لأن "الأمل" لا يحده مستحيل، ومثله الطموح، تطلق الإمارات يوم 17 يوليو "مسبار الأمل" إلى كوكب المرّيخ لتصبح أول بلد عربي يشرع في مهمة إلى الكوكب الأحمر لاستكشاف مناخه، في حدث تاريخي يعزّز قوّتها الناعمة ويُلهم جيلاً عربياً كاملاً ليكون نهضة في العلم والمعرفة.

إيلاف من دبي: تدخل الإمارات أكثر نوادي دول العالم خصوصية. ويؤكد مسؤولون وخبراء أن مشروع "مسبار الأمل" طموح يمثل بارقة أمل للدول العربية والإسلامية، مثلما هو انجاز إماراتي، تتطلع إليه الأجيال، بما يعزز فيها الرغبة بالتطور والتعامل مع المستقبل، في القطاعات الأكثر أهمية، وتحديدًا قطاعات العلوم والفضاء والتكنولوجيا.

وكانت أعلنت الأمارات تأجيل موعد إطلاق "مسبار الأمل" إلى يوم 17 يوليو، وذلك بسبب الظروف الجوية في موقع الإطلاق في جزيرة تانيغاشيما باليابان

إقرأ أيضاً
الظروف الجوية غير الملائمة الليلة في اليابان حتمت التأجيل
17 يوليو موعد جديد لإطلاق مسبار الأمل الإماراتي

رسالة تفاؤل
وقع الاختيار على اسم "الأمل"، كما يقول الشيخ محمد بن راشد، لإرسال رسالة تفاؤل لملايين الشباب العرب.
وفي ندوة رقمية، قال مسؤولون إماراتيون وسعوديون إن مسبار الأمل الذي تطلقه الإمارات إلى المريخ يوم 17 يوليو هو إنجاز لكل العرب والمسلمين، يمثل تطلعاتهم وآمالهم في عودتهم إلى رفد الإنسانية بالعلوم والمعرفة.
نظمت الندوة الرقمية الهيئة السعودية للفضاء ووكالة الإمارات للفضاء ومركز محمد بن راشد للفضاء، وأدارها المهندس ناصر الحمادي، رئيس الشراكات الاستراتيجية والتعاون الدولي في وكالة الإمارات للفضاء، بحضور عدد من ممثلي وسائل الإعلام.

أشار المشاركون إلى أن التعاون الإماراتي السعودي في كافة المجالات يعد تعاونًا استراتيجيًا، بما في ذلك التعاون في مجال الفضاء، خصوصًا أن للسعودية تجربتها في هذا القطاع، مؤكدين أن "مسبار الأمل" بقدر كونه مشروعًا إماراتيًا، فإنه مشروع عربي وإسلامي سوف تستفيد منه البشرية على الصعيد العلمي، بما يجعله مشروعًا مهمًا للغاية.

ومن المقرّر أن يقلع مسبار "الأمل" الآلي من مركز تانيغاشيما الفضائي الياباني باستخدام منصّة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة. وهناك نافذة إطلاق حتى 13 أغسطس بحسب المتغيّرات، بما في ذلك الطقس.

يبلغ "مسبار الأمل" هدفه تزامناً مع احتفال الإمارات بمرور 50 عاماً على قيام الدولة الموحدة.

يستغرق "الأمل" سبعة أشهر للسفر لمسافة 493 مليون كيلومتر إلى المريخ، ليبلغ هدفه تزامناً مع احتفال الإمارات بمرور 50 عاماً على قيام الدولة الموحّدة. وسيقوم المسبار بالدوران حول الكوكب لسنة مريخية كاملة أي 687 يوماً أرضياً.

ومن المتوقّع أن ينفصل المسبار عن صاروخ الإطلاق بعد نحو ساعة، لتبدأ بعد ذلك "الإثارة الحقيقية"، بحسب مسؤولين إماراتيين.
وقالت سارة الأميري، نائبة مدير مشروع بعثة المريخ ووزيرة الدولة لشؤون العلوم المتقدّمة: "أتطلّع إلى أول 24 ساعة بعد الانفصال، وهنا سنرى نتائج عملنا". وتابعت: "عندما نحصل على الإشارة لأول مرة، عندما نتأكّد أنّ كل جزء من المركبة الفضائية يعمل، عندما يتمّ نشر الألواح الشمسية، عندما نصل إلى مسارنا ونتجّه نحو المريخ".

وعشيّة موعد الإطلاق، قال كيجي سوزوكي، رئيس بعثة منصّة ميتسوبيشي إنّ توقعات الطقس الحالية "لا تنذر بعواصف رعدية شديدة على طول الطريق، ولذا فإنّ تقييمنا الحالي هو أنّ هناك فرصة للإطلاق" في الموعد المحدّد مسبقاً.

قيادات حكومية: "الأمل" يمثل تطلع العرب نحو المعرفة
وفي الندوة الرقمية الإثنين، شارك الشيخ شخبوط بن نهيان بن مبارك آل نهيان، سفير دولة الإمارات لدى المملكة العربية السعودية، وسارة بنت يوسف الأميري وزيرة دولة للتكنولوجيا المتقدمة قائد الفريق العلمي لمشروع الإمارات لاستكشاف المريخ "مسبار الأمل"، والدكتور المهندس محمد ناصر الأحبابي المدير العام لوكالة الإمارات للفضاء،والدكتور عبدالعزيز آل الشيخ، المدير التنفيذي للهيئة السعودية للفضاء.

المشاركون في ندوة مسبار الأمل

يوم عربي يتطلع اليه العالم
قال الشيخ شخبوط بن نهيان بن مبارك آل نهيان، سفير دولة الإمارات لدى المملكة العربية السعودية، إن "جهود أبناء الإمارات كانت عظيمة ومباركة، فالمسبار بني بطاقات وكفاءات إماراتية، كما أن الفريق الإماراتي تعامل مع تحديات كبيرة، واستطاع أن يتجاوزها ، تمثلت في شحن المسبار إلى اليابان، ثم سفر الفريق الأول المختص بعملية الاطلاق، وسفر الفريق الثاني، في ظل إغلاقات المطارات بسبب جائحة كورونا، وأنا شخصيًا سمعت عن تحديات كثيرة استطاع أبناء الإمارات تجاوزها".

أضاف: "الإنجاز الذي يعد إماراتيًا هو إنجاز أيضًا لأبناء دول الخليج العربي، والعرب عموًما، الذي يقدم لهم بارقة امل، ولهذا سمي مسبار الأمل، كما إنه يعد إنجازًا لكل المنطقة التي نعيش فيها، كما أن اهتمام الإمارات بمجال الفضاء يعزز تطلعها إلى المستقبل، والمشروعات التي تتعامل مع التغيرات المقبلة".

وأكد أن العلاقات الإماراتية - السعودية وطيدة، "وكلي أمل أن نرى تجربة شبيهة قريبًا في المملكة، خصوصًا مع وجود الهيئة السعودية للفضاء التي يرأس مجلس ادارتها الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز، وهذا يعني أن المملكة لديها تجربة مهمة وتطلعات على هذا الصعيد، ونرجو أن تتمكن الإمارات والمملكة من القيام بعمل مشترك قريبًا على صعيد الفضاء، عبر تبادل الخبرات أو القيام بتجربة مشتركة بين البلدين، خصوصًا أن البلدين لديهما القدرة والإمكانات".

مسبار الأمل مشروع عربي
قالت سارة بنت يوسف الأميري، وزيرة دولة للتكنولوجيا المتقدمة قائد الفريق العلمي لمشروع الإمارات لاستكشاف المريخ "مسبار الأمل"، إن التطلعات العربية نحو تحقيق قفزات في مجالات العلوم والفضاء والتكنولوجيا لا حدود لها، وإن الهدف من هذا المشروع تطوير علوم الفضاء في الدولة والمنطقة والانتقال من مرحلة صنع الأقمار الاصطناعية إلى استكشاف الفضاء الخارجي، كون مسبار الأمل يختلف في تجهيزاته العلمية عن أقمار الاستشعار عن بعد التي تصنعها الإمارات، وأطلقت منها عشرة أقمار، وتصنع 8 أقمار حاليًا، كما أن هذا المشروع يطور قدرات الفنيين والمهندسين الإماراتيين، ويمنحهم خبرات إضافية، كون المسبار أكثر تعقيدًا، فالمشروع يرفع من قدرات وكفاءة الخبراء الإماراتيين على هذا الصعيد الذي تركز عليه قيادة الدولة".

تابعت: "إضافة إلى هدف تطوير خبرات الكفاءات الإماراتية، فإن المشروع يعزز أهمية تحفيز الشباب العربي لخوض غمار مجالات تعد أساسية في تطوير اقتصاديات الأمم مثل الرياضيات والفيزياء، وباقي العلوم، ومهمة المسبار علمية بالدرجة الأولى، ولها غايات مختلفة من حيث دراسة الوضع البيئي في المريخ، ووضع غلافه الجوي، كونه يشبه كثيرًا كوكب الأرض، بما يمنح الخبراء والعلماء، القدرة على تحليل البيانات والمعلومات، والاستفادة منها، من أجل مصلحة الإنسانية، فهو مشروع له بصمته المعرفية، وهي بصمة ستكون عالمية، خصوصاً أن المسبار سينفذ مهمته بطريقة مختلفة، اذ ستكون مدة المشروع طويلة، وستعمد إلى جمع البيانات بوسائل مختلفة"، مؤكدةً أن تطوير القدرات غاية أساسية، خصوصًا أن بناء المسبار وتطويره احتاجا إلى سنوات طويلة، وأن نجاح الإمارات في هذا المشروع له نتائج إيجابية على الصعيد العلمي، والصعيد الاقتصادي، وهي تجربة عربية بما تعنيه الكلمة، كون الامارات مهتمة بتطوير الخبرات في العالم العربي على هذا الصعيد.

وقالت إن هذا المشروع تعامل مع تحديات ومخاطر مختلفة، وتم وضع خطة من أجل خفض المخاطر، وتوقعها والتعامل معها، وتم وضع برامج متكاملة في هذا الاطار، مثل التأثيرات البيئية، وافتراض كل السيناريوهات التي سوف يتعامل معها المسبار خلال رحلته، من الإطلاق ثم الاتصال به بعد ساعة تقريبًا من اطلاقه، إلى باقي التفاصيل المتعلقة بسرعته، ودخوله مدار المريخ، وقدرته على التعامل مع التغيرات، وتكيفه مع أي ظروف مستجدة، إضافة إلى تفاصيل ترتبط بالاتصال بالمسبار، وطاقته، والحصول على البيانات المطلوبة، وغير ذلك.

شعار «مسبار الأمل» على متن محطة الفضاء الدولية | من المصدر

العرب إلى الفضاء
قال الدكتور عبدالعزيز آل الشيخ، المدير التنفيذي للهيئة السعودية للفضاء، إن "مشروع مسبار الأمل حدث عالمي ينتظره أبناء الإمارات وأبناء العالمين العربي والاسلامي، ودول العالم بشكل عام، في ظل أهميته العلمية الكبيرة".

أضاف: "إن إنشاء المجموعة العربية للتعاون الفضائي يترجم أهمية تعميم الخبرة والمنفعة في هذا المجال بين العرب، كما إن مشروع مسبار الأمل الذي قدمته الإمارات كمشروع عربي، أيضًا، سوف يسجل للعرب والإمارات حضورهم في سجل الفضاء العالمي، وسوف يستفيد من البيانات والمعلومات التي سوف يجمعها المسبار، مراكز البحث والعلوم والمراكز المختصة بالعلوم الفضائية، بما يعزز تطلعات العالم، نحو استكشاف الفضاء الخارجي، وهذا يؤكد قدرة الإمارات وخبرتها أيضا ومعرفتها أن لا مستحيل امام الإصرار، وتسخير الإمكانات لصالح الإنسانية ".

أكد آل الشيخ أن العالم يتطلع إلى هذه المهمة بشكل خاص، "مثلما أن للسعودية بكل علاقاتها الاستراتيجية نظرة خاصة إلى هذا المشروع، خصوصًا أن المملكة سبق أن كانت لها تجربة تتعلق بمشاركة الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز في رحلة ديسكفري في عام 1985، ويرأس اليوم مجلس إدارة الهيئة السعودية للفضاء، كما أن علاقة المملكة بهذا المشروع مهمة، وهناك اتفاقية تعاون بين الإمارات والمملكة، تم توقيعها خلال اجتماعات مجلس التنسيق السعودي الاماراتي، في ظل تطلعات الهيئة السعودية للفضاء، ووجود مشروعات مختلفة لها، يصل عددها إلى خمسة وثلاثين مشروعًا، بما يجعلنا ننظر باهتمام خاص في المملكة إلى تجربة الإمارات، والى أهمية التعاون بين المؤسسات العلمية، وتلك المختصة بعلوم الفضاء، في هذه المنطقة، ولمصلحة البشرية وحياة الانسان".

مسبار أمل لكل العرب
قال الدكتور المهندس محمد ناصر الأحبابي، المدير العام لوكالة الإمارات للفضاء: "قطاع الفضاء في الإمارات قطاع متكامل، من حيث وجود المؤسسات المختصة، والمؤسسات البحثية والعلمية، والتشريعات، وعشرة أقمار صناعية اطلقتها الإمارات سابقًا، وهي تعمل الآن على تجهيز ثمانية أقمار جديدة من أجل اطلاقها، ووجود مؤسسات ومشغلين يعملون في هذا المجال، كما نعمل مع الهيئة السعودية للفضاء، ونتعاون معها، مثلما نتعاون مع مؤسسات دولية، ونتطلع حاليًا إلى إنجاز مهمة القمر العربي 813 الذي جاء بمبادرة إماراتية، وبتوجيه من القيادة الحكيمة".

أضاف: "الإمارات استثمرت في هذا القطاع المهم جدًا، وتسخر كل الإمكانات المالية والبشرية من أجل تعزيز قطاعات كثيرة، ومن أجل العبور نحو المستقبل، وبما يجعل لأبناء الإمارات والعرب مكانة في خارطة التطور العالمي، والتعاون بين الامارات والمملكة العربية السعودية، من جهة، والدول العربية، ودول العالم، على الصعيد العلمي والبحثي، أمر حيوي لتطوير الخبرات وتبادل المعرفة".

مشروع عربي وإسلامي للبشرية
وكان المهندس ناصر الحمادي، رئيس الشراكات الاستراتيجية والتعاون الدولي في وكالة الإمارات للفضاء، قد قال في بداية الندوة إن هذا المشروع عربي وليس إماراتيًا فحسب، يتطلع إليه أبناء الدول العربية والإسلامية، بما يثبت قدرتهم دومًا على التميز".

ووجه الحمادي شكره إلى الهيئة السعودية للفضاء على تعاونها، وتنظيمها هذه الندوة، مشيرًا إلى أن "هذا المشروع يخدم البشرية عبر جمع المعلومات والبيانات، وسوف يقدمها مجانًا إلى أكثر من مئتي مؤسسة علمية في العالم، كما أن هذا المشروع الطموح الذي جاء بتوجيه من قيادة الدولة، تعامل مع تحديات كثيرة، واستطاع أن يتجاوزها، ليصل العالم إلى يوم 17 يوليو، اليوم المنتظر الذي سيتم فيه إطلاق المسبار".

طموحات إماراتية
وحدها الولايات المتحدة والهند والاتحاد السوفيتي السابق ووكالة الفضاء الأوروبية نجحت في إرسال بعثات إلى مدار الكوكب الأحمر، في حين تستعدّ الصين لإطلاق أول مركبة فضائية للمريخ في وقت لاحق من هذا الشهر. وتنضم الإمارات إلى صفوف هذه الدول في أول خطوة من نوعها في العالم العربي.

وفي حين أنّ هدف المهمة تقديم صورة شاملة عن ديناميكيات الطقس في أجواء الكوكب وتمهيد الطريق لتحقيق اختراقات علمية، فإن المسبار جزء لهدف أكبر هو بناء مستوطنة بشرية على المرّيخ خلال المئة عام المقبلة.

وفي الفترة التي سبقت المهمة، أعلنت الإمارات أنّها تفتح أبوابها للعرب في جميع أنحاء المنطقة التي تعصف بها الأزمات، للمشاركة في برنامج فضائي مدّته ثلاث سنوات.

ووظّفت دبي مهندسين وتقنيين لتصوّر كيف يمكن أن تُبنى مدينة على الكوكب الأحمر، ومن ثم إعادة إنشائها في صحراء الإمارة باسم "مدينة المرّيخ للعلوم" بتكلفة تبلغ حوالى 500 مليون درهم (135 مليون دولار).

هزّاع المنصوري أول رائد فضاء إماراتي
وفي سبتمبر الماضي، أصبح هزّاع المنصوري أول رائد فضاء إماراتي، وكان ضمن فريق مكوّن من ثلاثة أفراد انطلقوا من كازاخستان نحو محطة الفضاء الدولية وعادوا بعد مهمّة استغرقت ثمانية أيام.

المنصوري أول عربي يزور محطة الفضاء الدولية

وبفعل التشابه الكبير مع الأرض في بداياتها، يبقى المريخ المكان الوحيد القريب في الكون حيث يمكن للبشر إيجاد آثار محتملة لحياة في الماضي السحيق خارج كوكبهم. وتفتح أنشطة استكشاف الكوكب الأحمر راهناً آفاقاً واعدة أكثر من أي وقت مضى منذ بدايتها في 1960.

وهناك ثلاث مهمّات نحو المريخ، هي إضافة إلى المهمة الإماراتية واحدة من الصين وأخرى من الولايات المتحدة، تستفيد هذا الصيف من تموضع فضائي مؤاتٍ لإرسال دفعة جديدة من آليات البحث إلى المدار أو إلى سطح هذا الكوكب الأكثر استقطابا للاهتمام في المجموعة الشمسية.

وقال عمران شرف، مدير مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ: "إذا كان باستطاعتنا دعم وبناء تقنية قادرة على وضع الإنسان الأول على كوكب المريخ والبقاء هناك، فيمكن بالتأكيد استخدام هذه التكنولوجيا على الأرض ومساعدة البشرية في المناطق ذات البيئة القاسية". وتابع "لدينا إستراتيجية للمساهمة في الجهد العالمي في تطوير التقنيات والعمل العلمي التي ستساعد يوماً ما إذا قرّرت البشرية وضع إنسان على كوكب المريخ".