أكد المغرب موقفه الدائم من الأزمة الليبية، وهو الاعتماد على اتفاق الصخيرات الموقع على أراضيه أساسًا لحل سياسي لهذه الأزمة. وهذا ما سمعه رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح، الذي يزور المغرب اليوم.

الرباط: قال الحبيب المالكي، رئيس مجلس النواب المغربي (الغرفة الأولى بالبرلمان)، إن مجلس النواب الليبي هو المؤسسة الوحيدة المنتخبة حاليًا في ليبيا، معربًا عن "مؤازرة مجلس النواب وكل المبادرات الهادفة إلى استرجاع واستتباب الأمن بالقطر الليبي".

أضاف المالكي الاثنين خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الليبي عقيلة صالح: "نحن بصدد دراسة مبادرة مجلس النواب الليبي الأخيرة، ونأمل صادقين أن تشكل مخرجًا للازمة الليبية".

تتلخص المبادرة في تشكيل مجلس رئاسي، كما ترتكز على الحل السياسي، وتنتهي بإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية.

وأفاد المالكي أن مبادرة مجلس النواب الليبي "ستفتح آفاقًا جديدة من أجل الوصول إلى حل نهائي، وأن الحوار وتقريب وجهات النظر هو المفتاح الرئيسي لاسترجاع ليبيا استقرارها وأمنها، وأن للأزمة الليبية تداعيات على أمن المنطقة كلها واستقرارها، وأن أمن ليبيا جزء من أمن واستقرار كل المنطقة".

أضاف المالكي: "نتابع كل التطورات، ونحاول ما أمكن أن نقرب بين وجهات النظر بين كل الاطراف، ونعتبر كل المبادرات الأخيرة لا تتناقض مع اتفاق الصخيرات".

وكان رئيس مجلس النواب الليبي،قد اجرى صباح اليوم مع نظيره المغربي، مباحثات رسمية في مقر مجلس النواب المغربي .

وجدنا الدعم الكامل
قال عقيلة صالح أن مبادرة مجلس النواب الليبي تروم إيجاد حل للأزمة ببلاده لا يتعارض مع اتفاق الصخيرات، مشيرا إلى أنه وجد في المغرب "انشغالًا وفهمًا كبيرين لما يجري في وطننا ليبيا، وما توصل إليه الأطراف من خلال هذه الفترة الطويلة، من حلول للأزمة الليبية، آخرها مبادرة مجلس النواب الليبي، والتي تتمثل في إيجاد حل لا يتعارض مع اتفاق الصخيرات ولا مؤتمر برلين ".

أوضح صالح أن عدم تنفيذ الاتفاق السياسي يتمثل في عدم القدرة على تفعيل ما تم الاتفاق عليه في الصخيرات، أهمها الترتيبات الأمنية واتخاذ القرارات بالإجماع والحصول على ثقة البرلمان الليبي.

قال: "تقدمنا بمبادرة نعتقد أنها مقبولة من قبل معظم الليبيين ووجدت ترحيبًا من المجتمع الدولي وبعثة الأمم المتحدة، وجئنا نطلب من إخوتنا في المغرب، بحكم مكانته الدولية والعربية، على دعمنا في إيجاد حل للأزمة الليبية والوصول إلى تشكيل السلطة التنفيذية الجديدة تتولى شؤون الليبيين في هذه المرحلة المؤقتة، حتى تتم عملية إنجاز الدستور والانتخابات الرئاسية والبرلمانية الجديدة ".

أضاف صالح: "وجدنا، بكل تقدير واحترام، الدعم الكامل، وأنهم وعدونا بعدم ادخار أي جهد من أجل الوصول إلى حل للأزمة الليبية".

إحياء دور المغرب
بعد أن أبرز أن زيارته للمغرب تأتي بغية مناقشة الشأن الليبي وإيجاد حل للأزمة في بلاده، أكد صالح على العلاقات العريقة التاريخية القائمة بين الشعبين المغربي والليبي.

وفي معرض رده على سؤال بشأن لقائه مع رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبي، خالد المشري، الذي يوجد حاليًا بالمغرب، قال صالح إن أمر هذا اللقاء لم يحدد بعد، "وربما سيترك بعد الاجتماع مع الطرفين الليبيين كل على حدة".

يذكر أن رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبي أجرى، الإثنين، مباحثات مع رئيس مجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان) حكيم بن شماش.

يشار إلى أن زيارة كل من صالح والمشري للمغرب تأتي في إطار رغبة الأطراف الليبية في إحياء دور المغرب في عملية الوساطة بين هاته الأطراف، وكذا إعادة تفعيل الاتفاق السياسي.

تجدر الإشارة أيضًا إلى أن المباحثات بين رئيس مجلس النواب المغربي ورئيس مجلس النواب الليبي توجت بالتوقيع على مذكرة تفاهم وتعاون بين المؤسستين.

لا تخدم مصالح البلد
من المتوقع أن يلتقي رئيس مجلس النواب الليبي ورئيس المجلس الأعلى الليبي اليوم أيضًا، كل على حدة، بوزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، الذي يعتبر اتفاق الصخيرات مرجعية لحل الأزمة الليبية.

وعبرت المملكة المغربية في أكثر من مناسبة عن رفضها للتدخل العسكري الأجنبي في ليبيا، مؤكدة تشبثها بالحل الدبلوماسي والسلمي للملف.

وشدد بوريطة في تصريحات سابقة على أن "التدخلات الأجنبية في ليبيا لا تخدم مصالح البلد ولا تساعد الفرقاء الليبيين على الارتقاء فوق مصالحهم الخاصة إلى المصلحة المشتركة لجميع الليبيين".

وينبع حرص الفرقاء الليبيين على استشارة المغاربة من ثقة الليبيين بالدور المغربي وصدقيته وقيمته المضافة في رعاية الوساطات وعمليات السلام وفض النزاعات، خصوصًا في القارة الأفريقية.

يذكر أن المغرب احتضن في عام 2015 مفاوضات في منتجع بمدينة الصخيرات المغربي بضواحي الرباط، تحت إشراف مباشر من الأمم المتحدة، انتهت بتوقيع الاتفاق المعروف باسم المدينة في 17 ديسمبر، الذي انبثقت عنه حكومة الوفاق ومجلس الأعلى للدولة، وهو الاتفاق الذي يتشبث به المغرب كأرضية لحل النزاع الليبي، في الوقت الذي يسعى المغرب إلى لعب دور جديد في الوساطة بين طرفي النزاع، في ظل فشل عدد من دول الجوار في ذلك، منها تونس والجزائر.