بدا ترمب رصينًا لأيام قليلة، يرشد الناس إلى ارتداء الكمامة، وفجأة عاد إلى بث المعلومات المضللة عن كورونا، مستعينًا بخبراء من اليمين المتطرف، يقولون إن كورونا مفتعل لإلحاق الضرر بحملته الانتخابية.

واشنطن: بعدما اعتمد في الأيام القليلة الماضية خطابًا أكثر جدية ورصانة للتحذير من مخاطر وباء كورونا، عكس الرئيس الأميركي دونالد ترمب مجدّدا التوجّه وعاد لنشر معلومات طبية مضلّلة وتوجيه الانتقادات لكبير خبراء خلية مكافحة فيروس كورونا المستجد والحديث عن نظريات مؤامرة.

حذفت منصة تويتر في خطوة نادرة تسجيلًا مصوًرا استخدمه الرئيس الأميركي كانت قد حذفته منصة فيسبوك، يقول فيه أطباء للأميركيين إن وضع الكمامات غير ضروري، وإن عقار هيدروسكي كلوروكين المضاد للملاريا يمكن أن يشفي المصابين بوباء كورونا.

ليس علاجًا
أعلنت منصة تويتر الثلاثاء أن استخدام الفيديو في تغريدة يشكل "انتهاكًا لسياستنا بشأن المعلومات المضللة المتعلّقة بكورونا". كذلك منعت منصة تويتر دونالد جونيور، نجل ترمب والشخصية الفاعلة في حملة الرئيس الانتخابية، من إطلاق تغريدات مدة 12 ساعة بعدما حمّل نسخة من الفيديو.

وبين المجموعة التي تتحدّث في الفيديو طبيبة تدعى ستيلا إيمانويل تطرح نفسها أيضًا مدافعة عن اليمين المتطرف تؤمن بالشعوذة. وفي الفيديو، تدّعي الطبيبة التي تصف نفسها بأنها "فأس الله في ميدان المعركة" أن "الفيروس له علاج" هو هيدروكسي كلوروكين.

هذه مقولة خاطئة؛ إذ ليس هناك حاليًا أي علاج لفيروس كورونا الذي تفشى في أنحاء العالم وأودى بنحو 150 ألف شخص في الولايات المتحدة وألحق ضررًا بالغًا بأكبر اقتصاد في العالم.

خلصت أغلبية السلطات الطبية إلى أن عقار هيدروكسي كلوروكين لم تثبت فاعليته في معالجة المصابين بفيروس كورونا المستجد، لا بل يمكن أن يكون مضرًا. وألغت إدارة الأغذية والأدوية الأميركية في يونيو التصريح الاستثنائي المعطى لاستخدامه في علاج المصابين بكورونا. لكن ترامب دافع مرارًا عن هيدروكسي كلوركين، معتبرًا إياه حلًا للأزمة. وقال إنه تناول العقار أسبوعين على سبيل الاحتياط.

انتقادات لفاوتشي
في سلسلة تغريدات أطلقها ليل الإثنين، أعاد الرئيس الأميركي تغريد محتوى يتحدث عن نظرية مؤامرة تلقى رواجًا لدى اليمين المتطرف، مفادها أن كبير خبراء خلية مكافحة فيروس كورونا المستجد الطبيب أنطوني فاوتشي، ساهم في تفاقم تفشي الوباء لإلحاق الضرر بحملة ترمب الانتخابية وفرص فوزه بولاية رئاسية ثانية في انتخابات الثالث من نوفمبر.

والتغريدة التي تشاركها ترمب مع متابعيه البالغ عددهم 84 مليونًا تعتبر أن إيمانويل تسلّط الضوء على "ما يجب اعتباره أكبر فضيحة في التاريخ الأميركي المعاصر".

جاء في التغريدة أن "تحريم هيدروكسي كلوروكين من قبل فاوتشي والديموقراطيين (يهدف) إلى مفاقمة وفيات كوفيد من أجل إلحاق الضرر بترامب".

وصباح الثلاثاء، رد فاوتشي في تصريح لشبكة "ايه بي سي نيوز" الإخبارية الأميركية، أكد فيه أنه لا يكترث لتويتر، وقال: "أنا لا أغرد، ولا أقرأ التغريدات".

تابع فاوتشي الذي راكم عقودًا من الخبرة، لا سيما في ريادة حملة مكافحة مرض الإيدز من الثمانينيات: "لم أضلل الشعب الأميركي في أي ظرف، نحن وسط أزمة تتعلق بجائحة، وهذا ما تدربت عليه طوال مسيرتي المهنية".

خطاب مختلف
سُلّطت الأضواء على أنشطة ترمب على تويتر قبل أسبوع حين اعتمد خطابًا أكثر رصانة في حديثه عن أزمة صحية خارجة عن السيطرة.

صباح الإثنين، توجّه ترمب إلى كارولاينا الشمالية حيث زار مختبرًا طبيًا يعمل على إيجاد لقاح لفيروس كورونا المستجد.

واستخدم جلسة التصوير التي بدا فيها متفقدًا تجهيزات مختبر "فوجيفيلم دايوسينث بايوتكنولوجيز" لتأكيد دعمه للاستجابة العلمية للجائحة. وقال للصحافيين: "سنحقق انتصارًا على الفيروس عبر إطلاق يد العبقرية العلمية الأميركية".

تم وقيع عقد مع المنشأة لإنتاج كميات من لقاح تجريبي تطوره نوفافاكس، في خطوة تندرج في إطار مبادرة حكومية بمليارات الدولارات أطلق عليها تسمية "أوبريشن وورب سبيد" (عبارة مستوحاة من الخيال العلمي وتعني: عملية أسرع من سرعة الضوء).

لكن ترامب تأرجح مرارًا بين الثقة بالقدرات العملية الأميركية والتعاطف مع يمينيين يقولون إنه يتم تضخيم مخاطر الإصابة بكورونا لإضعاف عهده.

والولايات المتحدة هي بأشواط الدولة الأكثر تضررًا من الجائحة، وسجّلت أكثر من 4,2 ملايين إصابة بالوباء.

وأظهرت استطلاعات لآراء الناخبين تراجع التأييد لترمب، كما بيّنت أن أغلبية كبيرة باتت لا تثق بطريقة إدارة الرئيس لأزمة فيروس كورونا المستجد.