إيلاف من لندن: أقرت السلطات العراقية بأن داعش ما زال يشكل خطراً، كشفت عن خارطة التنظيم الجديدة لتوزيع عناصره وخلاياه في العراق ودول المنطقة وأوروبا وشمال أفريقيا ودول الاتحاد السوفيتي السابق، مؤكدة أن القوات الأمنية نفذت قبل أيام عمليات استباقية افشلت مخططا لعمليات له في بغداد.

وقال رئيس خلية الصقور مدير الاستخبارات ومكافحة الإرهاب في وزارة الداخلية العراقية أبو علي البصري إن الزعيم الحالي لتنظيم داعش محمد سعيد عبد الرحمن المولى التركماني الملقب بعبدالله قرداش يسعى لإعادة ترتيب صفوف مجاميع التنظيم بالتركيز على المحافظات المحررة وأطراف العاصمة بغداد والبصرة وكربلاء، ويحاول دولياً أن ينشط في المنطقة وأوروبا وجنوب شرق آسيا وشمال أفريقيا ودول الاتحاد السوفيتي السابق.

عمليات استباقية


وأشار البصري في حوار مع صحيفة "الصباح" العراقية شبه الرسمية الأربعاء وتابعته “إيلاف" إلى أن عمليات استباقية قد نفذتها القوات العراقية مؤخراً أسفرت عن اعتقال 419 إرهابيا من المطلوبين بارتكاب جرائم إرهابية والانضمام لخلايا داعش بمختلف مناطق البلاد، وضبط 61 عبوة ناسفة و144 صاروخاً مخبأة في مناطق نائية للتمويه والاستخدام لعمليات انتحارية والعثور على أعتدة مختلفة وبمناطق متفرقة.

وأوضح أن داعش الذي خطط لتكون تلك المخابئ بمأمن عن عمليات الرصد والمتابعة الاستخبارية قد خسرها جميعاً بعمليات نوعية مما أضعف قدرته على التجهيز اللوجستي وإعداد العبوات الناسفة.

وأضاف ان المعلومات الاستخبارية أكدت الأسبوع الماضي أن داعش قد أمر عناصره بالقيام بعمليات إرهابية لاستهداف بغداد بتفجيرات انتحارية فتم اقتحام وكر للتنظيم وخلال تبادل لإطلاق النار تمكنت القوة المهاجمة من محاصرة الوكر فقام احد عناصره بتفجير نفسه واستطاعت القوة قتل خمسة انتحاريين كانوا بداخله.

ما زال يشكل خطراً

وأقر المسؤول الأمني العراقي أنه بالرغم من هزيمة تنظيم داعش والقضاء على قياداته وخسارته عسكرياً لأراض في سوريا والعراق عامي 2016 و2017، إلا أنه لم يتم القضاء عليه تماماً ولا يزال خطره قائماً على الأمن الوطني والسلم العالمي.

لذلك، تقوم الأجهزة الامنية العراقية حاليا بتطوير عمليات الاختراق للغرف المظلمة للتنظيم لضمان تدفق المعلومات التي تُشكل السلاح الرئيس في مواجهة الإرهاب وإحباط عملياته.

وأوضح البصري أن الزعيم الجديد لداعش يختبئ في بعض المناطق المفتوحة شرق سوريا ويواجه معارضة شديدة لشخصه من بعض الشرعيين في اللجنة المفوضة وقيادات الصف الأول في التنظيم لتوليه "الخلافة”، مؤكداً أن لذلك تداعيات خطيرة تهدد حياة قرداش بالقتل، وتنذر بالانقسام حوله بين جنسيات أجنبية وخليجية من جهة والعراقيين من جهة أخرى.

وعزا البصري ذلك الاحتراب في ما بين قيادات داعش، بسبب كون قرداش لا ينحدر نسبه من قبيلة قريش العربية مثلما يريد الشرعيون في داعش كذلك لفقدانه النطق السليم باللغة العربية ولأنه من غير المتشرعين بالدين وإنما اكتسب بعض الفقه من خلال اختلاطه بالرعيل الأول من سجناء داعش في سجن بوكا الذي أنشأته القوات الأميركية في مدينة البصرة بعد عام 2003 وظل فيه ملاصقاً لزعيم التنظيم السابق أبو بكر البغدادي وآخرين من الرعيل الأول لسنوات قبل أن يُطلق سراحهما ويؤسس البغدادي تنظيم داعش عام 2013.

توزيع عناصر التنظيم في مناطق العالم

وكشف البصري أن التنظيم يخطط حالياً لإعادة توزيع عناصره وخلاياه المتبقية في العراق وفي دول المنطقة وأوروبا وشمال أفريقيا ودول الاتحاد السوفيتي السابق وشرق آسيا من خلال التركيز على بعض الأفراد غير المكشوفين وزجهم في البلدان المستهدفة.

وبحسب معلومات مركز الرصد والتحليل في خلية الصقور، فإن هذه العناصر توزع استناداً إلى خاصيتي مسقط الرأس واللغة التي يجيدونها وذلك بعد ان تم إدخالها في دورات خاصة للتدرب على صناعة المتفجرات والأحزمة الناسفة والاتصال الإلكتروني وتزويدها بوثائق مزورة وبمعلومات عن سكان المناطق المستهدفة لضمان اختلاطهم بين مجتمعاتها.

داعش يقوم بأعادة تنظيم صفوفه

وحذر رئيس خلية الصقور من مخططات داعش لإعادة ترتيب صفوفه في البلاد والمنطقة وباقي بلدان العالم المستهدفة للقيام بعمليات ارهابية، منبهاً أن قرداش يخطط للاستفادة من انشغال الاجهزة الامنية وموارد الدول الاخرى بمكافحة جائحة كورونا لا سيما إن أغلب قيادات داعش تعتقد ان فيروس كورونا ظهر على أمل مساعدتها في حروبها الارهابية محليا وإقليميا ودولياً.

وأضاف البصري أن داعش بات يحاول اللعب على صراعات الدول في سوريا وليبيا وشمال افريقيا والتحرك في مناطق جديدة في القارة الاميركية من خلال تجنيد بعض عناصره في مليشيات مسلحة تتقاتل في تلك المناطق من أجل تنويع مصادر التمويل بعد خسارته المناطق الغنية بالنفط الخام وطرق التجارة حيث كان يعتمد على سرقة وتهريب النفط الخام ومشتقاته ومن تبرعات لمنظمات وشخصيات متعاطفة مع التنظيم.

من هو زعيم داعش المطلوب دوليا؟

يشار إلى أن مسؤولين اميركيين قد توصلوا مؤخراً إلى الكثير من المعلومات عن قرداش، ووضعته وزارة الخارجية الأميركية على قائمة "أكثر الإرهابيين المطلوبين" ورصدت مكافأة قدرها 10 مليون دولار للمساعدة في القبض عليه.

وكشفت وكالة الصحافة الفرنسية معلومات جديدة عن زعيم داعش موضحة أن اسمه الحقيقي هو محمد سعيد عبد الرحمن المولى وعٌرف بعدد من الألقاب أشهرها "البرفسور" و "المدمر"، واتفق الجميع على وحشيته.

وُلد زعيم داعش الجديد، على الأرجح في عام 1976 في بلدة تلعفر على بعد 70 كيلومترًا من الموصل، لعائلة تركمانية، وهو ما أثار استغراباً كبيراً لأنه نادراً ما يصعد رجل من غير العرب إلى الصفوف الأمامية في داعش التي حكمت في أوجها أجزاء واسعة من العراق وسوريا.

وتخرج المولى من كلية العلوم الإسلامية في الموصل وعمل ضابطا في الجش العراقي خلال فترة حكم صدام حسين، وانضم إلى صفوف القاعدة بعد الغزو الأميركي للعراق في عام 2003 وفقًا لمركز أبحاث مكافحة التطرف.

تولى دور المندوب الديني والقانوني الشرعي العام للقاعدة وفي عام 2004 ألقت القوات الأميركية القبض عليه ووضعته في سجن بوكا في العراق وهناك التقى أبو بكر البغدادي.

وتم الإفراج عن الرجلين في وقت لاحق، وبقي المولى إلى جانب البغدادي عندما تولى زمام الفرع العراقي لتنظيم القاعدة في عام 2010 ثم انشقا لإنشاء تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق" الذي تطور وأصبح فيما بعد "تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا" داعش .

وفي عام 2014 رحب المولى بالبغدادي في الموصل وتعهد بالولاء والدعم الكامل لداعش للسيطرة بسرعة على المدينة وسرعان ما أثبت نفسه بين صفوف التنظيم وحظي بثقة كبيرة بين أعضاء داعش بسبب وحشيته وخاصة بعد القضاء على أولئك الذين عارضو قيادة البغدادي.

ويعتقد محللون أن المولى يسعى الآن لإثبات نفسه من خلال سعيه لإعادة إحياء التنظيم الضعيف مقارنة بـ"العصر الذهبي للخلافة" (2014-2019) وأن يستفيد من تراجع الالتزام الأميركي في المنطقة وانخراط القوات التي تنشرها أجهزة الدولة العراقية في مكافحة وباء كورونا.