إيلاف من الرباط: مع اقتراب موعد انتخابات 2021 البرلمانية في المغرب، وجهت ثلاثة أحزاب مغربية معارضة مذكرة مشتركة بشأن الإصلاحات السياسية والانتخابية إلى وزارة الداخلية المغربية تدعو إلى إجراء الانتخابات المحلية والجهوية والتشريعية في يوم واحد، وتشكيل لجنة وطنية للإشراف على الانتخابات للرفع من نسبة المشاركة، وترشيد الموارد المالية والبشرية، خصوصا أمام تداعيات جائحة كورونا.

ودعت الأحزاب المعارضة الثلاثة، وهي "الاستقلال" و"الأصالة والمعاصرة" و"التقدم الاشتراكية"، إلى ضرورة توفير المناخ العام والشروط السياسية الضرورية الكفيلة بإحداث انفراج سياسي وحقوقي، و"تعزيز الاستقلالية والتعددية الحقيقية"، و"توضيح الرؤية السياسية" و"أدوار السياسي والتكنوقراطي في الحياة العامة"، و"إقرار التكامل بين السياسي والمجتمع المدني"، و"تطوير المفهوم الجديد للسلطة، لمواكبة تطورات الحقل السياسي والدستوري"، و"توطيد التعاون والتكامل مع أدوار الاحزاب السياسية والمؤسسات المنتخبة".

تغيير يوم الاقتراع
كما طالبت الأحزاب الثلاثة بتغيير يوم الاقتراع، من يوم الجمعة الذي جرت العادة على أن تنظم فيه الانتخابات، إلى يوم الأربعاء شريطة منح كل الموظفين والعاملين في القطاعين العام والخاص رخصة تغيب استثنائية لا تقتطع من الإجازة السنوية من أجل المشاركة في الاقتراع.

لجنة تنسيق
ودعت الأحزاب الثلاثة ايضا الى تشكيل لجنة وطنية للانتخابات "بقانون" كهيئة مكلفة التنسيق والتتبع ومواكبة الانتخابات، تتكون من ممثلي الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية الممثلة في البرلمان، ومن ممثلي الحكومة والسلطة القضائية، على ان تكون "بمثابة آلية للتشاور والإعداد والتتبع ويعهد برئاستها لممثل السلطة القضائية، على أن تتكلف الحكومة التدبير الإداري للانتخابات".

يذكر أن وزارة الداخلية هي الجهة المعنية بالإشراف على تنظيم الانتخابات. وشددت الاحزاب الثلاثة على أن "الانتخابات ليست هدفا في حد ذاتها، بل هي آلية ووسيلة لإفراز مؤسسات منتخبة تعكس ارادة الناخبين واختياراتهم، باعتبارها أداة للتعبير السياسي الحر ومدخلا رئيسيا للممارسة الديمقراطية".

مرحلة دقيقة
واشارت مذكرة الأحزاب الثلاثة الى أن البلاد "تعيش مرحلة دقيقة من تاريخها، جراء وجود تحديات داخلية مرتبطة بضرورة التجاوب مع سقف مطالب المجتمع وانتظارات الشباب، وتحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية، وتحديات خارجية تتمثل في المتغيرات الإقليمية والدولية المتسارعة سواء ذات الطبيعة الأمنية أو الجيو-استراتيجية أو الاقتصادية"، مما يستدعي "تقوية الدولة الوطنية الديمقراطية، بمؤسساتها السياسية والدستورية والمنتخبة، وتحصين مناعتها وجبهتها الداخلية، والعمل على رفع سقف مشاركة المواطنات والمواطنين في الشأن السياسي والانتخابي، والقيام بالإصلاحات السياسية والمؤسساتية، وتقوية الأدوار الدستورية للأحزاب السياسية باعتبارها شرطا وجوديا للديمقراطية".

غموض سياسي
ورأت الأحزاب الثلاثة أن المشهد السياسي أصبح موسوما بـ"الغموض والضبابية"، بفعل "عدم احترام قواعد ومبادئ الديمقراطية، والهروب من تحمل المسؤوليات السياسية في تدبير الشأن العام"، حيث "أصبحت الأغلبية الحكومية تمارس خطاب المعارضة للحفاظ على مكتسبات انتخابية"، بينما "وجدت المعارضة نفسها في تماهٍ كبير مع هذا الخطاب"، فيما "أصبح المواطن لا يستطيع التفريق بين المواقف، وبين من يتحمل مسؤولية اتخاذ القرار، وازدادت العبثية والصراعات السياسية، وساد عدم الانسجام والتصادم بين مكونات الأغلبية الحكومية"، ليتم الدخول بالتالي في "المنطقة الرمادية من مسارنا السياسي والديمقراطي".

تهميش الأحزاب
على مستوى آخر، أضافت مذكرة الأحزاب الثلاثة، "تستمر آلة تبخيس دور الأحزاب وتهميشها، وترويج خطاب يحملها مسؤولية كل الإخفاقات والمشاكل التي تحصل في المجتمع، وصناعة صورة نمطية سيئة عن الأحزاب والمؤسسات المنتخبة لدى الرأي العام، علما أن استمرار اشتغال هذه المنهجية لا يضر بالأحزاب فقط، بل يستهدف التوجه الديمقراطي والبناء المؤسساتي لبلادنا".

ولاحظت المذكرة أنه "كان طبيعيا أن تؤدي كل هذه الأعطاب وغيرها من الاختلالات التي يعرفها الحقل السياسي المغربي"إلى "أزمة السياسة" بالبلاد، الموسومة بضعف ثقة المواطنين في الأحزاب وفي المؤسسات المنتخبة محليا وجهويا ووطنيا، وبظاهرة العزوف عن المشاركة السياسية وبحالة من الإحباط في صفوف الشباب إلى درجة بروز بعض الدعوات لمقاطعة الانتخابات.

وشددت المذكرة على أن "السياسي" أصبح اليوم مُعَطـِّلًا ومصدرَ انحسار للنموذج التنموي الحالي، بعد أن كان محركا وسندا أساسيا في التنمية خلال تجارب الإصلاح الدستوري، والانتقال الديمقراطي، والتناوب التوافقي، والمصالحات الكبرى منذ نهاية التسعينيات من القرن الماضي".

ودعت الأحزاب الثلاثة إلى "إبرام تعاقد سياسي جديد"، و"استثمار المنسوب العالي للوطنية الذي أفرزته جائحة كورونا"، على أساس "أن يكون المدخل الأساسي لهذا التعاقد هو القيام بالإصلاحات السياسية والمؤسساتية، وتقوية الأدوار الدستورية للأحزاب، وإحداث القطائع الضرورية مع بعض الممارسات المسيئة للمسار السياسي والديمقراطي".

كما دعت المذكرة إلى "تعزيز الاستقلالية والتعددية الحقيقية، وتوضيح الرؤية السياسية، وتوضيح أدوار السياسي والتكنوقراطي في الحياة العامة، وإقرار التكامل بين السياسي والمجتمع المدني، وتطوير المفهوم الجديد للسلطة، لمواكبة تطورات الحقل السياسي والدستوري، وتوطيد التعاون والتكامل مع أدوار الاحزاب السياسية والمؤسسات المنتخبة"، مع "ضرورة توفير المناخ العام والشروط السياسية الضرورية الكفيلة بإحداث انفراج سياسي وحقوقي، والعمل على تقوية تموقع الأحزاب في الفضاء العمومي والمؤسساتي، وتمكينها من كافة الوسائل والظروف للقيام بمسؤولياتها الدستورية والأخلاقية تجاه المجتمع"، علاوة على "مراجعة القانون التنظيمي للأحزاب السياسية، بما يجعله قادرا على استيعاب روح الاختيار الديمقراطي الذي جاء به الدستور، ويحقق التمكين السياسي للأحزاب، ويعزز وظائفها السياسية والدستورية في تأطير المواطنين، وممارسة الوساطة بين الدولة والمجتمع"، مع "التفعيل السريع" للتوجيهات الملكية، الرامية إلى "الرفع من الدعم العمومي الموجه للأحزاب قصد مواكبة الهيئات السياسية وتحفيز العمل السياسي، وتخصيص جزء منه للكفاءات الحزبية في مجال التفكير والابتكار".

ودعت هذه الأحزاب إلى "إعادة صياغة علاقة وسائل الإعلام العمومية بالأحزاب السياسية على أساس تدعيم التعددية السياسية، والانفتاح على مختلف تيارات الرأي والتعبير، وتقوية حضور الإعلام السياسي في البرامج والمجلات الإخبارية، وتغيير الطريقة النمطية في معالجة المادة الحزبية والسياسية، ومواكبة راهنية الحقل السياسي والاجتماعي والاقتصادي وتفاعلاته المختلفة".

تشجيع حضور الشباب
وشددت الأحزاب الثلاثة على "ضرورة قيام الأحزاب السياسية بتأهيل بنياتها التنظيمية، وتجديد نخبها، وتشجيع حضور الشباب والنساء في هياكلها، وتطوير آليات اشتغالها، وتقوية الديمقراطية الداخلية". وكذا "إعطاء المدلول الدستوري والديمقراطي لبرامج الأحزاب السياسية عبر الالتزام ببلورتها في إطار السياسات العمومية، وتكريس المنهجية الديمقراطية بالربط بين نتائج التنافس الانتخابي بين الأحزاب السياسية وتحمل مسؤولية قيادة المؤسسات المنتخبة، وتقوية الشفافية و تفعيل مبدأ تقديم الحساب"، و"تجسير الهوة بين الناخب والمنتخب وإعطاء المدلول الديمقراطي لإرادة الناخب في اختيار ممثليه وعكس ذلك على التحالفات ما بعد الانتخابات، وكذا تمكينه من كافة الوسائل لمساءلة المنتخب، ومحاسبة هيئته السياسية بعد نهاية فترة الانتخابات" و"إقرار التكامل بين الديمقراطية التمثيلية والديمقراطية التشاركية، والعمل على تبسيط الإجراءات والشكليات المتعلقة بتقديم العرائض والملتمسات من طرف المواطنين، وتنظيم وتوضيح العلاقات بين مؤسسات الحكامة والمؤسسات الدستورية الأخرى".