لندن: أثارت الحكومة البريطانية غضبا بعد إعلان عزمها تعليق مشاركة هيئات محلفين شعبية في محاكمات بعض الجرائم نظرا لتراكم مئات الآلاف من القضايا لأسباب عدة بينها أزمة جائحة كوفيد-19.

وكانت نحو 484 ألف قضية تنتظر بدء النظر فيها أمام محاكم الغرفة الأولى في إنكلترا وويلز حتى 17 أيار/مايو، فيما كانت قرابة 41 ألف قضية لا تزال عالقة أمام محاكم أعلى درجة.

وقال وزير العدل روبرت باكلاند هذا الأسبوع إن الاستماع لقضايا معينة أمام قاض واثنين من رجال القانون قد يكون بمثابة "طريق إلى الأمام وملاذ أخير" لتخفيف العبء.

وقال إنه "تردد كثيرا" في مسألة إجراء التعديل الموقت لقضايا يمكن النظر فيها أمام رجل قانون أو قاض وهيئة محلفين، مثل السرقة والسطو.

لكنه قال أمام مشرعين إن تفشي فيروس كورونا المستجد أوجد "تحد غير مسبوق" وإن "الواجب يملي" عليه التفكير في جميع الخيارات.

لكن مجرد التفكير في تلك الخطوة أثار غضب بعض المشرعين والعديد من القانونيين الذين يقولون إن اقتطاعات التمويل الحكومية وليس تداعيات الفيروس هي السبب في ذلك.

وكتبت رئيسة نقابة المحامين الجنائيين كارولين غودوين رسالة مفتوحة ذكرت فيها أن من شأن خطوة كتلك أن "تغير وجه العدالة للأسوأ".

وقالت إن "الحق في محاكمة أمام هيئة محلفين ليس امتيازا للنخبة. إنه المكان الذي يمكن للإنسان العادي، للمواطن العادي أن يحصل على عدالة يقررها أقرانه".

وأضافت "النظام القضائي غير معطل ولا يحتاج إلى تصليح، إن رغبة الحكومة في الاستثمار هي ما يحتاج للإنعاش".

- ضبط الميزان -

تقول وزارة العدل إن معظم القضايا الجنائية العالقة تعود إلى ما قبل الجائحة.

ويتفق كبير القضاة في انكلترا وويلز اللورد إيان بورنيت مع المنتقدين في أن "سنوات وسنوات" من نقص التمويل "عادت لترخي بظلالها".

وساء الوضع خلال تفشي الفيروس مع تأجيل محاكمات بعد أن اغلقت محاكم وارتفعت أعداد الإصابات بالفيروس بين الموظفين فيما فرضت قواعد التباعد الاجتماعي إعادة تنظيم هائلة.

وقال باكلاند أمام لجنة مراقبة عمل القضاء في البرلمان إن الوضع "يتحسن بسرعة" مع إعادة غالبية المحاكم فتح أبوابها بعد أشهر من عقد الجلسات على الانترنت.

لكن المديرة التنفيذية لجهاز المحاكم والهيئات القضائية سوزان اكلاند-هود اعتبرت أن استئناف المحاكمات أمام هيئات المحلفين هو الجزء "الأصعب".

وقالت إن ذلك "لا يزال مقيدا بالتباعد الاجتماعي".

وقال باكلاند إن بعض المباني يجري تخصيصها كمحاكم موقتة، وإنه يفكر في السماح بهيئات محلفين أصغر حجما تضم سبعة أشخاص بدلا من 12 في بعض القضايا، كما كان الحال خلال الحرب العالمية الثانية.

لكنه أضاف أن ذلك قد لا يكفي لحل أزمة تراكم القضايا قبل عيد الفصح العام المقبل، ما قد يدفع إلى تعليق محتمل لمشاركة هيئات محلفين في بعض المخالفات.

وقال "يجب أن أحقق التوازن بين الحرص على أن يكون لدينا نظام قضائي عادل يعتبره الجميع حرا وعادلا، ونظام شق طريقه في هذه الأزمة بالتحديد".

- قضاة وليس ممثلون -

كانت رئيسة المحكمة العليا السابقة القاضية بريندا هايل من بين الشخصيات البارزة التي دعمت تلك الخطوة. وقالت لبي.بي.سي على خدمة بودكاست، إنه قد تكون هناك ضرورة "لإعادة التفكير في أسباب الحاجة لمحاكمة بمشاركة هيئة محلفين ومتى" بسبب الوباء.

وقال بورنيت أيضا إن ذلك "جدير بالاخذ بعين الاعتبار".

وأضاف أن ذلك من شأنه أن "يحافظ على دور المواطن العادي في المحاكمة، ولكن من دون التسبب في أي من صعوبات التباعد الاجتماعي المرتبطة بوجود هيئة محلفين في المحاكمة".

لكن المعارضين وبينهم المحامية جوانا هاردي قالت إن القضاة ورجال القانون يخفقون في "تمثيل المجتمعات المتنوعة التي يخدمونها".

وأشارت إلى استطلاع عام 2019 أظهر أن أربعة بالمئة فقط من القضاة الذين شملهم الاستطلاع، كانوا من السود أو الآسيويين أو من أقليات اتنية.

و84 بالمئة من رجال القانون كانت أعمارهم تفوق 50 عاما.

وقالت لوكالة فرانس برس إن "الاختيار العشوائي ل12 مواطنا لن يكون التمثيل الأفضل لكنه سيكون الأحسن".

واسكتلندا التي تطبق نظاما قضائيا خاصا بها، أعلنت في وقت سابق تعليق مشاركة هيئات المحلفين لما يصل إلى 18 شهرا، لكنها تخلت عن الخطة بعد انتقادات.

وإلى جنوب الحدود وصف زميل باكلاند المحافظ ديفيد ديفيز المقترح ب"غير الحكيم".

وقال المتحدث باسم حزب العمال لشؤون العدل ديفيد لامي إن من شأنه "الإضرار بديموقراطيتنا".

ودعا حزب العمال لاستخدام قاعات المحاضرات في الجامعات والمدارس ومركز الترفيه لإجراء محاكمات.

لكن اكلاند-هود اشارت إلى الحاجة لنحو 200 موقع إضافي لحل مشكلة تراكم القضايا بشكل ملائم فيما لا تزال قيود الحد من الفيروس مطبقة.