الرباط: أظهر تقرير للمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج بالمغرب، تناول أنشطتها السنوية للعام 2019، ارتفاعا ملحوظا في عدد المعتقلات والمعتقلين الذي انتقل من 83102 في 2018 إلى 86384 في 2019.

وقال محمد صالح التامك ، المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، في تقديمه للتقرير الذي حمل عنوان "تقرير الأنشطة 2019"، وجاء في 199 صفحة، إن سنة 2019 كانت "حافلة بالأنشطة والإنجازات رغم الإكراهات المرتبطة بالارتفاع المضطرد لعدد السجناء وعدم مواكبة الاعتمادات المالية المرصودة للقطاع لهذا الارتفاع"، مشددا على أن تواتر هذين العاملين "له أثر مباشر على المؤشرات ذات الصلة بظروف الإيواء"، وهو ما "يتأكد من خلال استمرار ظاهرة الاكتظاظ بالسجون، وذلك رغم المجهودات المتواصلة لتعزيز الطاقة الإيوائية لحظيرة السجون".

وتوزعت التقرير 6 محاور تناولت البرامج التربوية والتأهيلية، والأمن والسلامة بالسجون، وتحسين ظروف الاعتقال، والرعاية الصحية والنفسية، وتطوير القدرات ودعم التحديث، والتواصل والتفاعل والشراكة من أجل منظومة سجنية متطورة؛ فضلا عن ملحق إحصائي.

ولم يفوت التامك، في تقديمه للتقرير، فرصة التأكيد على "حجم التطورات الإيجابية التي تم تحقيقها على مستوى التغذية والنظافة والرعاية الصحية والنفسية وباقي الخدمات التي تقدم للمعتقلين منذ إيداعهم السجن وحتى الإفراج عنهم"، مشددا على أن إرادة التغيير والإصلاح تتأكد مرة أخرى لدى المندوبية العامة من خلال "حرصها الدائم على الانفتاح على وسائل الإعلام وتنوير الرأي العام بشأن مختلف القضايا ذات الصلة بالشأن السجني، والتي تتطلب إلقاء مساحة من الضوء عليها لتلافي أي غموض أو مغالطات من شأنها تبخيس المجهودات وإغفال حجم المنجزات والتطورات المسجلة في جميع المستويات".

وأوضح التامك أن قطاع إدارة السجون وإعادة الإدماج "يواصل ديناميته وتطوره من أجل مواكبة مستمرة لالتزامات المغرب الوطنية والدولية، المتعلقة منها خاصة بتعزيز وحماية حقوق المواطنين نزلاء المؤسسات السجنية، حيث تتركز جهوده على تعزيز الإجراءات الإصلاحية واعتماد الممارسات الفضلى التي تتيح له الاضطلاع الأمثل بالمهام الموكولة إليه".

وشدد التامك على أن برامج الإصلاح والتأهيل "تلعب دورا مهما في تقويم سلوك السجناء وتهييئهم للإفراج قصد إعادة إدماجهم في المجتمع كأفراد أسوياء"، مشيرا إلى أن الاهتمام الذي توليه إدارته لمجال التأهيل لإعادة الإدماج يجد ترجمته الفعلية في "تعدد البرامج المعتمدة وتنوعها وشموليتها لجل فئات السجناء". وزاد موضحا أن هذا النهج الإصلاحي يتواصل عبر "تعزيز برامج التربية والتكوين وتوفير أسباب نجاحها من خلال تهيئة الفضاءات البيداغوجية وتوفير التجهيزات اللازمة وتحسين التأطير بتنسيق تام مع القطاعات الوصية".

وأشار التامك إلى أن الأرقام المسجلة سنة 2019 على مستوى عدد المستفيدين والحاصلين على شهادات داخل أسوار السجون تؤكد أهمية النتائج المحصلة. فيما تأتي الأنشطة والمسابقات الثقافية والفنية والرياضية المنظمة سنويا بالمؤسسات السجنية لتتكامل مع هذه البرامج التي تواصل تدعيمها بمختلف الفعاليات والمبادرات.

وأكد التامك أنه حتى تتكامل الجهود من أجل فعالية أكبر لورش أنسنة الفضاء السجني وعملية التأهيل لإعادة الإدماج، واصلت المندوبية العامة انفتاحها على مختلف الفاعلين الحكوميين وغير الحكوميين والمهتمين بالشأن السجني، ودعوتهم إلى المساهمة في تنفيذ البرامج الإصلاحية المسطرة، فضلا عن إشراكهم في مختلف التظاهرات المنظمة سنويا من طرفها، ليثمر هذا التوجه عن توقيع مذكرات تفاهم واتفاقيات مع عدة شركاء يؤمل منها دعم مسار تأهيل السجناء وتعزيز حمايتهم والرقي بمستوى الخدمات المقدمة لهم خلال فترة الاعتقال.

وفي إطار تعزيز الأمن والسلامة بالسجون، قال التامك إن المندوبية العامة واصلت سنة 2019 تنفيذ الإجراءات المتعلقة بتأمين المنشآت السجنية وتهيئة البنيات التحتية لتتماشى والمعايير الأمنية المعمول بها. كما عمدت إلى تقوية مقاربتها الوقائية من أجل مواصلة التصدي لكل ما من شأنه أن يهدد سلامة السجناء والموظفين والمرتفقين، وهو ما انعكس إيجابا على المؤشرات ذات الصلة، خاصة فيما يتعلق بالمخالفات المرتكبة، وتسريب الممنوعات، والعنف بالوسط السجني.

كما تحدث التامك عن خلق شراكة جديدة تستهدف الوقاية من العنف في أوساط الفئات الشابة من السجناء لتنضاف إلى الشراكة الدولية القائمة حول الوقاية من الانتحار والمس بالسلامة الجسدية للسجناء.

غلاف تقرير الأنشطة 2019

من جهة أخرى، أشار التامك إلى إصدار مدونة السلوك والواجبات تتضمن المعايير المهنية والسلوك الذي يجب أن يلتزم به جميع موظفي المندوبية العامة بما يكفل دعم الأخلاقيات والنزاهة والشفافية في المرفق السجني.

ومع مجيء الرقمنة والتحديث، يضيف التامك، انخرطت المندوبية العامة خلال السنوات الخمس الأخيرة في ورش تطوير الإدارة الإلكترونية، حيث شهدت سنة 2019 تعميم النظام المعلوماتي المندمج ليشمل جل مكونات العمل السجني، وتنويع العرض الخدماتي للبوابة الالكترونية، وإطلاق مشاريع خدمات إلكترونية رائدة موجهة للمرتفقين.

وأكد التامك أنه اعتبارا لأهمية "المكتسبات المحققة"، والتي "لا يمكن بأي حال من الأحوال التراجع عنها"، فقد "بات من الضروري الحفاظ على نفس وتيرة العمل وتعبئة مزيد من الجهود لتحقيق مكاسب إضافية ترقى إلى مستوى الطموحات".

وتنفيذا لهذا التوجه، يضيف التامك، تم إطلاق مخطط استراتيجي جديد يحدد خارطة الطريق لأفق سنة 2022 بأهداف طموحة، وتحديات جديدة.