ربما هي المرة الأولى التي يمر فيها لبنان بأزمة لا أفق لحلها، ولا منفذ منها، ولا بصيص أمل في آخر نفقها، وإن لاح هذا البصيص، تأكد اللبنانيون أنها مصيبة جديدة ستحل بهم... لا بد.

إيلاف من بيروت: في أيام الحرب الأهلية اللبنانية، ما وصل اللبنانيون إلى اليأس. كان ثمة أمل دائم بأن الأمور ستتغير، فتعود "الدولة" اللبنانية لتبسط شرعيتها على كامل أراضيها، فيرحل الجيش السوري الذي استقر في لبنان بعدما دخله تحت ستار قوات الردع العربية، وينكفئ الجيش الإسرائيلي إلى بلاده بالعمل الدبلوماسي الدؤوب تحت شعار "قوة لبنان في ضعفه"، وتُحل الميليشيات، ولا يبقى في لبنان إلا سلاح الجيش اللبناني.

هذا كان الأمل.. وأتى اتفاق الطائف لينهي الحرب الأهلية ويُحل السلم الأهلي، لكنه في الآن نفسه، فرض استيعاب الميليشيات داخل الدولة، وأوصل أمراء الحرب إلى سدة الجكم. فمنهم من صار رئيس جمهورية، ومنهم من صار رئيس حكومة، ومنهم من صار رئيسًا للبرلمان، ولا يزال. ومنهم من وعدوه برئاسة مجلس الشيوخ، ولم يفوا بوعدهم. نهب هؤلاء مال الدولة طوال 30 عامًا، فكان اليوم أن بلغ سيل الفساد اللبناني الزبى، وسد كل نوافذ الأمل عند اللبنانين... إلا واحدًا: "كندا".

اللبنانيون يهاجرون بالآلاف. وجهتهم الأولى كندا... ثم ألمانيا والسويد. غالبية المهاجرين من صناع الأمل، من الشباب الطموح الذي أفقده وطنه كل أمل بحياة كريمة، ومن المثقفين والصحافيين والمسرحيين، الذين تسمعهم يتحدثون عن هذه الهجرة القسرية فيخنقهم البكاء.

المقطع المصور مبكٍ فعلًا. "إنهم يطردوننا"...
نعم إنهم يطردون الناس من لبنان. والأخطر، إنهم يطردون لبنان من قلوب أبنائه.