بكين: تطلق الصين خلال هذا الأسبوع مسبارًا إلى المريخ في مهمة معقدة ترمز إلى طموحات الصين الفضائية المتعاظمة في مواجهة الولايات المتحدة.

نصب الصاروخ على منصة الإطلاق، فيما يجري المهندسون عمليات التدقيق الأخيرة قبل عملية الإقلاع السبت كحد أقصى من جزيرة هاينان المدارية في جنوب البلاد المعروفة بشواطئها وفنادقها الفاخرة ذات تصنيف الخمس نجوم. إلا أن الأحوال الجوية والرياح غير المؤاتية قد تؤخر هذه المهمة.

أسئلة إلى السماء

ستحمل مهمة "تياونوين-1" (أسئلة إلى السماء-1) مركبة مؤلفة من ثلاثة أقسام: مسبار مراقبة سيدور حول الكوكب الأحمر، ومركبة هبوط، وروبوت مسيّر مكلف تحليل تربة المريخ.

والصين ليست الوحيدة الطامحة إلى إرسال مسبار نحو المريخ؛ إذ سبقتها الإمارات العربية المتحدة بإطلاقها "مسبار الأمل" الاثنين، فيما تنوي الولايات المتحدة إطلاق "مارس 2020" في 30 يوليو الجاري. وتستغل هذه الدول المسافة القصيرة نسبيًا راهنًا بين الأرض والكوكب الأحمر والبالغة حوالى 55 مليون كيلومتر أي ما يوازي تقريبًا خمسة آلاف رحلة ذهاب وإياب بين باريس ونيويورك.

يقول جوناثن ماكدويل عالم الفلك في مركز هارفرد سميثسونيان للفيزياء الفلكية في الولايات المتحدة لوكالة فرانس برس إن المهمة الصينية "شبيهة بمهمات فايكينغ الأميركية بين عامي 1975 و1976 على صعيد النطاق والطموح، ولا أتوقع أن تحقق شيئًا مهما مقارنة بالإنجازات الأميركية"، في إشارة إلى المسبارات والروبوتات الكثيرة التي أرسلتها وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) إلى المريخ.

مهمة أبطأ
بقيت الصين طويلًا بعيدة عن المنافسة الشرسة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي السابق في مجال الفضاء، إلا أنها تعوض الآن تخلفها هذا. فقد أرسلت أول رائد فضاء صيني إلى الفضاء في عام 2003 وروبوتات (أرنب اليشم) لتحط على سطح القمر في عامي 2013 و2019 وأنجزت في يونيو وضع كوكبة من الأقمار الاصطناعية في نظامها الخاص للملاحة "بايدو" المنافس لنظام "جي بي أس" الأميركي. وتشكل مهمتها إلى المريخ المحطة الرئيسية المقبلة في برنامجها الذي يشمل بناء محطة فضاء بحلول عام 2022.

يقول تشن لان، المحلل في موقع "غوتايكونوتس.كوم" المختص ببرنامج الفضاء الصيني: "انضمام الصين إلى استشكاف المريخ سيغير الوضع الحالي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة منذ نصف قرن على صعيد البشرية برمتها، وهذا الأمر إيجابي".

ويرى خبراء أن تجربة الصين على القمر ستفيدها كثيرًا على المريخ. يقول جوناثن ماكدويل: "لكن بعد المسافة الأكبر كثيرًا (..) يعني أن الأمور تتم ببطء أكبر لأن المهلة الفاصلة بين إرسال الرسالة اللاسلكية وتلقيها كبيرة جدًا، وثمة حاجة إلى محطة على الأرض تتمتع بقوة التقاط أكبر لأن المؤشرات ستكون أضعف كثيرًا" مشيرا إلى مخاطر حصول خلل خلال الرحلة.

لا بث مباشرًا

بسبب ذلك، باء بالفشل كثير من المهمات السوفياتية والأميركية والأوروبية واليابانية والهندية البالغة حوالى أربعين مهمة باتجاه الكوكب الأحمر منذ عام 1960. ففي عام 2011، سبق للصين أن حاولت غزو المريخ مع مسبار "يونغو-1" بواسطة مركبة روسية، إلا أن هذه الأخيرة عانت خللًا.

يقول تشن لان: "بمجرد أن يحط المسبار الصيني الجديد بسلام على سطح المريخ ويرسل أول صورة له سيكون ذلك بمثابة نجاح".

وتبدي الصين حذرًا بعدما منيت بسلسلة اخفاقات منذ مطلع عام 2020 مع فشل عمليات إطلاق وعودة مركبة فضائية إلى الأرض. وتؤمن وسائل الإعلام الصينية تغطية متواضعة للتحضيرات، ولن ينقل إقلاع الصاروخ "لونغ مارتش 5" الذي يحمل المسبار إلى المريخ مباشرة عبر التلفزيون.