حذّر الرئيس اللبناني ميشال عون، الذي يواجه مع حكومته منذ أشهر تحرّكات شعبية مناهضة بسبب أزمة اقتصادية واجتماعية غير مسبوقة، الخميس من مغبّة "العبث بالأمن والشارع"، بعد احتجاجات تخللتها أعمال شغب محدودة وقعت قبل أسبوعين.

وجاءت مواقف عون خلال "لقاء وطني" دعا إليه في القصر الرئاسي في بعبدا، وقاطعته القوى السياسية المعارضة على رأسها رؤساء أحزاب مسيحية: القوات اللبنانية والكتائب وتيار المردة. كما غاب عنه رؤساء الحكومات السابقين (سنة) وعلى رأسهم سعد الحريري، رئيس تيار المستقبل. وانتقد هؤلاء أداء السلطات، معتبرين أن الأولوية يجب أن تنصب على اتخاذ اجراءات إنقاذية ملحّة لوقف الانهيار المتسارع الذي يدفع المواطنين للنزول إلى الشارع.

وشارك في اللقاء ممثلون عن حزب الله وبقية الكتل المتحالفة معه، بحضور رئيس البرلمان نبيه بري ورئيس الحكومة حسان دياب.

وجاءت الدعوة إلى اللقاء على خلفية تحرّكات غاضبة استمرت أربعة أيام قبل أسبوعين، تخللها تكسير واجهات محال ومصارف ومواجهات مع القوى الأمنية خصوصاً في بيروت وطرابلس، بعدما تخطى سعر صرف الليرة في السوق السوداء عتبة الخمسة آلاف ليرة حينها. ثم ارتفع مجدداً هذا الأسبوع ليتجاوز الستة آلاف.

وقال عون "ما جرى في الشارع في الأسابيع الأخيرة.. يجب أن يكون إنذاراً لنا جميعاً للتّنبه من الأخطار الأمنية التي قرعت أبواب الفتنة من باب المطالب الاجتماعية".

وأضاف "ليس أي إنقاذ ممكناً إن ظلّ البعض مستسهلاً العبث بالأمن والشارع، وتجييش العواطف الطائفية والمذهبية، ووضع العصي في الدواليب"، مشدداً على أنّ "السلم الأهلي خط أحمر والمفترض أن تلتقي جميع الإرادات لتحصينه، فهو مسؤولية الجميع".

وانتهى اللقاء ببيان ختامي دعا إلى "وقف جميع أنواع الحملات التحريضية التي من شأنها إثارة الفتنة وتهديد السلم الأهلي". وأكّد أن "المعارضة العنفية التي تقطع أوصال الوطن وتواصل أبنائه وتلحق الضرر بالممتلكات العامة والخاصة لا تندرج في خانة المعارضة الديمقراطية والسلمية" معتبراً أنّه "في زمن الأزمات الوجودية على الحكومة والمعارضة التلاقي والعمل معاً".

وبرزت في الأيام الأخيرة انتقادات حادة من القوى السياسية المعارضة لأداء عون والحكومة في مواجهة الأزمة الاقتصادية، جراء العجز عن اتخاذ أي اجراءات عملية.ويعقد مسؤولون منذ أسابيع اجتماعات مع صندوق النقد الدولي، أملاً بالحصول على دعم بأكثر من 20 مليار دولار.

واعتبر رئيس حزب القوات سمير جعجع الذي كان شريكاً في التسوية السياسية التي أوصلت عون إلى سدة الرئاسة، في مؤتمر صحافي الأربعاء أنّ "الحل الوحيد هو أن ترحل المجموعة الحاكمة وتتنحى جانباً لتترك غيرها يقوم بإنقاذ البلاد".

واعتبر رؤساء الحكومات السابقين في بيان الإثنين أن دعوة عون للقاء "تشكل مضيعة لوقت الداعي والمدعوين في وقت تحتاج البلاد (...) إلى مقاربات مختلفة لانتشالها من الأزمة الحادة".

وقال رئيس الحكومة من جهته خلال اللقاء إن لبنان يمرّ "بمرحلة مصيرية"، مضيفاً "لا يهتم اللبنانيون اليوم سوى بأمر واحد: كم بلغ سعر الدولار؟ (...) لم يعد يهمهم ما نقول. يهمهم فقط ماذا سنفعل".

وتجمّع عشرات المتظاهرين وسط إجراءات أمنية مشددة على الطريق المؤدي الى القصر الجمهوري خلال اللقاء، ونددوا بمضمونه بعدما شهدت مناطق عدة خلال الأشهر القليلة الماضية اعتداءات على متظاهرين سلميين، من دون أن تحرّك السلطات ساكناً.

وانتقد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي عنوان الاجتماع. وغرّد أحدهم ويدعى حمزة "انهيار اقتصادي، انهيار منظومة مصرفية، دولار يطير.. فقر حاد وكورونا. ما الحلّ؟ لقاء في بعبدا لنؤكد على السلم الأهلي ودرء الفتنة!".

وكتب طوني معوض "ما هذه المسرحية؟" مرفقة بوسم #لقاء_بعبدا. كما غرّد حسين فواز مستخدماً الوسم ذاته "لست أدري كيف من عاث فيها فساداً سيصلحها".

ويعد الانهيار الاقتصادي الأسوأ في لبنان منذ عقود. وخسر عشرات الآلاف منذ الخريف مصدر رزقهم أو جزءاً من مداخيلهم جراء الأزمة التي دفعت مئات الآلاف للنزول الى الشارع في 17 تشرين الأول/أكتوبر وعلى مدى أسابيع ناقمين على الطبقة السياسية.