يمتزج القلق مع الغضب في أذربيجان حيث أعادت الدولة المطلّة على بحر قزوين فرض الإغلاق المتشدد لاحتواء تفشي فيروس كورونا المستجد بعد تخفيف القيود قبل أسابيع.

وبحسب بيان صدر عن رئيس الوزراء علي أسادوف سيسمح لأهالي أذربيجان الآن بمغادرة منازلهم "مرة واحدة في اليوم لمدة ساعتين كحد أقصى بعد حصولهم على إذن عبر رسالة نصية" من السلطات.

وستبقى الإجراءات الجديدة مفروضة حتى الأول من اغسطس في العاصمة باكو وغيرها من المدن الرئيسية ومقاطعات البلد الغني بالنفط.

وصدرت أوامر بإغلاق مراكز التسوّق والمقاهي والمطاعم وصالونات تصفيف الشعر والمؤسسات الثقافية والتعليمية اعتبارا من الأحد.

وتأتي الخطوة بعدما تضاعف عدد الإصابات في الدولة السوفياتية سابقا خلال الأسبوعين الماضيين. وبالمجمل، سجّل البلد الذي يعد نحو عشرة ملايين نسمة 12238 إصابة بفيروس كورونا المستجد و148 وفاة حتى الآن.

وفرضت أذربيجان حالة طوارئ لاحتواء الوباء في 24 مارس. لكنها أعادت رفعها في 31 مايو وخففت معظم القيود.

"في أقفاص"

وأفاد مركز الدراسات الاجتماعية الرسمي أن استطلاعا أجراه مؤخرا أظهر أن نحو 93 بالمئة من الأذربيجانيين يشعرون بالقلق من موجة ثانية للوباء.

وقالت الطالبة البالغة من العمر 20 عاما ليلى غولييفا لفرانس برس إن "الإحصائيات المرتبطة بفيروس كورونا تسوء يوما بعد يوم. إنه أمر مخيف. أخشى من موجة ثانية".

وأضافت أن "تكرار الحجر خطوة ضرورية لمنع انتشار الفيروس". لكن القيود الجديدة تثير حفيظة كثيرين ممن اشتكوا من أن الإغلاق الذي يتّخذ طابع حظر تجوّل قد يضرّ بالاقتصاد ويدفعهم باتّجاه الفقر.

وقال سائق سيارة أجرة يدعى شاهين محمد كولييف "تحبسنا الحكومة مجددا في أقفاص وكأننا في حديقة للحيوانات ولا تكترث لعواقب" ذلك.

وقال لفرانس برس "ألا يفهمون بأن كل ما تفعله إجراءات الإغلاق غير المجدية هو دفع الناس باتّجاه الفقر؟ إذا لم نتمكن من العمل، سنحرم من قوت يومنا".

بدورها، أفادت مصففة الشعر فريدة أحمدوفا (38 عاما) "لا كلمات للتعبير عن مدى غضبي بشأن الإغلاق الثاني. سنجبر مجددا على الجلوس في منازلنا دون القيام بشيء بينما لن تعوّضنا الحكومة عن خسائرنا المالية".

ودفعت حكومة أذربيجان تعويضات للأشخاص الذين خسروا وظائفهم جرّاء الإغلاق الأول. لكن لن تكون هناك مساعدات مالية للتخفيف من وطأة الأضرار هذه المرّة.

وأشار محللون إلى أن قرار إلغاء الدفعات التي كان من المفترض أن تقدمها الدولة للتخفيف من التداعيات الاقتصادية تحمل "عواقب اجتماعية وسياسية لا يمكن التنبّؤ بها" في وقت يتوقع أن يزداد الفقر.

وفي أبريل، تراجع إجمالي الناتج الداخلي في أذربيجان بنسبة 2,6 في المئة مقارنة بالعام السابق، بينما انخفض النشاط الاقتصادي في القطاعات غير المرتبطة بالطاقة بنسبة 13 في المئة، وفق ما أفاد تقرير للبنك الدولي هذا الشهر.

وقال المحلل الاقتصادي غوباد عباد أوغلو إن "على الحكومة أن تواصل تخصيص تعويضات اجتماعية في وقت توقف الاقتصاد. وإلا، فإنها تواجه خطر إثارة تحرّكات اجتماعية وسياسية خارجة عن السيطرة". وأضاف "ستشهد أذربيجان ثورة شعبية".

"تحت السيطرة"

وانتقد خبراء الصحة معالجة الحكومة لتفشي الفيروس، مشيرين إلى أن رفع القيود قبل أوانها استدعى فرض إغلاق ثان.

وقال الاستاذ في جامعة باكو للطب علي علييف إن "تخفيف تدابير مكافحة الفيروس قبل ثلاثة أسابيع لم يكن مبررا إذ أعقبته زيادة في عدد الإصابات والوفيات".

وتابع "المفارقة هي أننا ندخل في فترة إغلاق ثانية في وقت تعود الحياة إلى طبيعتها في معظم الدول الأخرى".

لكن حكومة رئيس أذربيجان إلهام علييف دافعت عن طريقة تعاطيها مع الأزمة الصحية مصرة على أن السلطات تسيطر على تفشي الفيروس وأن نظام الرعاية الصحية قادر على تحمل الوباء.

وقال عضو الفريق الحكومي المشكل لمكافحة الفيروس رامين بيراملي للصحافيين الأسبوع الماضي "بفضل قيود مكافحة الفيروس في مارس وأبريل، كسبنا الوقت لتحضير المستشفيات".

وقال إن بلاده اشترت "أعدادا كبيرة" من أجهزة التنفس الاصطناعي بينما تم إعداد 7000 سرير جديد في المستشفيات لمرضى كورونا.

كما أصر كبير الأطباء المتخصصين بالأمراض المعدية في البلاد عبدالله أغاييف على أن "الوضع الوبائي تحت السيطرة". وقال " إذا اتّبع الناس التوصيات لمواجهة الفيروس، فستتراجع حدة الوباء".