ميامي: أرجأ الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الدقائق الأخيرة تجمعاً انتخابياً كان مقرراً السبت بسبب عاصفة، وجاء ذلك في وقت يسعى فيه إلى دفع حملته في مواجهة منافسه في الانتخابات الرئاسية المقبلة جو بايدن الذي صارت استطلاعات الرأي تمنحه تقدّماً.

بالتزامن، كرر الرئيس الأميركي انتقاداته إلى الصين بسبب جائحة كوفيد-19، مؤكداً أنّ العلاقات بين واشنطن وبكين "تضررت بشدة"، مضيفاً أنّ بكين "كان بإمكانها وقف الجائحة لكنها لم تفعل".

وكان ترمب توجّه الجمعة إلى فلوريدا من أجل حملة لجمع التبرعات وأحداث أخرى، متجاهلا النصيحة الصحية حول خطر التجمعات الكبيرة، خاصة في هذه الولاية التي تعدّ واحدة من أكبر بؤر تفشي الوباء في الولايات المتحدة.

ومع استطلاعات الرأي التي تظهر زيادة تأييد لمنافسه الديموقراطي في معركة الانتخابات الرئاسية في نوفمبر جو بايدن، كثف ترامب جدوله للأحداث العامة من أجل تعبئة قاعدته.

كانت حملة الرئيس الأميركي حددت السبت موعدا لتجمع في ولاية نيو هامبشير بعد توقف استمر أسابيع بسبب ارتفاع عدد الإصابات بكورونا المستجد في ولايات عدة. لكن البيت الأبيض أعلن الجمعة تأجيله لمدة "أسبوع أو أسبوعين" بسبب اقتراب العاصفة المدارية "فاي".

أتاحت العاصفة سبيلا للخروج من الجدل القائم حول المخاوف الصحية المحيطة بالحدث وإمكان انخفاض نسبة شراء التذاكر.

لكن هذا التأجيل مثّل ضربة لجهود ترامب الهادفة إلى التشديد على النقطة المركزية في مسار الحملة، في إشارة إلى أن الحياة والأعمال يمكن أن تبدأ في العودة إلى طبيعتها بعد أربعة أشهر من الأزمة.

وكان تجمعه الأخير الذي نظم في يونيو في تولسا (أوكلاهوما) مثيرا للجدل، إذ خرق معظم الحاضرين المبادئ التوجيهية لإدارة ترمب لمكافحة فيروس كورونا من خلال رفض وضع الكمامات أو الحفاظ على المسافة الجسدية علما أنهم كانوا في مكان مغلق.

وقفز عدد الإصابات بكورونا المستجد في تولسا خلال الأسابيع التي أعقبت تجمع 20 يونيو، وقال مسؤولو الصحة المحليون إنه "من المحتمل" أن تكون الأحداث الكبرى عاملا مساهما في ذلك.

أثناء توجهه إلى فلوريدا، انتقد ترامب الصين كونها منشأ الفيروس وحذر من العلاقات المتوترة مع الصين حيث ظهر الوباء في أواخر العام الماضي.

ولدى سؤاله حول المرحلة الثانية من الاتفاق الذي أبرم بعد عامين من الحرب التجارية، رد ترمب "لا أفكر بذلك في الوقت الراهن"، مضيفا "صراحة لدي أمور أخرى كثيرة تدور في رأسي".

تسونامي كورونا
تعدّ الولايات المتحدة الدولة الأكثر تضررا جراء تفشي كوفيد-19 مع أكثر من 3,1 مليون إصابة و133 ألف وفاة. وأودى الوباء بحياة أكثر من 4100 شخص في فلوريدا حيث قلل الحاكم الجمهوري رون ديسانتيس من نسبة تفشي المرض في البدء إلا أنه اضطر لاحقا إلى التوقف عن رفع تدابير العزل.

وكانت فلوريدا من بين سبع ولايات على الأقل سجلت حصيلة يومية قياسية الخميس إلى جانب تكساس وألاباما وإيداهو وميسوري ومونتانا وأوريغون. كما سجلت فلوريدا وتكساس أعلى معدلات وفاة يومية بلغت 120 و105 على التوالي.

وقال ريتشارد كورتيز وهو مسؤول في مقاطعة هيدالغو في جنوب تكساس بعد تأكيد 1274 إصابة خلال الـ 24 ساعة الماضية في الولاية التي تضم أقل من 900 ألف نسمة "وصل تسونامي كوفيد-19 إلى هنا".

على سبيل المقارنة، أعادت ملبورن في أستراليا وهي مدينة يبلغ عدد سكانها خمسة ملايين نسمة، فرض إجراءات الإغلاق بعد تسجيل 191 إصابة في يوم واحد.

قال أنتوني فاوتشي، كبير خبراء الأمراض المُعدية في الإدارة الأميركية لموقع "فايف ثيرتي لإيت" المتخصص الخميس إنه "عندما نقارن أنفسنا بدول أخرى، لا أعتقد أنّه يمكننا القول إنّنا نقوم بعمل جيد".

إلا أن ترمب لا يوافق فاوتشي في آرائه وهو قال لشبكة فوكس نيوز "الدكتور فاوتشي رجل لطيف، لكنه ارتكب الكثير من الأخطاء".

ويبدو أن تصريحات ترمب تعمق نزاعه مع فاوتشي الذي صرح لصحيفة "فايننشيل تايمز" أن رغم كونه عضوا في فريق عمل ترامب لمواجهة فيروس كورونا، فإنه لم يتحدث مع الرئيس منذ أكثر من شهر.

استراتيجية سياسية
من جانبه، هاجم بايدن ترمب مرارا وتكرارا بسبب إدارته أزمة كورونا وانتقد زيارة الرئيس لفلوريدا.

وقال بايدن "مع وجود أكثر من 232 ألف إصابة في فلوريدا وأكثر من 4 آلاف وفاة، من الواضح أن استجابة ترامب (التجاهل وإلقاء اللوم على الآخرين والإلهاء) جاءت على حساب عائلات فلوريدا".

ورغم تفشي الوباء في فلوريدا حيث يخطط ترامب لعقد المؤتمر الوطني الجمهوري في أغسطس لم يضع الرئيس كمامة حتى عندما كان يحيي أنصاره في مطار ميامي.

والتزم ترمب الصمت بشأن زيادة عدد الإصابات، مفضلا مقابلة المسؤولين العسكريين والقوى الأمنية المسؤولة عن محاربة تجارة المخدرات والاجتماع إلى طاولة مستديرة مع قادة المعارضة الفنزويلية.

قال ترمب أمام وحدة "يو إي ساثرن كوماند" في فلوريدا "قبل أن ينتشر الفيروس، كنا نقوم بعمل جيد حقا وما زلنا... لكننا الآن نعود إلى المسار الصحيح".

تأتي زيارة ترمب لفلوريدا في الوقت الذي أظهر فيه استطلاع جديد أجرته شبكة "إيه بي سي نيوز-إبسوس" أن 67 في المئة من الأميركيين يرفضون طريقة إدارته أزمة فيروس كورونا.

وعلى عكس البلدان في أوروبا وآسيا، لم تخرج الولايات المتحدة من الموجة الأولى من كوفيد-19 وهي تشهد طفرة جديدة منذ منتصف يونيو.