يقول الأكاديمي البريطاني نايجل بيغار إن الأكاديميين الشباب يخشون تعرض حياتهم المهنية للخطر إن دافعوا عن قضايا غير رائجة، في معرض رأيه بالروابط البريطانية بالماضي الكولونيالي.

إيلاف من دبي: قال نايجل بيغار، أحد كبار باحثي جامعة أكسفورد، إن الأكاديميين مترددون في الدفاع عن الإمبراطورية البريطانية لأنها ليست "عصرية"، ويخشون التعرض للتنمر.

وأضاف بيغار، وهو أستاذ اللاهوت الأخلاقي والرعوي في الجامعة نفسها، أن هناك عددًا أكبر من الأكاديميين الذين لديهم آراء محافظة، لكنهم يخشون عرض وجهات نظرهم.

أتت تصريحات بيغار في الوقت الذي تتم فيه إزالة التماثيل والمعالم الأثرية في جميع أنحاء بريطانيا بسبب الروابط مع الحقبة الاستعمارية البريطانية، وذلك باسم مناهضة العنصرية.

المطلوب مناقشات عقلانية

في وقت سابق من يونيو الجاري، حطم متظاهرون غاضبون من التمييز العنصري في الولايات المتحدة، تحت شعار "حياة السود مهمة"، تمثال تاجر الرقيق إدوارد كولستون في بريستول وألقوه في الميناء. وفي الأسبوع المنصرم، أوصت كلية أوريل في أوكسفورد بإزالة تمثال سيسيل رودس المثير للجدل، بعد احتجاجات على صلاته بالماضي الاستعماري البريطاني. ورودس صناعي من القرن التاسع عشر أوصى بمبلغ ضخم لكلية أوريل. وقد اضطرت إدارة الكلية إلى النزول عند رغبة التلاميذ الذين قاموا بحملة عنوانها "فليسقط رودس"، بدأوها منذ خمسة أعوام.

نصب أقيم لإحياء ذكرى فوز الأدميرال هوراشيو نيلسون في معركة ترافالغار تعرّض لمحاولة لازالته

وقال بيغار لـ "تلغراف" إنه بدلًا من محاولة "مسح التاريخ وإعادة كتابته"، ينبغي إجراء مناقشات عقلانية، تصل إلى اتخاذ قرارات من خلال عملية ديمقراطية. أضاف: "إن القادة المؤسسيين يتصرفون كالأرانب التي بهرتها المصابيح. اليوم، يحتشد الشباب في الشوارع، يصرخون ويصرخون، يعطون انطباعًا عن أعداد كبيرة وعن قوة شعبية، لكن هل يمثل هؤلاء رأي الأغلبية؟".

لا يعرفون

في عام 2017، شن الأكاديميون هجومًا صارخًا على بيغار بسبب مقولته بوجوب أن "يفخر" الناس ببعض جوانب ماضيهم الإمبريالي. فبرأيه، تاريخ الإمبراطورية البريطانية "مختلط أخلاقيًا، كتاريخ أي دولة أخرى، ويمكن الكبرياء أن يخفف الشعور بالعار".

فقد وقع أكثر من 50 أستاذًا ومحاضرًا وباحثًا رسالة مفتوحة تعبر عن "رفضهم القاطع" لآرائه هذه. فرد بيغار بالقول: "المشكلة هي أن معظم الأكاديميين لا يعرفون شيئًا عن التاريخ الإمبراطوري".

تمثال تشرشل أيضا تحت حماية الشرطة منعا لأي محاولة لهدمه

أضاف: "ما يعرفونه هو أنه ليس مألوفًا أن يدافعوا عن الإمبراطورية البريطانية، فلديهم الانطباع أن من يتجرأ على ذلك، مثلي، يتعرض للسخرية"، راويًا أن أحد الأكاديميين الشباب المشاركين في مؤتمر نظمه حول الاستعمار قال إنه سيحضر بشرط عدم ظهور اسمه في البرنامج، لأنه يخشى أن تتضرر حياته المهنية.

تابع في حديثه لـ "تلغراف": "ثمة أقلية يسارية متحمسة من الأكاديميين ستقنع أغلبية أكبر كثيرًا من الجهلة بهذا الأمر، ومن الأكاديميين الذين لا يريدون أن يقعوا في مشكلات".

منح بدلًا من الهدم

برأي بيغار، بدلاً من إزالة التماثيل، أفضل طريقة للتكفير عن الروابط التاريخية بالعبودية هي إعداد المنح الدراسية والتبرع بالمال لقضايا ذات صلة.

قال: "دع التاريخ يحكم. إذا كنت تهتم حقًا بالحرمان العنصري أو بمحنة السود، فلماذا لا تقدم منحًا دراسية بدلاً من هدم التماثيل؟"، مشيدًا بنهج كلية "أول سولز" (All Souls’ College) التي أطلقت في عام 2017 برنامجًا سنويًا للمنح الدراسية، وتمويل خريجي دول منطقة البحر الكاريبي للدراسة في أكسفورد، إلى جانب منحة لمدة خمس سنوات لكلية التعليم العالي في بربادوس.

تشويه تمثال روبرت بيل رئيس الوزراء السابق ومؤسس الشرطة البريطانية

تهدف هذه الخطوة إلى الاعتراف بإرث كريستوفر كودرينغتون، قطب مزارع السكر من بربادوس الذي ترك في عام 1710 جزءًا من ثروته للكلية لإنشاء المكتبة التي تحمل اسمه.

وقد دعا النشطاء إلى إعادة تسمية مكتبة كودرينغتون ونقل تمثاله الرخامي الموجود حاليًا في المكتبة إلى متحف لتجنب "تمجيده". لكن الكلية رفضت حتى الآن مثل هذه الدعوات.


أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن "تلغراف". الأصل منشور هنا.