سيدني: مهدت استراليا الخميس الطريق أمام منح إقامة دائمة للآلاف من مواطني هونغ كونغ المقيمين على أراضيها ردا على إجراءات قمعية للصين بحق المعارضة، ما أثار ردا غاضبا من بكين.

وقال رئيس الوزراء الاسترالي سكوت موريسون إن حكومته بصدد تعليق اتفاق تبادل تسليم الملاحقين بين هونغ كونغ وبلاده، إضافة إلى تمديد صلاحية التأشيرات الممنوحة لنحو عشرة آلاف شخص من هونغ كونغ يقيمون في استراليا وفتح الباب أمام آلاف آخرين يرغبون في بدء حياة جديدة على الأراضي الاسترالية.

وقال موريسون إن هذه الإجراءات اتخذت ردا على فرض الصين قانونا صارما جديدا للأمن القومي في هونغ كونغ معتبرا أن القانون "يشكل تغييرا أساسيا في الظروف" في المدينة التي تحظى بحكم شبه ذاتي.

وقال خلال مؤتمر صحافي إن "أستراليا تقوم بتعديل قوانينها. قوانيننا السيادية وبرنامجنا السيادي للهجرة، أمور تقع على عاتقنا وتخضع لاختصاصنا القضائي، بما يعكس التغيرات التي نراها تحدث هناك". وردت بكين منددة بالإجراءات الاسترالية ووصفها بانتهاك "للمبادئ الأساسية للعلاقات الدولية".

وحذر المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية تجاو ليجيان قائلا إن بكين "تحتفظ بحق اتخاذ مزيد من الإجراءات، وستتحمل استراليا جميع العواقب". وأضاف "أي محاولات لقمع الصين لن تنجح".

وقالت وزيرة الخارجية الاسترالية ماريز باين إن إجراءات الصين في هونغ كونغ نوقشت في وقت سابق الخميس مع الشركاء الأمنيين ضمن ما يسمى تحالف "العيون الخمسة"، وهم إضافة إلى أستراليا، نيوزيلندا والولايات المتحدة وبريطانيا وكندا.

وجاء إعلان موريسون غداة قيام الصين بفتح مكتب جديد لجهاز الأمن في هونغ كونغ، لمراقبة تطبيق القانون الذي يعاقب على أنشطة تخريبية وانفصالية والإرهاب والتواطؤ مع قوى أجنبية.

والقانون الذي جاء في أعقاب احتجاجات مطالبة بالديموقراطية تخللتها أحيانا أعمال عنف، هو أكبر تغيير جذري في الحريات في هونغ كونغ منذ أن أعادتها بريطانيا إلى الصين في 1997 بموجب اتفاقية تعهدت الحفاظ على نمط الحياة فيها لخمسين سنة.

ونددت الصين بالانتقادات الواسعة للقانون، ومن المتوقع أن يتسبب قرار استراليا تقديم حمايتها لمواطنين من هونغ كونغ أن يفاقم التوتر القائم فعلا بين الدولتين.

وكانت بكين فرضت في الأشهر القليلة الماضية رسوما جمركية على عدد من السلع الاسترالية المستوردة، وعرقلت التجارة في سلع رئيسية أخرى ردا على إجراءات أسترالية لمواجهة تدخل صيني على أراضيها.

والصين، التي تعد أكبر شريك تجاري لاستراليا ومنافسا على النفوذ في منطقة الهادئ، غضبت بشكل خاص عندما قادت كانبيرا الدعوات لإجراء تحقيق في أصل فيروس كورونا المستجد.

بدورها تقوم نيوزيلندا بإعادة النظر في علاقاتها بهونغ كونغ على خلفية القانون الجديد، وفق ما أعلن وزير الخارجية وينستون بيترز الذي أشار إلى أن ذلك "يشمل اتفاقيات تسليم الملاحقين وفرض قيود على صادرات سلع استراتيجية والنصائح المتعلقة بالسفر".

وعلقت كندا أيضا اتفاقية تبادل تسليم ملاحقين مع هونغ كونغ فيما عرضت الحكومة البريطانية مسارا نحو الجنسية لأكثر من 3 ملايين من سكان هونغ كونغ.

تمهيد لإقامة دائمة
قلل موريسون من أهمية أسئلة حول ما إذا كان الموقف بشأن هونغ كونغ يمكن أن يؤدي إلى مزيد من ردود الفعل الانتقامية من الصين. وقال "سنتخذ قرارات تتعلق بما هو في مصلحتنا وسنتخذ قرارات بشأن قوانينا وتحذيراتنا وسنفعل ذلك بعقلانية ورصانة وثبات".

بموجب الإجراءات الجديدة يحق لنحو 10 آلاف مواطن من هونغ كونغ يعيشون في استراليا بتأشيرات دراسة أو عمل، البقاء فيها لخمس سنوات إضافية.

وقال موريسون "إذا كنت تحمل تأشيرة موقتة سيتم تمديد تأشيرتك لخمس سنوات اعتبارا من اليوم، تضاف إلى فترة وجودك في استراليا مع امكانية الحصول على إقامة دائمة في نهاية تلك الفترة".

وقُدمت تأشيرة الخمس سنوات والإقامة الدائمة المحتملة لمقاولين أو عمال مهرة يرغبون في المجيء إلى استراليا في المستقبل.
وقال "إذا كانت هناك أنشطة تجارية ترغب في الانتقال إلى استراليا، لخلق وظائف وجلب استثمارات وتحقيق فرص لاستراليا، سنكون استباقيين وسنسعى لتشجيع ذلك".

وتذكر هذه الإجراءات برد استراليا على أحداث ساحة تيان انمين القمعية عام 1989 عندما قدمت كانبيرا الملاذ لآلاف الطلاب الصينيين وعائلاتهم. لكنها تناقض سياسات الحكومة الحالية المحافظة التي تفرض قيودا على الهجرة.

وقال موريسون إنه لا يستبعد تهافتا على تقديم طلبات لتأشيرات جديدة من سكان هونغ كونغ لأسباب منها القيود المفروضة على السفر للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد. وأضاف أنه سيكون "من المؤسف جدا" إذا حاولت الصين منع أهالي هونغ كونغ من الاستفادة من العرض الاسترالي.