إيلاف: حسم رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي جدلًا شعبيًا واسعًا حول تخفيض الرواتب، مؤكدًا أنها لن تشمل الدنيا منها لحوالى المليوني شخص، متهمًا كتلًا سياسية باستغلال الإصلاحات لأهداف سياسية.

قال الكاظمي في توضيحات حول الضجة الشعبية التي تشهدها البلاد منذ ساعات حول معلومات غير صحيحة تفيد بتخفيض جميع الرواتب وخاصة للموظفين والمتقاعدين البالغ عددهم 6 ملايين ونصف مليون شخص إن "عملية الإصلاح بدأت، ولكن ليس لتقليل الرواتب".. مشيرًا إلى أن "بعض الكتل تحاول استغلال الإصلاح لأغراض سياسية".

وشدد في تصريح صحافي للوكالة الوطنية الرسمية تابعته "إيلاف" على أنه "لا يوجد تخفيض للرواتب، وإنما عملية إعادة ترتيب أولويات الميزانية".. مؤكدًا "عدم المساس براتب أي شهيد".

أضاف أن "مليونا و800 متقاعد لم تمس رواتبهم، والحديث عن وجود نصف مليون مستفيد من الأجهزة المنحلة غير دقيق"، في إشارة إلى منتسبي الكيانات الأمنية والعسكرية للنظام السابق التي تم حلها بعد سقوط النظام السابق عام 2003.. موضحًا أن "أقل من 20 ألف مستفيد عدد الأجهزة المنحلة يتقاضون راتبًا ثابتًا لا يتجاوز 500 ألف دينار" أي حوالى 400 دولار شهريًا.

يشار إلى أن هناك 3 ملايين عراقي من بين 5 ملايين يقطنون في الخارج يتسلّمون رواتب، وتصرف لهم في دول إقامتهم أو التي حصلوا على جنسياتها في مختلف أنحاء العالم.

تخفيض الرواتب العليا

وكشف الكاظمي في وقت سابق عن تخفيض برواتب الرئاسات والدرجات الخاصة والوظائف العليا. وقال "لن نسمح بأن تكون حلول الأزمة المالية على حساب حقوق الموظفين من ذوي الدخل المحدود والمتقاعدين ومستحقي الرعاية الاجتماعية".

أضاف قائلًا "قرارنا هو: خفض مرتبات الرئاسات والدرجات الخاصة والوظائف العليا وإيقاف مزدوجي الرواتب والوهميين وترشيد الإنفاق الحكومي".. مشددًا بالقول: "مصممون على تجاوز الأزمة معًا".

موظفون عراقيون يتسلمون رواتبهم

وقال موضحًا إن بعض المتقاعدين يتسلمون رواتب تقاعدية ضخمة، لكنه لم يسمهم أو يفصح عن المناصب التي كانوا يتولونها. وتساءل قائلًا "هل من المعقول أن يتقاعد شخص في الدولة راتبه يصل إلى 8 و12 و18 مليون دينار؟! ما هذا الشيء وأي قانون يقبله؟" أي بما يتراوح بين 7 و17 ألف دولار شهريًا!.

مسؤول في رئاسة الحكومة يوضح لـ"إيلاف"

وردًا على تصويت مجلس النواب أمس على قرار يرفض أي استقطاع لرواتب الموظفين والمتقاعدين "بأي شكل من الأشكال مباشر أو غير مباشر" ورفض فرض أي ضرائب على رواتبهم على أن لا يشمل القرار الرئاسات الثلاث والوزراء والنواب والدرجات الخاصة فقد أكد مصدر مسؤول في رئاسة الحكومة في تصريح لـ"إيلاف" الخميس أن 1.786.771 متقاعدًا استلموا رواتبهم كاملة من دون أي استقطاعات لأنها غير مشمولة بقرار مجلس الوزراء الأخير الذي استثنى من يستلم راتبًا أقل من 500.000 دينار شهريًا (400 دولار) من أي استقطاعات، أي بنسبة 73.55% من عددهم الكامل.

وقال إن الحكومة العراقية اعتمدت مبدأ العدالة كأسس لبرنامجها الإصلاحي، ما يعني حماية ذوي الدخل المحدود والمنخفض، وعدم شمولهم بأي استقطاعات. ونوه بأن الحزمة الأولى من الإصلاحات المالية تشمل رواتب كبار موظفي الدولة ومزدوجي الرواتب والموظفين الوهميين والرواتب التقاعدية لمحتجزي رفحاء من معرضي النظام السابق وكذلك رواتب موظفي الكيانات المنحلة للنظام السابق.

وأشار إلى أنه لم يستلم 30.975 شخصًا من محتجزي رفحاء رواتبهم، وتم الطلب منهم مراجعة مؤسسة السجناء السياسيين وإثبات أنهم يقيمون في العراق.. موضحًا أنه لم يستلم أيضًا 13.210 من المعتقلين السياسيين السابقين راتبهم التقاعدي لأنهم يستلمون رواتب ثانية كموظفين في الدولة العراقية.

وكشف المسؤول في رئاسة الحكومة سبب الاستقطاع المفاجئ لبعض الرواتب، موضحًا أن الحكومة باشرت اعتبارًا من الشهر الحالي بتطبيق ضريبة الدخل، وتكون بنسبة 10% لمن يبلغ راتبه التقاعدي 500 ألف دينار وأقل من مليون دينار، و15% لمن يكون راتبه مليون دينار فأكثر.

لا استقطاعات لرواتب "ذوي الشهداء"

وأكد أن رواتب "الشهداء" مستمرة ولم يتم قطعها، وشملت فقط بنسب الاستقطاع اسوة بالمتقاعدين وأما بخصوص السجناء والمعتقلين فقد تم قطع الرواتب للذين لديهم أكثر من راتب أي سجين، ولديه راتب سجناء، وهو موظف أو لديه راتب تقاعدي آخر فهذه الشريحة تم ايقاف رواتبها إلى حين صدور تعليمات من مجلس الوزراء حول اختيار الراتب الافضل.

اما عن محتجزي رفحاء فقد اشار المسؤول الى انه قد تم ايقاف رواتبهم إلى حين صدور تعليمات وآلية جديدة بخصوصها تحدد نسبة القطع أو الاختيار للذين لديهم أكثر من راتب، وليس قطع الرواتب نهائيًا، وانما فقط ايقاف موقت إلى حين صدور تعليمات بخصوص مزدوجي الرواتب ومحتجزي رفحاء.

لماذا هذه الإصلاحات؟

يشار إلى أن هذه الاصلاحات تأتي بسبب وجود مئات الالاف من الموظفين يتقاضون اكثر من راتب واحد بسبب سوء الادارة والفساد، بينما تؤكد مصادر عراقية ان 99 الفا و612 عراقيا يتقاضون رواتب تقاعدية تحت مسمى سجناء ومعتقلين سياسيين سابقين في زمن النظام السابق، الكثير منهم منحت لهم هذه الصفة الحكومات السابقة، التي اعقبت سقوط ذلك النظام من خلال محاباة الاحزاب لأعضائها، وعدد كبير منهم لا يحملون هذه الصفة اصلًا.

ومن بين هؤلاء فقد منحت الحكومات السابقة التي اعقبت سقوط نظام الرئيس السابق صدام حسين 18 الفا و577 عراقيا صفة سجين سياسي و51 الف، و854 شخصا صفة معتقل سياسي، و29 الف و181 آخرين صفة محتجز رفحاوي، وهم من الذين استضافتهم السعودية في مخيم رفخاء القريب من الحدود مع العراق للهاربين منه اثر الانتفاضة الشعبية التي شهدها جنوب البلاد في ربيع عام 1991، ويتقاضون حاليا وافراد عوائلهم وحتى الرضع منهم رواتب ضخمة والعديد منهم يقطن خارج البلاد. وتبلغ رواتب هؤلاء حوالى مائة مليون دولار شهريًا نظرا إلى ارتفاع ما يتقاضونه من رواتب من دون احتساب ازدواج الرواتب لمن لديه أكثر من راتب.

يشار الى ان العراق يواجه حاليا أزمة مالية خانقة بسبب انتشار وباء كورونا وخسارة البلاد 11 مليار دولار من عائدات بيع النفط للأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي بسبب تراجع أسعار النفط على خلفية تراجع الطلب على الخام الناجم من أزمة كورونا بحسب وزارة النفط العراقية حيث تشكل صادرات العراق النفطية 98 بالمئة من تدفقات العملة الأجنبية إلى البلاد.