إيلاف: انسجامًا مع تعهداته في اعتمادِ مبدأ التوازنِ في العلاقات الخارجية فقد تم الإعلان في بغداد وطهران عن قرب زيارتين سيقوم بهما الكاظمي إلى الولايات المتحدة وإيران، وزيارتين لوزير الخارجية العراقي إلى الرياض وطهران، لتطوير علاقات العراق مع البلدان الثلاثة.. فيما تم الإعلان عن اتفاقات مبدئية خلال مباحثات وفد إقليم كردستان في بغداد حول إنهاء الملفات العالقة بين الطرفين.

وخلال اجتماع عقده في بغداد وزير الخارجيّة العراقي فؤاد حسين مع ممثلة الأمين العامّ للأمم المتحدة ورئيسة بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق "یونامي" جينين هينيس بلاسخارت فقد تم بحث عدد من القضايا ذات العلاقة بالمنظمات الدوليّة العاملة في العراق والتعبير عن التقدير "لدور وجُهُود بعثة يونامي، والبعثات والوكالات الخاصّة الأخرى التابعة للأمم المتحدة لمُساعَدة الحُكُومة على تحقيق الأمن، والاستقرار والرفاهية للشعب العراقيّ في شتى المجالات، خُصُوصًا في مجال تقديم المُساعَدات الإنسانيّة إلى النازحين"، كما قال بيان صحافي للخارجية مساء أمس تابعته "إيلاف"، مبديًا رغبته في إجراء لقاءات مع جميع هذه البعثات لبحث تطوير آليّات العمل والتنسيق معها بشكل فعّال.

وشدد الوزير على ضرورة احترام سيادة العراق من قبل دول الجوار لتعزيز مبادئ حُسن الجوار، واتباع القنوات الدبلوماسيّة لمُواجَهة التحدّيات وحلحلة الأزمات.. مؤكدًا رفضه واستنكاره "لأيّ خرق أو هُجُوم على الأراضي العراقيّة"، في إشارة إلى العمليات العسكرية الجارية في مناطق شمال العراق لملاحقة عناصر حزب العمال التركي الكردي والقصف المدفعي الإيراني للمناطق نفسها ضد مسلحي ومواقع الحزب الإيراني الرديف للعمال التركي.

طالب حسين بضرورة وقف مثل هذه الانتهاكات من الجانب التركيّ، عادًّا أنّها تُخالِف المواثيق والقوانين الدوليّة.. منوهًا بأن الحكومة العراقية تحرص على انتهاج سياسة مُتوازنة في إقامة العلاقات مع الجميع، ولاسيما دول الجوار، كاشفًا عن أنَّ أولى زياراته الخارجيّة ستكون إلى طهران والرياض لتعزيز العلاقات الثنائيّة وفتح آفاق للتعاون بما يُحقّق المصالح المُشترَكة.

كما تطرّق الجانبان إلى جولة الحوار الاستراتيجيّ العراقي الأميركي التي عقدت في 11 من الشهر الحالي وأهمّيته في تعزيز مصالح البلدين، وانعكاسه على أمن واستقرار المنطقة، لافتًاً إلى أن رئيس الوزراء العراقي سيزور واشنطن خلال الشهر المقبل لاستكمال الحوار.

كما بحث الوزير مع بلاسخارت عددًا من القضايا الإقليميّة، ومنها: القضيّة الفلسطينيّة، حيث جدَّد الوزير الإعراب عن موقف العراق الثابت لتحقيق السلام والأمن، وإنهاء الاحتلال الإسرائيليّ للأراضي الفلسطينيّة، وحقّ الشعب الفلسطينيّ في إقامة دولته المُستقِلّة.

بالترافق مع ذلك كشف عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية الإيرانية العراقية حميد حسيني عن زيارة قريبة للكاظمي إلى طهران.

فؤاد حسين وبلاسخارت خلال اجتماعهما

وقال حسيني إن زيارة الكاظمي هذه بالغة الأهمية، ومن شأنها أن تعكس آثارًا إيجابية على صعيد العلاقات السياسية والتجارية بين العراق وإيران، لكنّ تأكيدًا رسميًا من بغداد عن الزيارة لم يصدر بعد.

وأشار حسيني في تصريح نقلته وسائل إعلام إيرانية إطلعت عليها "إيلاف" إلى أن بلاده صدرت سلعًا غير نفطية إلى العراق خلال الشهرين الأخيرين بلغت قيمتها 1.1 مليار دولار. وأوضح أن "الصادرات إلى العراق باتت في وضعية جيدة بعد إعادة فتح معبري مهران وخسروي الحدوديين".. وتوقع إعادة فتح جميع المعابر الإيرانية مع العراق، فيما لم يستبعد مواجهة بعض المشاكل التصديرية على وقع تفشي فيروس كورونا في العراق.

أضاف إنه "خلال هذين الشهرين بلغ المتوسط التصديري الشهري إلى العراق 550 مليون دولار، وإنه رغم الفارق مع المعدل الشهري 750 مليون دولار المسجل في السنة المالية السابقة فإن هذا المستوى يظل مشجعًا في ظل ظروف تفشي الفيروس" الذي أرغم على غلق المنافذ الحدودية بين البلدين للفترة السابقة.

يشار إلى أن البرنامج الحكومي للكاظمي، الذي نالت وزارته على أساسه ثقة البرلمان العراقي في السابع من الشهر الماضي، قد نص على أنه "لا يمكنُ ضمان السيادة الوطنية من دونِ اعتمادِ مبدأ التوازنِ في العلاقات الخارجية، وتوازنُ العراق ينطلق من عدم تبنيهِ سياسة المحاورِ وعدمِ الدخول طرفًا في الصـراعاتِ، والانفتاحِ الإيجابيِّ على الدولِ الشقيقةِ والصديقةِ في نطاقِ عمقِهِ العربي وجوارِهِ الإسلامي والتزاماتِهِ الدولية".

اتفاقات مبدئية لحل المشاكل بين بغداد وأربيل
من جهة أخرى، بحث الكاظمي مع وفد حكومة إقليم كردستان برئاسة نائب رئيس الحكومة قوباد طالباني الخيارات المتاحة للتوصل إلى اتفاق شامل.

وبحث الجانبان مساء أمس بشكل مكثف خيارات الطرفين للتوصل إلى اتفاق شامل حول الملفات العالقة بين بغداد وأربيل، حيث تقرر مواصلة الاجتماعات خلال الأيام المقبلة.

من جانبه، كشف النائب بشار الكيكي عن كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني أن المباحثات هذه كانت ناجحة أبدى خلالها وفد حكومة الإقليم "كامل الاستعداد للتعاون ووفق الأطر الدستورية في العلاقة المالية وكذلك تفاصيل الواردات النفطية، وأنه لا يوجد أي مانع بتسليم الإقليم كل الإيرادات النفطية وغيرها حسب قانون الإدارة المالية وكذلك المنافذ الحدودية والجمارك التي ستسلم واراداتها بنسبة 50% إلى بغداد والباقي إلى الإقليم".

وقال الكيكي في تصريح إطلعت عليه "إيلاف" إن "هناك تفاهمًا مبدئيًا بأن يكون الاتفاق بين الجانبين على كامل الملف النفطي، أي بمعنى الالتزام ضمن الشروط التي وقعتها حكومة الإقليم مع الشركات النفطية الأجنبية، وتسديد ديونها المترتبة على الإقليم، مع تناول ملف الطاقة بشكل كامل، وليس مجزءًا، وهذا قابله تفهم من بغداد".

وكشف أن "وفد الإقليم سلم كل البيانات بما يتعلق في البيع والإنتاج والتسويق للنفط إلى بغداد، ولم يعد ذلك مشكلة، لكن في المقابل سيتم ضمان جميع مستحقات الإقليم، ورفع نسبة استحقاقه المالي في موازنة العراق العامة من 14% إلى أكثر من 15%".

وكان وفد رفيع من حكومة إقليم كردستان برئاسة قوباد طالباني قد وصل إلى بغداد أمس، وأجرى مباحثات حول خيارات الطرفين من أجل التوصل إلى اتفاق بشأن ملفات مالية ونفطية والمنافذ والجمارك والرواتب.

وكان رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني قد عقد في بغداد الاثنين الماضي سلسلة اجتماعات مع الرئاسات العراقية الثلاث، تم خلالها بحث موازنة العراق لعام 2020 وحصة الإقليم منها والمستحقات المالية للإقليم. وقال بارزاني في ختام جولات مباحثاته هذه: لقد "حان الوقت لنتوصل إلى فهم مشترك، وأن نحل المشاكل بصورة نهائية، من خلال اتفاق شامل ومرض للطرفین، يوفر الأمان والاستقرار والعدالة والتقدم لحاضر ومستقبل العراق".