تعرض له شقيقه حين قضى اختناقا تحت ركبة الشرطي ديريك شوفن.

عقدت جلسة الاستماع التي شارك فيها ممثلون للشرطة والمجتمع المدني، في إطار دعم اقتراح قانون قدّمه في مطلع الأسبوع نواب ديموقراطيون يرمي إلى "تغيير الثقافة" في صفوف قوات الشرطة في الولايات المتحدة.

وكتب المرشح الديموقراطي للرئاسة الأميركية جو بايدن بعد الجلسة في تغريدة "توجد عنصرية ممنهجة ليس فقط وسط قوات الأمن لكن أيضاً في مجالات التعليم والإسكان وفي كل ما نقوم به". وأضاف "علينا العمل جاهدا لوضع حد لها".

وعرض الديموقراطيون قانونا في مجلسي الكونغرس يأملون بأن يسهّل ملاحقة أفراد الشرطة قضائيا لارتكابهم انتهاكات وإعادة النظر في طريقة تجنيدهم وتدريبهم. لكن شكوكا تحوم حول إمكان إقرار النص في مجلس الشيوخ ذي الغالبية الجمهورية.