تلوح في الأفق بوادر حل أزمة قديمة بين مجموعة إيرباص الأوروبية ونظيرتها بوينغ الأميركية، بعد أن قدم الأوروبيون مقترحًا لتسوية النزاع، وإلغاء رسوم جمركية فرضتها واشنطن على سلع وخدمات أوروبية بقيمة 7,5 مليارات دولار.

بروكسل: تقدمت مجموعة الصناعات الجوية الأوروبية، اليوم الجمعة، باقتراح يهدف إلى تسوية نزاع قديم جدا مع منافستها الأميركية بوينغ، يفترض بحسب الاتحاد الأوروبي أن يدفع الولايات المتحدة إلى رفع "فوري" للإجراءات الانتقامية التجارية التي تقررت على أساسه.

وأعلنت "إيرباص" أنها "ستمتثل بالكامل" لقواعد منظمة التجارة العالمية. وأضافت في بيان لها، اليوم الجمعة، إن معدلات الفوائد باتت "تطابق ما تعتبره منظمة التجارة العالمية معدلات فائدة ومعايير تقييم للمخاطر المرتبطة" بالمشروع.

وأوضحت المجموعة الصناعية الأوروبية "بعد 16 عاما من الخلاف، يتعلق الأمر بالمرحلة الأخيرة لإنهاء هذا الخلاف الطويل وإزالة كل مبرر للرسوم الجمركية الأميركية".

وقال الرئيس التنفيذي لـ"إيرباص" غيوم فوري، في البيان: "لبينا كل مطالب منظمة التجارة العالمية وهذه التعديلات الإضافية" لنظام السلف "الخاصة بطائرة ايه35 تدل على أن "إيرباص" لم تهمل أي تفصيل للتوصل إلى حل".

وتابع: "أنها إشارة واضحة لدعم الذين يعانون من التأثير القاسي للتعرفات الجمركية" التي فرضها الممثل الأميركي للتجارة "خصوصا في وقت تتضرر فيه كل الصناعات بسبب انعكاسات أزمة كوفيد-19".

عقوبات أوروبية

وقال المفوض الأوروبي للتجارة فيل هوغان إن "الرسوم الجمركية غير المبررة على المنتجات الأوروبية غير مقبولة"، داعيا الولايات المتحدة إلى رفعها "فورا" بعد إعلان "إيرباص"، محذرا في الوقت نفسه من أن "في غياب تسوية، سيكون الاتحاد الأوروبي مستعدا لاستخدام الحقوق الخاصة به بفرض عقوبات".

من جهته، صرح وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير أنه "إذا واصلت الولايات المتحدة رفض التفاوض الودي، فلن يكون أمام الاتحاد الأوروبي خيار آخر سوى تبني عقوبات تقضي بفرض رسوم جمركية على منتجات أميركية (...) نحن مصممون على فرض احترام حقوقنا".

لا التزام قانونياً

وتتواجه المجموعتان الأميركية "بوينغ" والأوروبية "إيرباص" منذ أكتوبر 2004 أمام منظمة التجارة العالمية. والسبب هو المساعدات الحكومية التي تدفع للمجموعتين التي يعتبرها كل طرف غير قانونية. وهذا الخلاف هو أطول وأكثر نزاع تجاري تعقيدا تعالجه منظمة التجارة العالمية.

عمليا، تفاهمت المجموعة الأوروبية مع الحكومتين الفرنسية والاسبانية لدفع فوائد أكبر على السلف التي يجب تسديدها ووافقت عليها باريس ومدريد عند إطلاق برنامج طائرات الرحلات الطويلة ايه 350.

ونظام السلف التي يجب إعادتها، يسمح بالحد من المخاطر المالية التي يخوضها الصناعيون عند إطلاق مشاريع واسعة.

أوضح مصدر قريب من الملف أن المجموعة الأوروبية "لم ترغب في الانتظار أكثر من ذلك" وأرادت أن تبرهن على أنها "جدية" في رغبتها في الامتثال لقواعد منظمة التجارة العالمية.

وأضافت أنه لا يوجد التزام قانوني للقيام بذلك، موضحة أنها تأمل أن "تدرك الولايات المتحدة أنها مبادرة حقيقية".

رسوم سنوية

وسمحت منظمة التجارة العالمية للولايات المتحدة في أكتوبر الماضي بفرض رسوم على سلع وخدمات بقيمة 7,5 مليارات دولار من السلع والخدمات الأوروبية المستوردة كل عام. وهي أكبر عقوبة تفرضها منظمة التجارة العالمية على الإطلاق.

ومنذ ذلك الحين ، فرضت واشنطن رسوما عقابية على بعض المنتجات المستوردة من الاتحاد الأوروبي، بينها النبيذ والجبن والزيتون، بنسبة تصل إلى 25 بالمئة.

ورفعت الضرائب الجمركية من عشرة بالمئة على طائرات "إيرباص" إلى 15 بالمئة في مارس. وهي تؤثر على شركات الطيران الأميركية التي تشتري من المجموعة الصناعية الأوروبية.

إجراء مماثل

وفي إجراء مماثل، ينتظر الاتحاد الأوروبي من منظمة التجارة العالمية أن تجيز له فرض رسوم جمركية أيضًا ردا على المساعدات المالية غير المبررة التي تدفعها واشنطن هذه المرة إلى بوينغ. ويتوقع أن يصدر القرار في سبتمبر أو أكتوبر، حسب مصدر قريب من الملف.

وخلال هذه الحرب التي يتبادل فيها الجانبان الضربات، أكدت كل من "بوينغ" و"إيرباص" أنها امتثلت لقواعد منظمة التجارة العالمية مرات عدة.