القدس: يكافح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو قبل أسبوع من الإعلان عن جدول تنفيذ مخطط ضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية المحتلة، من أجل تغيير المواقف المعارضة في الداخل والخارج.

بموجب صفقة الائتلاف الحكومي بين نتانياهو ومنافسه السابق بيني غانتس، يمكن بدء تنفيذ مخطط ضم إسرائيلي لمستوطناتها في الضفة الغربية ومنطقة غور الأردن الاستراتيجية في الأول من يوليو. ويعتبر المخطط جزءا من خطة أميركية أوسع كان الرئيس دونالد ترامب أعلن عنها في أواخر يناير.

تقترح الخطة الأميركية أيضا إمكانية إنشاء دولة منزوعة السلاح للفلسطينيين، لكنها تنفي مطالب رئيسة لهم كاعتبار القدس الشرقية عاصمة لهم. ويرفض الفلسطينيون بشكل قاطع مخطط الضم كما أعلنوا سابقا رفض الخطة الأميركية.

وفي مدينة أريحا، شارك الآلاف الإثنين في تظاهرة حاشدة رافضة للضم، في حين فشلت مسيرات أخرى انطلقت في الضفة الغربية في وقت سابق من حشد مشاركة واسعة.

ويرى نتانياهو في خطة واشنطن "فرصة تاريخية" لـ"تطبيق السيادة" على مساحات واسعة من الضفة الغربية. أمام نتانياهو أشهر معدود فقط لتنفيذ مخططه قبل الانتخابات الأميركية في نوفمبر.

أما الاتحاد الأوروبي الذي يعتبر أكبر شريك تجاري للدولة العبرية، فلا يزال منقسما بشأن العقوبات المحتمل فرضها على إسرائيل إذا ما نفذت مخططها.

مساحة الضم
يقول دبلوماسي أوروبي يتابع التطورات عن كثب، إنه يتعين على نتانياهو اتخاذ قرار حول المساحة التي يعتزم ضمها. وقال الدبلوماسي الأوروبي لفرانس برس "بالنسبة لنتانياهو الموضوع يتعلق بالحجم، حجم القطعة التي سيقضمها".

اجتمع نتانياهو أخيرا بقادة مستوطنات الضفة الغربية التي يعيش فيها أكثر من 450 آلاف مستوطن على أراضي الفلسطينيين الذين يزيد تعدادهم عن 2,8 مليون نسمة.

واجه نتانياهو معارضة من بعض هؤلاء، إذ اقترح بعضهم عليه ضم المستوطنات فقط أو الكتل الاستيطانية مثل معاليه أدوميم وغوش عتصيون وأرييل. وقال نمرود غورين من الجامعة العبرية في القدس "إن نطاق الضم سيؤثر بالتأكيد على شدة رد الفعل الدولي".

يشير غورين إلى أن رد الفعل الفلسطيني سيؤثر على الخطوات المتخذة في الخارج. وبحسب غورين المؤسس لمركز "ميتيف" الفكري للسياسة الخارجية الإقليمية فان "اندلاع عنف من غزة او الضفة الغربية سيؤدي إلى تكثيف الدول الأخرى لردها".

وتراجع الاهتمام الدولي بالنزاع الإسرائيلي الفلسطيني، بسبب انشغال قادة الشرق الأوسط بثورات "الربيع العربي" وظهر تنظيم الدولة الإسلامية. وواصلت إسرائيل التحذير من المخاطر التي يشكلها عدوها اللدود إيران التي تحاول زيادة نفوذها في المنطقة. .

العلاقات الإقليمية

في سابقة، نشر مسؤول إماراتي في وقت سابق من هذا الشهر مقال رأي في صحيفة إسرائيلية محذرا فيه من عرقلة أي احتمال لحصول تقارب بين إسرائيل والدول العربية في حال تم تنفيذ مخطط الضم.

وكتب السفير الإماراتي في واشنطن يوسف العتيبة في مقال نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية الأكثر مبيعا مشددا على أن الضمّ "سيقوض بالتأكيد وعلى الفور التطلعات الإسرائيلية لتحسين العلاقات الأمنية والاقتصادية والثقافية مع العالم العربي والإمارات". وتقيم إسرائيل علاقات دبلوماسية رسمية مع الأردن ومصر اللتين وقعتا معاهدات سلام معها.

وقال أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات لوكالة فرانس برس إن "ائتلافا دوليا كبيرا" يضم دولا عربية وإفريقية وأوروبية يدعم الفلسطينيين ضد مخطط الضم الإسرائيلي.

ويلقى المخطط الإسرائيلي معارضة المجتمع الدولي أيضا. وقطع الفلسطينيون العلاقات مع واشنطن في العام 2017 ورفضوا المقترحات الأميركية الأخيرة. من جهته، حذر رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس من اتخاذ خطوات من شأنها الإضرار بالعلاقات مع عمان.

وكان الأردن حذر على لسان وزير خارجيته أيمن الصفدي الأسبوع الماضي من أن الضم يشكل "خطرا غير مسبوق على عملية السلام". ويخشى الإسرائيليون أيضا تنفيذ مخطط الضم، وتراجع دعمهم له الى ما دون 50 في المئة.

ويرى الإسرائيليون الذين يشكون كغيرهم في العالم من الأزمة الاقتصادية التي خلفها تفشي فيروس كورونا، أن هناك أولويات حياتية أهم من طموحات نتانياهو السياسية.

الضفة الغربية المحتلة بالأرقام

من المتوقع أن تعلن الحكومة الإسرائيلية بحلول الأول من يوليو المقبل عن جدول زمني للمخطط الذي كان جزءا من الخطة الأميركية للسلام التي أعلنت في أواخر يناير.

- تعداد السكان -

تبلغ مساحة الضفة الغربية الواقعة بين إسرائيل والأردن، 5655 كيلومترا مربعا.

يعيش هناك أكثر من 450 ألف مستوطن في مستوطنات إسرائيلية بنيت على أراضي الفلسطينيين البالغ تعدادهم أكثر من 2,8 مليون نسمة.

وفقا لبيانات جمعتها منظمات إسرائيلية غير حكومية مناهضة للاستيطان، تضاعفت أعداد الوحدات السكنية الموافق عليها في المستوطنات بعد تولي دونالد ترامب الرئاسة في الولايات المتحدة في العام 2017، والذي يعتبر مؤيد قوي للدولة العبرية.

وترتبط المستوطنات الإسرائيلية البالغ عددها 130، بطرق يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي. بحسب الحكومة الإسرائيلية ومنظمات غير حكومية، يعيش نحو 10 آلاف مستوطن في غور الأردن، المنطقة التي تشكل 30 في المئة من مساحة الضفة الغربية والتي تعتبر السلة الغذائية للفلسطينيين.

بينما يبلغ عدد الفلسطينيين حوالي 65 ألفا، بينهم 20 ألف هم سكان مدينة أريحا، وفق أرقام منظمة بتسيلم الإسرائيلية المناهضة للاستيطان.

- مناطق -

وفقا لاتفاقية الحكم الذاتي "أوسلو" التي وقعها الجانبان الإسرائيلي والفلسطيني في تسعينيات القرن الماضي، تقسم الضفة الغربية إلى ثلاثة مناطق هي (أ) و(ب) و(ج).

تشكل المنطقة المصنفة (ج) والخاضعة للسيطرة الإسرائيلية الكاملة حوالى 60 في المئة من الضفة الغربية.

وتقع المستوطنات وأجزاء من غور الأردن الذي تنوي اسرائيل ضمه، ضمن هذه المنطقة.

أما السلطة الفلسطينية فتسيطر على ما تبقى من مساحة الضفة الغربية، أي على 40 في المئة، معظمها مناطق حضرية.

- الاقتصاد -

بحسب البنك الدولي، يبلغ معدل الفقر بين الفلسطينيين في الضفة الغربية 14 في المئة.

وتشير أرقام مكتب منسق الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، إلى أن معدل البطالة بلغ في العام 2018، 18 في المئة.

ويعمل حوالى 120 ألف فلسطيني في إسرائيل أو مستوطناتها في الضفة الغربية المحتلة.

ويبلغ متوسط الأجر اليومي في مؤسسات القطاع الخاص في الضفة الغربية 118 شيكلا (حوالى 34 دولارا)، مقارنة بـ 238 شيكلا في إسرائيل والمستوطنات، وذلك بحسب مكتب الأمم المتحدة.