القدس: برز السفير الأميركي لدى إسرائيل ديفيد فريدمان كشخصية مركزية في مخطط ضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة الى إسرائيل المثير للجدل.

ويقول خبراء إن فريدمان شجّع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو على التحرّك السريع في ما يتعلق بالضمّ، وبدا متحمسا أكثر من البيت الأبيض.

وفريدمان (61 عاما) محام له تاريخ طويل في دعم مستوطنات الضفة الغربية التي تعتبر غير قانونية في نظر القانون الدولي. وكان من أشد مؤيدي نقل السفارة الأميركية الى القدس في 2018.

قبل أن يتولى منصبه كسفير في 2017، عمل فريدمان مع منظمة "أصدقاء بيت إيل الأميركيون" التي تدعم مستوطنة بيت إيل العشوائية القريبة من مدينة رام الله.

ومنذ تسلمه منصبه، أكد السفير الأميركي على "حقّ" إسرائيل في ضمّ أراض في الضفة الغربية. ولفريدمان علاقة طويلة مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعد أن مثل كمحامي شركات مرتبطة بترامب في إجراءات إفلاس أميركية.

وتدعم خطة ترامب للسلام في الشرق الأوسط ضمّ إسرائيل لمستوطناتها في الضفة الغربية ومنطقة غور الأردن الاستراتيجية. كما تنص على التفاوض مع الفلسطينيين حول دولة مستقبلية منزوعة السلاح.

أهداف خاصة
يرفض الفلسطينيون الخطة الأميركية بشكل قاطع، بما فيها مخطط الضمّ.

وينظر إلى فريدمان على أنه الصوت الأميركي الرئيس الذي يحضّ إسرائيل في اتجاه المضي قدما في تنفيذ المخطط بشكل أحادي، وهي خطوة من المؤكد أنها ستثير غضبا دوليا.

ويعتقد عضو الكنيست الإسرائيلي المعارض ورئيس حزب "ميرتس" اليساري نيتسان هوروفيتس أن فريدمان "لا يمثل الولايات المتحدة تماما، إنما أكثر رأيه وأهدافه الخاصة".

يوضح هوروفيتس لوكالة فرانس برس أنه يستند في رأيه هذا الى معلومات حصل عليها من مسؤولين أجانب وإسرائيليين. ويضيف "إنه يتّبع أجندة تركّز على الضم، وحسب معلوماتي وفهمي، لا يوافق عليها معظم زملائه في واشنطن". ورفضت السفارة الأميركية التعليق على هذا الموضوع.

وبحسب اتفاق الائتلاف الحكومي الذي أنهى أزمة سياسية طويلة في إسرائيل، حدّد الأول من يوليو موعدا يمكن للحكومة الإسرائيلية أن تقدّم اعتبارا منه آلية تنفيذ مخطط الضم.

وحتى اليوم، لم يحصل أي إعلان يتعلّق بهذه الآلية. وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن السبب يعود الى وجود تحفظ في الولايات المتحدة إزاء تحرّك فوري.

وقال السفير الإسرائيلي السابق لدى واشنطن مايكل أورين لفرانس برس إن هناك انقساما في الموقف الأميركي تجاه الضم بين من يؤيد وجهة نظر فريدمان ومن يؤيد مستشار البيت الأبيض جاريد كوشنر، مهندس الخطة الأميركية للسلام بين الفلسطينيين وإسرائيل.

وبحسب أورين، فإن كوشنر، صهر ترامب، يرى أن الخطة "وحدة كاملة"، وأن تنفيذ الضم من جانب واحد يجعل إسرائيل تخاطر باستبعاد اللاعبين الإقليميين الذين يعتبر دعمهم للخطة ضروريا، لا سيما منهم دول الخليج العربي التي يتوقع أن تكون الجهة الداعمة ماليا لدولة فلسطينية مستقبلية.

وجوب التحرك
يوافق أورين الذي يقول إنه يعرف فريدمان بشكل "جيد إلى حد ما"، الرأي الذي يقول إن السفير أراد تنفيذ مخطط الضم بشكل منفصل عن بقية بنود الخطة الأميركية.

في الوقت ذاته، يقلّل السفير السابق من أهمية الفكرة التي تقول إن فريدمان اليهودي مدفوع بالحماسة الدينية أو الرغبة الشخصية، ويسعى إلى رؤية القانون الإسرائيلي مطبّقا على "يهودا والسامرة"، وهو الاسم التوراتي للضفة الغربية.

ويقول أورين "نعم فريدمان مؤيد للاستيطان، نعم هو مؤيد للضم"، لكن جزءا من دوافعه ما هي إلا تكتيك. ويضيف أن هناك من ينسب اليه خطأ رغبته في "ضمّ كل الضفة الغربية" الى إسرائيل. ويعتقد أورين أنه "يجب التحرك في خطة السلام أو إنها ستموت مثل خطط السلام الأخرى".

ويشير أورين الذي عمل في السابق مستشارا لرئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين الذي وقّع اتفاقية أوسلو للسلام مع الفلسطينيين، الى أن فريدمان يعتبر أنه في حال ترك الفلسطينيون "طاولة المفاوضات، يجب أن يدفعوا ثمن ذلك".

وبرز الانقسام بين فريدمان وكوشنر بعد أيام من الكشف عن خطة ترمب للسلام التي أعلنها في أواخر يناير. إذ قال فريدمان لصحافيين حينها إن إسرائيل "يجب أن لا تنتظر على الإطلاق" قبل ضمّ أراض في الضفة الغربية. وأدلى كوشنر بعد أيام بتصريحات معاكسة.