إيلاف: أظهر استطلاع لمعهد مستقل للإدارة ودراسات المجتمع المدني تهاوي شعبية إيران بين العراقيين إلى أدنى مستوياتها منذ أعوام لمصلحة الولايات المتحدة التي صوّت لها ضعف عدد الذين صوّتوا لإيران.

ويؤكد الاستطلاع أن شعبية إيران بين العراقيين أصبحت أقل من شعبية الولايات المتحدة للمرة الأولى، حيث وصل قبول إيران وسط العراقيين إلى "أدنى مستوى له منذ سنوات" وفقًا لاستطلاع "المعهد المستقل للإدارة ودراسات المجتمع المدني".

تشير نتائج الاستطلاع الذي أجراه المعهد إلى أن لإيران قبولًا لدى 15 في المئة فقط من العراقيين، في حين يفضل نحو ثلث العراقيين، أي 33 في المئة على الأقل، الولايات المتحدة، كما قالت قناة "الحرة عراق" لدى تقديمها لنتائج الاستطلاع أمس، الذي تابعته "إيلاف".

وقال منقيث داغر مدير المعهد، الذي يعتبر ممثلًا للعراق في مؤسسة غالوب في واشنطن، "للمرة الأولى منذ فترة طويلة نرى تفضيل الولايات المتحدة بين العراقيين ضعف تفضيلهم لإيران"، معتبرًا في تصريحات له أن هذه ظاهرة جديدة في المسرح السياسي العراقي".

تشير هذه الأرقام بحسب الباحث إلى "تراجع حاد في قبول إيران في الشارع العراقي بعدما كانت هناك مشاعر إيجابية نحوها لدى حوالى 70 في المئة من العراقيين عام 2017".

يأتي تراجع الدعم الشعبي العراقي لإيران، بينما بدأت الولايات المتحدة والعراق في الأسبوع الماضي "حوارًا استراتيجيًا" لتحديد مستقبل شراكتهما بعد الحرب ضد داعش، حيث عقد الجانبان جولة أولى من المحادثات، أعقبها صدور بيان مشترك، أشار إلى التزام واشنطن بتقليص عديد القوات الأميركية المتمركزة في العراق، وتوسيع شراكتهما، لتشمل المزيد من التعاون الثقافي والاقتصادي.

نحو علاقة عراقية أميركية أكثر استدامة
قالت السفيرة الأميركية السابقة باربرا ليف خلال ندوة عبر الإنترنت تم فيها الإعلان عن نتائج الاستطلاع إن الولايات المتحدة "تتطلع إلى تحويل العلاقة إلى ما هو أبعد من الجوانب الأمنية الصارمة إلى علاقة أكثر استدامة".

ومنذ مقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبية العراقية أبو مهدي المهندس، وهو مقاتل سابق في الحرس الثوري، بغارة أميركية قرب مطار بغداد الدولي، في الثالث من يناير الماضي، حاولت طهران من خلال حلفائها في البرلمان العراقي وميليشياتها المسلحة على الأرض، إجبار القوات الأميركية على الانسحاب، وأصدر البرلمان قرارًا بذلك بعد يومين من ذلك الحادث.

لكن الاتفاق الجديد الذي تم التوصل إليه في الحوار "لا يبدو أنه يلبّي مطالب حلفاء إيران في العراق، الذين دفعوا من أجل انسحاب كامل للقوات الأميركية، أو رفع الحماية القانونية عمّا تبقى من القوات".

حوار ليس في مصلحة إيران
في البيان المشترك أعاد العراق التزامه بحماية القوات الأميركية المتبقية والمنشآت الدبلوماسية، وهو تعهد بحسب خبراء قد يكون من الصعب الاحتفاظ به على الأرض.

ونبّه جون هانا كبير محللي شؤون الشرق الأوسط في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن قائلًا "الآن يأتي الجزء الصعب".. مشيرًا إلى أن "الأفعال لا الكلمات" هي التي ستحدد مدى الالتزام بما جاء في هذه التعهدات.

حذر هانا أيضًا من مخاطر مغادرة عدد كبير من القوات الأميركية العراق، بينما "لا يزال تنظيم داعش يشكل تهديدًا كبيرًا، خاصة في المناطق المتنازع عليها في الشمال".

أما المحلل المتخصص في شؤون الجماعات المتمردة رامان غافامي، المقيم في لندن، فقد لاحظ أن الأحداث الأخيرة قد تدفع العراق بعيدًا عن السير في فلك إيران.. مشيرًا إلى أن "توقيت الحوار ليس في مصلحة إيران ولا وكلائها".

وأضاف أنه "بعد أشهر من الاحتجاجات في العراق ضد نفوذ إيران وسوء الإدارة والفساد ومشاعر الاكتئاب في إيران بسبب وباء كورونا وتدهور الاقتصاد وعدم مقدرة طهران على تقديم أي دعم قيم للعراق لم يترك ذلك لبغداد مساحة كبيرة" للسير في اتجاهي واشنطن وطهران معًا.

رغم التراجع .. إيران تبقى لاعبًا مؤثرًا غير مرغوب فيه
لكن رغم تراجع قبول إيران بين العراقيين يرى خبراء أن طهران ستظل "لاعبًا مؤثرًا" في السياسة العراقية في المستقبل المنظور.

وقال جيسون برودسكي مدير منظمة "متحدون ضد إيران النووية" التي مقرها الولايات المتحدة إن "إيران لا تزال لديها القدرة على أن تكون صاحبة النفوذ السياسي الأكبر في السياسة العراقية".

أشار إلى أن الحكومة الإيرانية قالت أخيرًا إنها توصلت إلى اتفاق في مجال الطاقة مع العراق، وآخر يتعلق ببناء طريق سريع يربط مدينتي مهران الإيرانية والنجف العراقية.

وقال برودسكي "في حين أن العقوبات وزوال سليماني أضعفا يد إيران في العراق، فإن طهران تواصل ممارسة نفوذها على الأرض".

يشار إلى أن العراق يشهد منذ الأول من أكتوبر عام 2019 احتجاجات شعبية مليونية غير مسبوقة في العاصمة بغداد و9 محافظات وسطى وجنوبية، رفعت شعارات ضد الهيمنة الإيرانية على العراق والطبقة الحاكمة المتهمة بالفساد، واجهتها القوات الأمنية والميليشيات العراقية المسلحة الموالية لإيران بالعنف المفرط، ما أدى إلى مقتل وإصابة حوالى 30 ألف متظاهر رفعوا شعار "نريد وطن"، ما أرغم رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي على الاستقالة.