يجد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو نفسه محاصراً، بعدما ارتفع مجدداً عدد الإصابات بفيروس كورونا المستجد، ما أدى إلى تراجع التأييد له في استطلاعات الرأي، فيما يخشى الاسرائيليون من عودة تدابير الإغلاق، لما لذلك من تداعيات اقتصادية.

القدس: يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ضغوطا متزايدة مع بروز انتقادات حول ارتفاع عدد الإصابات بفيروس كورونا المستجد، وتراجع التأييد له في استطلاعات الرأي، والتداعيات الاقتصادية لتدابير الإغلاق.

وقرّرت الحكومة الإسرائيلية الجمعة اتخاذ تدابير جزئية جديدة "لتفادي حجر منزلي عام" بسبب ارتفاع عدد الإصابات اليومية بفيروس كورونا المستجد، تقضي بإغلاق بعض المواقع العامة خلال عطلة نهاية الأسبوع. وجاء ذلك بعد انتقادات كثيرة تعرضت لها خلال الأيام الماضية بسبب عودة تفشي الفيروس.

كورونا تصيب شعبية نتانياهو
وأظهرت استطلاعات الرأي أن 40 في المئة من الإسرائيليين يعتقدون أن منافس نتانياهو وزير الدفاع السابق نفتالي بينيت هو الأجدر بقيادة ملف مكافحة الجائحة. وواجه رئيس الوزراء اليميني الذي نجح في البقاء في منصبه منذ أكثر من 11 عاما على الرغم من أزمة سياسية حادة خلال السنتين الأخيرتين، أزمات عديدة في الماضي، وهو يخوض اليوم معركة قضائية لاتهامه بالفساد، من دون أن يخسر الكثير من قاعدته الشعبية. لكن يبدو أن تعثر سياسته في مواجهة تفشي الفيروس أثّرت على تأييد الناخبين له.

وبحسب استطلاع للرأي أجرته القناة 13 الإسرائيلية التلفزيونية هذا الأسبوع، فإن 61 في المئة من الناخبين "مستاؤون" من تعامله مع الأزمة الصحية، بعد الثناء الكبير الذي حصل عليه في المراحل الأولى من انتشار الفيروس.

وبحسب المعهد الإسرائيلي للديموقراطية، فإن استطلاع الأول من أبريل أظهر تأييدا بنسبة 57,5 في المئة لنتانياهو وإدارته لملف الجائحة، لكن هذه النسبة انخفضت إلى 29,5 في المئة بحلول 12 يوليو.

وأعربت الأحزاب اليمينية المتشددة التي تعدّ حليفة رئيسية لناتانياهو عن استيائها إزاء احتمال إعادة فرض قيود لمكافحة تفشي الجائحة.

وكان ناتانياهو التزم خلال الأسبوع أمام زعماء دينيين إجراء استشارات قبل إقرار اي إغلاق جديد.

واعترف نتانياهو أن قرار إعادة فتح البلاد على أثر الانخفاض الملحوظ في أعداد الإصابات كان قرارا مبكرا، أدى إلى زيادة يومية كبيرة في عدد الإصابات تجاوزت الألف في بعض الأيام.

وأحصت إسرائيل البالغ تعداد سكانها نحو تسعة ملايين، أكثر من 44 ألف إصابة بالفيروس، بينها 380 وفاة.

واضطر نتانياهو كباقي زعماء العالم إلى فتح البلاد وتحريك الاقتصاد مع الحفاظ على قيود على الحركة في محاولة لاحتواء تسجيل مزيد من الإصابات قدر الإمكان.

لكن الاحتجاجات ضد الأزمة الاقتصادية عمت أرجاء البلاد، وشارك أكثر من عشرة آلاف شخص في تظاهرة وسط تل أبيب السبت، وأخرى أمام مقر إقامة نتانياهو في القدس الثلاثاء.

وشهدت التظاهرة في القدس مناوشات طفيفة مع الشرطة التي نفذت عشرات الاعتقالات.

وفي محاولة لتهدئة الغضب العام المتزايد، أعلن نتانياهو مساء الأربعاء عن إعانات مالية لكل المواطنين، في إجراء يتعارض، بحسب التقارير، مع نصائح كبار مسؤولي وزارة المالية.

وأفاد بيان مشترك لمكتب رئيس الوزراء ووزارة الصحة الجمعة بأنه سيتم إغلاق "المتاجر والمراكز التجارية وصالونات تصفيف الشعر ومعاهد التجميل والمكتبات وحدائق الحيوانات والمتاحف وأحواض السباحة والمواقع السياحية والترامواي" اعتبارا من مساء الجمعة إلى صباح الأحد كل أسبوع حتى إشعار آخر، فيما يتم إغلاق الصالات الرياضية طوال الأسبوع ولن يسمح للمطاعم إلا بتقديم خدمات التوصيل إلى المنازل أو تسليم الوجبات الجاهزة في أيام الاسبوع العادية.

كما ستغلق الشواطئ في كل نهاية أسبوع اعتبارا من 24 يوليو.

ولن يسمح اعتبارا من الجمعة بعقد تجمعات تفوق عشرة أشخاص في الأماكن المغلقة وعشرين شخصا في الهواء الطلق، باستثناء أماكن العمل وضمن العائلات، بحسب ما أوضح البيان. وقالت الحكومة الجمعة إنّ أي انتهاك سيعدّ "جنحة".

أخطاء
ويتعرض رئيس الوزراء لكثير من اللوم حول إدارة ملف كورونا. وقالت مديرة خدمات الصحة العامة في وزارة الصحة سيغال ساديتزكي التي قدمت استقالتها قبل أكثر من أسبوع، إن هناك تجاهلا لتوجيهاتها لاحتواء الفيروس.

ويرى البروفسور دان بن دافيد من جامعة تل أبيب أن نتانياهو ارتكب أخطاء في مكافحة الفيروس. ويتساءل بن دافيد "كيف ساعدتنا تلك الأخطاء على إعادة فتح الاقتصاد إذا كان علينا إغلاقه مرة أخرى؟".

ويقول بن دافيد إن الأزمة كشفت عن تجاهل نتانياهو هيئات حكومية كاملة طوال 11 عاما، بما في ذلك وزارة الصحة. يضيف "رئيس الوزراء لم يهتم بشكل جدي بأي قضية داخلية"، في إشارة إلى تركيز نتانياهو بشكل كبير على الأمن والدبلوماسية.

وأشار منتقدون لنتانياهو الى أن هذا الأخير كان باستمرار مشتت الانتباه نحو قضايا أخرى وعلى رأسها محاكمته في قضايا الفساد التي يواجهها، ومخطط ضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية المحتلة. ويتساءل بن دافيد "من يهتم بالازمة هنا؟ أنت بحاجة إلى شخص ما يكون في موقع المسؤولية".

منسق للفيروس
وتصاعدت الدعوات للحكومة في إسرائيل لتعيين منسق لاحتواء جائحة كوفيد-19، وهي خطوة يرى محللون أن نتانياهو سيقاومها لأنها تتطلب تمكين سياسي آخر.

وأظهر استطلاع القناة 13 أن 45 في المئة من الإسرائيليين يؤيدون إطلاق لقب "قيصر كوفيد" على وزير الدفاع السابق بينيت، فيما بلغت هذه النسبة 40% في استطلاع للمعهد الإسرائيلي للديموقراطية.

ودعا بينيت، اليميني المتشدد الذي يمثل اليوم المعارضة الإسرائيلية، الحكومة إلى "الاستيقاظ"، في تغريدة على تويتر.

وكان وزير الدفاع السابق أعلن خطة تفصيلية لاحتواء الفيروس ودعم خبراء الصحة العامة الذين اتهموا الحكومة بالفشل في تطوير أدوات الكشف عن الإصابة والقدرة على تتبع المخالطين للمصابين بالفيروس.