احتفلت الولايات المتحدة الأميركية السبت، بيوم الاستقلال، في الرابع من يوليو، وشوهد آلاف المواطنين أمام منتزه "ناشيونال مول" وسط العاصمة واشنطن دي سي

وألقى الرئيس دونالد ترمب خطابا بالمناسبة، ذكّر فيه بالقيم التي توارثها الشعب الأميركي جيلا بعد جيل، ووعد الأميركيين بالعمل من أجل المحافظة عليها "تماما كما فعل الأجداد"، على حد تعبيره

ولم يغفل الرئيس الأميركي الحديث عن إنجازاته الاقتصادية التي تحققت خلال ولايته الرئاسية، كما أنه ركز كثيرا على فيروس كورونا المستجد الذي "جاءنا من الصين"

ترمب كشف في السياق عن قراره تكريم الشخصيات التاريخية العظيمة التي صنعت قوة الولايات المتحدة، وذكر أسماء عديدين، منهم أبراهام لينكولن وجورج واشنطن ومارثن لوثر كينغ والرئيس السابق رونالد ريغن

وقال ترمب إن "هؤلاء عدد قليل من الناس الذين نرشحهم لنصنع لهم تماثيل" ثم استدرك "وهذه التماثيل لن تهدم أبدا"، في إشارة إلى حملة مناهضة للتماثيل التي يعود أصحابها إلى حقبة العبودية والحرب الأهلية في أميركا

وأشاد ترمب برجال إنفاذ القانون "الذين يساهمون يوميا في ضبط الأمن في البلاد"، وخص بالذكر شرطيا قتل وهو يؤدي خدمته، وتوجه ترمب لعائلة الشرطي بالقول: "شكرا جزيلا"

وأشاد ترمب بتمكن القوات المسلحة بقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني والقيادي في الميليشيات العراقية مهدي المهندس في غارة بالعراق في وقت سابق من هذه السنة. والاثنان كانا ضمن قائمة الإرهاب الأميركية

وقال ترمب في هذا الصدد "حاربنا دوما حتى النصر، فعندما تعرضت حياة أجدادنا للخطر ردوا بنفس الطريقة" ثم تابع "نحن أميركيون ولن نتراجع ولن نتخلى عن الدفاع عن بلادنا".

ترمب يهاجم "اليسار الراديكالي" ووسائل الإعلام والصين
وقال ترمب في مراسم جرت في حديقة البيت الأبيض "نحن في طريقنا لدحر اليسار الراديكالي والماركسيين والفوضويين ومثيري الشغب واللصوص".

خلافا للخطب الرئاسية الداعية في هذه الذكرى إلى تعزيز الشعور الوطني ووحدة الأميركيين هاجم الملياردير الجمهوري أيضا وسائل الإعلام التي "تتهم معارضيها ظلما بالعنصرية". وقال ترمب قبل أربعة أشهر من الانتخابات الرئاسية "بقدر ما تكذبون وتفترون (...) بقدر ما سنعمل من أجل قول الحقيقة وسننتصر". كما حمل ترمب بعنف على الصين التي سجلت أول إصابة فيها بفيروس كورونا المستجد، مؤكدا أنها "يجب أن تُحاسَب".

وبقي الرئيس الأميركي وفيا للرسالة التي يكررها منذ أيام، مقللا مرة جديدة من خطورة الارتفاع الكبير في عدد الإصابات بكوفيد-19 الذي يثير قلق السلطات الصحية. وقال ترمب "حققنا تقدما كبيرا واستراتيجية تعمل بشكل جيد".

وفي هذه السنة، بدت احتفالات الرابع من يوليو التي تشهد تقليديا عروضا وحفلات شواء وألعابا نارية، محدودة في جميع أنحاء الولايات المتحدة بسبب انتشار وباء كوفيد-19. وقبل ساعات من خطاب ترامب، أعلنت ولاية فلوريدا عن عدد قياسي من الإصابات بالفيروس بلغ 11 ألف و458 في الساعات الـ24 الأخيرة.

وفي مواجهة حجم الأزمة، أعلن كارلوس خيمينز رئيس بلدية منطقة ميامي ويد التي يبلغ عدد سكانها 2,7 مليون نسمة، الجمعة حظرا للتجول اعتبارا من الساعة 22,00 بالتوقيت المحلي.

وأوضح خيمينيز أن "الهدف هو منع السكان من المجازفة ومن التجول مع الأصدقاء في مجموعات، بعدما تبين أن ذلك يشكل عاملا لانتشار سريع للفيروس".

وفي أتلانتا في ولاية جورجيا وناشفيل بولاية تينيسي، ألغيت حفلات موسيقية أو ألعاب نارية. أما في هيوستن (ولاية تكساس) التي تعد بؤرة للوباء في الجنوب، فقد احتفل الأميركيون بهذا العيد الوطني عبر الانترنت.

عنصرية ممنهجة
على الرغم من الوباء، بقيت ساحة "ناشونال مول" الهائلة التي تضم نصبا رسميا في العاصمة الاتحادية، ومحيطها مفتوحين للجمهور لألعاب نارية وصفت بـ"الضخمة".

وبعد الخطاب الرئاسي العنيف، قامت طائرات من الحرب العالمية الثانية وسرية طائرات من وحدة "بلو انجلز" التابعة للبحرية الأميركية، بعرض جوي.

وتحيي الولايات المتحدة في هذه الذكرى يوم إعلان 13 مستعمرة بريطانية في 1776 انفصالها عن المملكة المتحدة وتأسيسها الولايات المتحدة الأميركية. وتأتي الاحتفالات بالذكرى هذه السنة ببعض المرارة.

فمنذ وفاة جورج فلويد الرجل الأسود، تشهد الولايات المتحدة حركة تاريخية ضد العنصرية تشبه تلك المطالبة بالحقوق المدنية في ستينات القرن الماضي. وفي جميع أنحاء البلاد دعي إلى تجمعات من أجل العدالة والمساواة العرقية وضد حكومة الرئيس ترامب.

وفي واشنطن، دعت حوالى عشرين منظمة إلى التظاهر خصوصا أمام نصب أبراهام لينكولن الذي ألقى من أمامه زعيم حركة الحقوق المدنية مارتن لوثر كينغ خطابه الشهير "لدي حلم" في 1963.

وقالت كاتيما ماكميلان (24 عاما) وهي أميركية من أصل إفريقي "نريد أن يعرف العالم وليس الولايات المتحدة فقط، أننا نساوي ما يساويه الآخرون". من جهته، صرح المرشح الديموقراطي للانتخابات الرئاسية جو بايدن السبت أن "بلدنا تأسس على فكرة مفادها أننا نولد جميعا متساوين".

واضاف نائب الرئيس السابق باراك أوباما "لم نكن يوما بمستوى هذه الفكرة"، داعيا إلى الاتحاد لتجاوز "أكثر من مئتي عام من العنصرية الممنهجة".