إيلاف من لندن: تشهد ساحات القضاء البريطاني معركة ساخنة بين مكتب هيئة الاستثمار الكويتية في لندن وموظفين تنفيذيين سابقين كبار في الصندوق السيادي بتهمة التآمر لمنح زيادات غير قانونية في الأجور.

وقالت صحيفة (فايننشال تايمز) إن القضية التي يجري تداولها أمام المحكمة العليا البريطانية، هي جزء من نزاع أوسع، بين الصندوق السيادي الذي تبلغ قيمته 600 مليار دولار وبين عدد من الموظفين السابقين.

ووفقا لأشخاص مطلعين، فقد ترك أكثر من 30 من أصل 100 موظف عملهم في مكتب الاستثمار الكويتي منذ بداية عام 2018، بحسب تقرير الصحيفة.

وكانت الإجراءات القضائية قد انطلقت في لندن بعد طرد اثنين من المسؤولين التنفيذيين في يناير 2020 بسبب مزاعم سوء سلوك جسيمة. وكان أحدهم رفع قبل إقالته، دعوى قضائية ضد مكتب الاستثمار الكويتي، مدعيا إلحاق ضرر به وتعرضه للتمييز على أساس السن.

كما رفعت مسؤولة أخرى قبل أن تطرد، دعوى قضائية ضد المكتب في محكمة العمل بسبب مزاعم التحرش، وسوء المعاملة، والتمييز.

خارج الاختصاص
ويرى مكتب الاستثمار الكويتي أنه خارج اختصاص المحكمة كونه يتمتع بالحصانة كجزء من البعثة الدبلوماسية الكويتية للمملكة المتحدة. ولكنه في الوقت نفسه يتابع إجراءات في المحكمة العليا للحصول على أحكام ضد من يرى أنهم ارتكبوا مخالفات.

ويقول التقرير إن الأزمة بدأت بعد تعيين صالح العتيقي، الشريك السابق في (ماكينزي) والذي سبق له أن عمل مع رئيس الوزراء السابق توني بلير بعد أن كلفته الحكومة الكويتية بإجراء دراسة استراتيجية لصالحها، رئيسًا لمكتب الاستثمار الكويتي في لندن في أبريل 2018.

وكان استقال أكثر من 30 من أصل 100 موظف من مكتب الاستثمار الكويتي منذ بداية عام 2018، وفقًا لأشخاص مطلعين على المسألة.

طرد مسؤولين
وقد رُفعت الدعوى أمام المحاكم في لندن بعد طرد اثنين من المديرين التنفيذيين في يناير الماضي لاتهامهما بسوء السلوك الجسيم، كما تم طرد سايمون هارد رئيس الدخل الثابت منذ عام 2007، ثم القائم بأعمال رئيس مكتب الاستثمار الكويتي، وبراشانت فيتلاني، رئيس الأسهم، والقائم بأعمال الرئيس السابق والموظف في المكتب لمدة 22 عامًا، في اليوم نفسه.

وقبل إقالته، رفع هارد، البالغ من العمر 62 عامًا، دعوى قضائية أمام محكمة العمل ضد مكتب الاستثمار الكويتي، مدعيا التعرض للوشاية والإيذاء والتمييز على أساس السن.

كما تم فصل كارولين تايلور، رئيسة الموارد البشرية، التي تعمل في مكتب الاستثمار الكويتي منذ عام 2008، بعد شهرين بتهمة سوء السلوك. وقبل أن تطرد، رفعت تيلور دعوى قضائية ضد مكتب الاستثمار الكويتي في محكمة العمل وزعمت تعرضها للوشاية والمضايقة والإيذاء والتمييز في الأجر.

وفي قلب القضية هناك مؤامرة مزعومة لمنح زيادات غير قانونية في الرواتب والمكافآت، مما ألحق الضرر بمكتب الاستثمار الكويتي.

وسائل غير مشروعة
ويسعى مكتب الاستثمار الكويتي للحصول على تعويضات عن انتهاك مزعوم للعقد، والتآمر لإحداث خسارة بوسائل غير مشروعة والتحريض على خرق العقد. ويطالب بتعويض عن خسائر وأضرار قدرها 440 ألف جنيه إسترليني، مع طلب تعويضات إضافية مزعومة بعد تحديد حجمها.

وقالت تايلور لصحيفة (فايننشال تايمز): "زعم مكتب الاستثمار الكويتي أنني ساعدت رئيسين بالإنابة (سايمون هارد و براشانت فيثلاني) في تعديل قيمة المكافآت ومراجعات الرواتب بشكل غير قانوني"، وأضافت أنها تنفي هذه المزاعم، ومن جهته، رفض فيثلاني التعليق بخلاف قوله إنه ينفي ارتكاب أي مخالفات.

ويدعي مكتب الاستثمار الكويتي، الذي يعد جزءًا من البعثة الدبلوماسية في المملكة المتحدة، أنه يمتلك حصانة الدولة في محكمة العمل، وإذا نجح في إثبات هذه الصفة، سيكون مكتب الاستثمار الكويتي خارج اختصاص المحكمة.

وفي الوقت نفسه، يتابع مكتب الاستثمار الكويتي إجراءات في المحكمة العليا ضد هارد وتايلور، سعياً للحصول على أحكام ضمن اختصاص تلك المحكمة.

قضايا إجرائية
وقال سايكس فريكسو، وهو مكتب محاماة يعمل لصالح هارد، إن هناك قضايا مهمة على المحك فيما يتعلق بالالتزامات التعاقدية والقانونية المزعومة المستحقة لمواطني المملكة المتحدة، وقالت الشركة القانونية: "تثير القضية قضايا ذات اهتمام عام كبير من حيث المدى الذي يمكن فيه للكيانات الخاضعة لسيطرة أجنبية أن تعتمد على الامتيازات الدبلوماسية".

ومن المقرر أن تستمع المحكمة العليا، اليوم الاثنين، إلى طلب متنازع عليه من هارد لإيقاف الإجراءات انتظارًا لنتيجة الدعوى أمام محكمة العمل.

حصانة الدولة
ومن المقرر مؤقتًا عقد جلسة استماع في محكمة العمل حول "حصانة الدولة" لمكتب الاستثمار الكويتي في سبتمبر المقبل، وقد تم الاعتراض على العديد من القضايا الإجرائية الأولية.

وقد أدت التطورات إلى طرح سؤال في مجلس الأمة الكويتي، ويجري إعداد الرد على السؤال، بحسب مصدر مقرب من صندوق الثروة السيادية.

ويشار إلى أن مكتب الاستثمار الكويتي، لا يفصح عن أصوله أو سجله الاستثماري. ومع ذلك، يقول الأشخاص المطلعون على المحفظة أن مكتب الاستثمار الكويتي يستثمر أقلية كبيرة من قاعدة أصول هيئة الاستثمار البالغة أصولها الأساسية 600 مليار دولار.

تاريخ طويل
ويعتبر مكتب الاستثمار الكويتي، الذي افتتح مقراً له في لندن عام 1953، أقدم صندوق ثروة سيادية في العالم، أما هيئة الاستثمار فقد تم تأسيسها عام 1982 كـ"شركة أم" لمكتب الاستثمار الكويتي في لندن.

ويستثمر مكتب الاستثمار في لندن مباشرة في الدخل الثابت والأسهم والبدائل، بما في ذلك البنية التحتية والعقارات. وتمتلك شركة (Wren House) التبعة لمكتب الاستثمار الكويتي، استثمارات في Thames Water ومطار لندن سيتي والموانئ البريطانية المشتركة.