باماكو: يسعى رؤساء خمس دول إفريقية في باماكو الخميس إلى حلّ الأزمة المحلية المستمرة منذ يونيو، بالعمل على التوفيق بين الرئيس إبراهيم أبو بكر كيتا ومعارضة تطالب برحيله.

وفي ظل قيود التباعد الاجتماعي ووضع الكمامات الواقية، كان رئيسا ساحل العاج الحسن واتارا والسنغال ماكي سال أول الواصلين إلى مطار باماكو صباح الخميس، حيث استقبلهما نظيرهما المالي، وفق ما نقل صحافيون في فرانس برس.

لقاء قادة الحراك
يمثّل هذا الوفد الرئاسي المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا التي تبذل جهودًا للوساطة بعد نشوء أبرز حراك احتجاجي في مالي منذ انقلاب عام 2012. وتبعهما نظيراهما، النيجيري محمد بخاري والنيجر محمد يوسوفو. وسيشارك رئيس غانا نانا اكوفو-آدو في الاجتماع.

من المرتقب أن يلتقي الرؤساء الخمسة نظيرهم المالي في فندق في العاصمة وضِع تحت الرقابة الأمنية الشديدة، على أن يلتقوا بعد ذلك الإمام محمود ديكو النافذ والذي يعدّ أحد ابرز شخصيات الاحتجاجات.

كما من المتوقع أن يلتقوا أيضًا قادة حراك الخامس من يونيو، في إشارة إلى تحالف يتميز بمشاربه المتعددة، يجمع شخصيات سياسية ودينية وأخرى من المجتمع المدني، ويطالب باستقالة كيتا. ومن المتوقع انتهاء زيارتهم مساء حسب التوقيت المحلي.

اضطرابات دامية
تجمّع نحو مئة متظاهر من حراك الخامس من يونيو قرب المطار. وقالت المتظاهرة الطالبة مأمونة ديالو (23 عامًا): "جئنا للضغط، ولا ينبغي على قادة تحالف أن يخدعونا اليوم"، فيما قالت المتظاهرة الأخرى يايا سيلا: "أتينا لنطالب باستقالة أبو بكر كيتا، وكي لا يُنسى رفقاؤنا الذين قتلوا".

يواجه الرئيس كيتا الذي يحكم مالي منذ 2013 حركة احتجاج في الشارع منذ يونيو. ويعبر المحتجون عن استيائهم إزاء العديد من الأمور في واحدة من أفقر دول العالم، بدءًا من تدهور الوضع الأمني إلى عجز السلطات عن وقف العنف في البلاد والركود الاقتصادي وفشل خدمات الدولة والفساد في عدد من المؤسسات.

وأضيف قرار المحكمة الدستورية بإلغاء نتائج نحو 30 مقعدًا في الانتخابات التشريعية التي انعقدت في مارس- ابريل، إلى هذه الأزمات.

وفي 10 يوليو، تطورت ثالث تظاهرة كبرى في البلاد ضد السلطة بدعوة من حركة 5 يونيو إلى ثلاثة أيام من الاضطرابات الدامية في باماكو، هي الأسوأ في العاصمة منذ عام 2012.

وتثير الأزمة السياسية الحالية في مالي التي يخضع قسم واسع منها لاعمال عنف جهادية او لأخرى ناشئة عن نزاعات مجتمعات محلية، قلق حلفائها والدول المجاورة التي تخشى أن تغرق البلاد في الفوضى.

توصيات غرب أفريقيا
كانت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا وضعت الأحد على الطاولة "توصياتها" للخروج من الأزمة عبر مفاوضها الرئيس النيجيري الأسبق غودلاك جوناثان، ونالت دعم الاتحاد الأفريقي والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وقال مصدر مقرب من المفاوضات إن الرؤساء الخمسة سيسعون إلى "تعزيز" الجهود الدبلوماسية السابقة و"التوصل" إلى اتفاق.

واعتبر مركز الدراسات "اي اس اس" في باماكو، في تقرير بحثي نشره الخميس، أنّه "يتعيّن على الرؤساء الخمسة إدراك الحكم المسبق الذي يلف زيارتهم إلى مالي وإثبات أن المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا ليست نقابة لرؤساء الدول الذين يتعاونون في ما بينهم ويحمون أنفسهم".

أضاف المركز البحثي أن "توزيعًا للمناصب على قاعدة نسب مئوية لكل فئة من الأطراف لا يكفي للتعامل مع التطلعات العميقة للسكان. والبحث عن مخرج يجب أن يأخذ بعين الاعتبار الحاجة إلى تحسين يوميات الماليات والماليين".

وتنص خطة المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا على تعيين سريع لمحكمة دستورية جديدة لتسوية الخلاف المتعلق بالانتخابات التشريعية وكذلك تشكيل حكومة وحدة وطنية. وتلقى معسكر الرئيس خارطة الطريق بإيجابية، لكن حركة 5 يونيو رفضتها فيما تشير مصادر قريبة إليها أن ثمة توتر برز داخلها بين "صقور" يصرّون على استقالة الرئيس و"حمائم" أكثر توافقية.

تحدي رئيس الوزراء
في حال عدم قبول مطلبهم باسقاط الرئيس، وهو "خط أحمر" بالنسبة للمجموعة الدولية، فان المعارضين يمكن أن يقبلوا في نهاية المطاف بالانضمام إلى الحكومة كما قال مصدر التقى مختلف الاطراف.

واعتبر استاذ العلوم الاجتماعية في جامعة باماكو بريما الي ديكو أن ما يجري التفاوض بشأنه يدور حول "استقالة رئيس الوزراء". وأضاف أن الحراك الاحتجاجي مضطر إلى مواصلة الضغوط من أجل الحصول على شيء ما.

ورأى دبلوماسي أن المعارضة التقليدية "ضعيفة" منذ اختطاف زعيمها اسماعيل سيسيه في نهاية مارس على يد جهاديين كما أعلِن. وعلّق مناصرون له لافتات تدعو إلى الإفراج عنه طوال الطريق الذي كان يتوقع أن يسلكه الرؤساء الأفارقة.