إيلاف من لندن: يبدو رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي مصمماً على كسب معركة المنافذ الحدودية العراقية ضد المتسلطين على مواردها البالغة ستة مليارات دولار سنوياً من المليشيات والأحزاب والشخصيات السياسية النافذة. ولم يتردد الكاظمي بالتوجيه بمداهمة منزل شخصية نافذة واعتقاله إثر اعتدائه على موظفين في منفذ حدودي مع إيران.

واطلعت "إيلاف" على مقاطع فيديو تظهر مخلصين جمركيين تابعين لأحد الأحزاب وهم يضربون بالعصي ويهددون بالسلاح موظفي المنفذ الذين رفضوا التوقيع على إدخال حاويات تحمل مواد ممنوعة ومهربة من إيران.

إثر ذلك، أعلنت خلية الإعلام الامني العراقية اعتقال المتورطين بحادثة اعتداء "مُخلصي كمرك"، واشارت إلى أنهم يمثلون حزبا سياسيا في منفذ زرباطية العراقي مع إيران (وسط)، مؤكدة "محاسبة كل من يتجاوز عليه".

فيديو الاعتداء على موظفي منفذ زرباطية العراقي مع إيران

وأشارت خلية الإعلام الأمني العراقي إلى انه تم تسليم المتهمين إلى القضاء لينالوا جزاءهم العادل بتهمة الاعتداء على موظفين خلال تنفيذهم واجباتهم... لافتة إلى أن "هذا الاعتداء حصل قبل ان تتسلم القوة العسكرية المكلفة بحماية المنفذ واجباتها".

الكاظمي يأمر باعتقال المعتدين
من جانبه اشار رئيس هيئة المنافذ الحدودية عمر الوائلي إلى أن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي وجه بمداهمة منازل المعتدين على المنفذ واعتقالهم فوراً بعد صدور أمر إلقاء قبض عليهم ونفذت القوة الأمنية المكلفة حماية المنفذ عملية التوجيهات الحكومية.

وقال الوائلي إن جهات خارجة عن القانون تهدد المنافذ الحدودية وتمارس أعمالها بشقين الأول عن طريق موظف فاسد يقوم بتمرير البضائع والمخالفات والتزوير تحت حماية وغطاء هذه الجهات اما الشق الثاني فقد تتدخل هذه الجهات عند مسك بضاعة تابعة لها في المنافذ الحدودية.

ومن جهتها طالبت الهيئة العامة للجمارك برد الاعتبار لهم وإبعاد جميع الجهات غير المخولة رسميا من دخول الحرم الجمركي. وأوضحت أن موظفيها العاملين في مركز جمرك زرباطية تعرضوا للضرب المبرح وتمزيق ملابسهم فضلا عن التجاوز عليهم بالشتائم من قبل المخلصين الجمركيين العاملين في المنفذ دون تدخل من الجهات المسؤولة عن أمن وحماية المنفذ رغم تواجدهم اثناء الحادثة.

المنافذ... أخطر ملفات الفساد
وفي 11 يوليو، دشن الكاظمي معركة ضد واحد من أخطر ملفات الفساد في العراق والمتعلقة بالمنافذ الحدودية للبلاد التي تدر 6 مليات دولار سنويا يذهب 90 بالمائة منها إلى جيوب المليشيات والمتنفذين من السياسيين والى المرتشين من المشرفين على هذه المنافذ في معركة صعبة سيقود النجاح فيها إلى اعادة هيبة الدولة ورفد الموازنة العامة للبلاد بمبالغ يمكن ان تقلص من العجز المالي الذي تعانيه.

ويرتبط العراق عبر 32 منفذا حدوديا بريا وبحريا وجويا مع الدول الست المجاورة له وهي السعودية والكويت والاردن وسوريا وتركيا وايران وتبلغ وارداتها حوالى 6 مليارات دولار سنويا تسيطر على معظمها المليشيات المسلحة والمتنفذين من قادة الاحزاب السياسية في واحد من اخطر ملفات الفساد في البلاد.

ويؤكد مسؤولون ونواب عراقيون أن الضرائب الجمركية من هذه المنافذ يجب أن تكون بحدود ذلك المبلغ ولكن ما يتم تحصيله هو أقل من مليار دولار حالياً وتذهب البقية منه إلى المرتشين من مسؤولي المنافذ والى المليشيات والمتنفذين من السياسيين، الامر الذي لم تخاطر اي حكومة سابقة تولت السلطة بعد التغيير في البلاد عام 2003 على مواجهته خشية أثارة غضب المستفيدين الذين يعيقون أي اصلاح ويعملون على تكريس الفساد.

ويشير المسؤولون إلى إنّ هناك فسادا كبيرا وسيطرة للمسلحين على المنافذ الحدودية وفي كل منافذ العراق من البصرة إلى إقليم كردستان.. موضحين ان هناك منافذ تدخل البضائع عبرها بدون تأشيرة وفي المنافذ مع إيران تدخل سيارات بشكل غير قانوني ومن دون ختم وبلا تأشيرة أو حتى فحص. ويقولون إن الأحزاب والميليشيات تتدخل في شؤون المنافذ الحدودية ولكن كل حزب وفصيل مسلح له دور ومهام تختلف عن البقية، فأحزاب تتورط في تهريب وبيع النفط في الخارج وأخرى ترتبط بتهريب المخدرات من إيران، ونشاطات تتعلق بالحصول على إتاوات من تجار الخضار واحتكار المنتجات الغذائية وطرق توزيعها في المحافظات الجنوبية ولا يختلف الأمر كثيراً في المنافذ الحدودية الشمالية في إقليم كردستان العراق.

ويعاني منها العراق من أزمة مالية حادة، ويتطلع العراقيون إلى كسب المعركة في ملف فساد المنافذ الحدودية وضبط وارداتها الضخمة، لتوظيف هذه الواردات في التنمية وتطوير الخدمات.
ويؤكد العراقيون ان الوقت قد حان لوقف الخسائر التي يتكبدونها بسبب عمليات السرقة والاختلاس خلال السنوات السبع عشرة الماضية والتي بلغت حوالى 450 مليار دولار.