مينسك: أعلنت بيلاروسيا الأربعاء إيقاف 32 "مقاتلا" من مجموعة "فاغنر" العسكرية الخاصة التي تعتبر مقربة من الكرملين، واتهمتهم بالسعي إلى "زعزعة استقرار" البلاد مع اقتراب الانتخابات الرئاسية، طالبة توضيحات من موسكو.

وروسيا وبيلاروسيا حليفتان تاريخيا، لكن العلاقات بينهما تزداد توترا منذ نهاية 2019، مع اتهام الرئيس ألكسندر لوكاشينكو موسكو بشكل خاص بالسعي إلى استتباع بلاده والتدخل في اقتراع 9 أغسطس.

ونقل تلفزيون "أو إن تي" العام عن أندري رافكوف أمين مجلس الأمن البيلاروسي أن "32 شخصا -- مواطنين روس (...) أوقفوا صباح اليوم في فندق قرب مينسك".

وفقا له، جميعهم "من شركة فاغنر العسكرية الخاصة". وأضاف أنه جرى إيقاف رجل آخر في منطقة غوميل (جنوب).

وأعلن أبرز تلفزيون بيلاروسي ووكالة الأنباء الرسمية "بيلتا" عن الإيقافات التي جرت بعد علم السلطات بـ"وصول 200 مقاتل إلى الأراضي (البيلاروسية) لزعزعة الوضع خلال فترة الحملة الانتخابية".

ونفذت قوات الأمن (كي جي بي) العملية التي تتزامن مع المرحلة الأخيرة لحملة انتخابية غير عادية، شهدت تعبئة غير مسبوقة لصالح المعارضة وقمعا للمتظاهرين ولمنافسي لوكاشينكو.

ويقود هذا الأخير بيلاروسيا بقبضة من حديد منذ 1994، وهو مرشح لولاية سادسة، ويتهم الكرملين بدعم معارضيه.

ونقل تلفزيون "إس تي في" عن لوكاشينكو قوله خلال اجتماع لمجلس الأمن الوطني "إن كانوا مواطنين روسا - وأعلم جيدا أنهم كذلك بعد استجوابهم -، يجب التواصل مع الهيئات الروسية المختصة لشرح ما يحدث".

بعيد ذلك، قالت السفارة الروسية في مينسك على تويتر إنها تلقت "إعلاما رسميا بإيقاف 32 مواطنا روسيا"، دون إضافة تفاصيل.

روسيا وأوكرانيا

وتأسست مجموعة "فاغنر" على يد شخصية مقربة من فلاديمير بوتين، وتحمل سمعة بأنها أداة تستعملها روسيا في تدخلات عسكرية خارجية لا يمكن أن تقوم بها رسميا.

ظهرت الشركة في شرق أوكرانيا الذي يشهد حربا متواصلة منذ 2014، ونشر عناصرها أيضا في ليبيا وسوريا. وتنفي روسيا أي ارتباط لها بالمجموعة.

وقال رافكوف إنه سيتم استدعاء سفيري روسيا وأوكرانيا للحصول على توضيحات.

ونشر التلفزيون العام البيلاروسي صورا التقطتها كاميرات مراقبة عند وصول المجموعة المشتبه فيها إلى الفندق، وصورا لعملية إيقافها.

وأظهرت الصور أيضا حزم دولارات وجوازات سفر روسية وكتيبات لارشادات استخدام معدات عسكرية.

وأضاف تقرير التلفزيون أن "النزلاء الجدد لفتوا الانتباه بسلوكهم غير العادي لسياح روس ولباسهم الموحد العسكري الشكل".

وهؤلاء الرجال "لم يشربوا كحولا ولم يرتادوا أماكن ترفيه" في الفندق، وفق مقدمة التقرير التي أكدت أنهم "فحصوا المكان والأنحاء بعناية".

ونشرت "بيلتا" قائمة بأسماء الموقوفين، وجميعهم رجال تتراوح أعمارهم بين 24 و55 عاما. وأكد الكاتب صاحب التوجه القومي زاخار بريليبين الذي قاتل إلى جانب الانفصاليين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا، على فيسبوك أن بعض الموقوفين كانوا رفاقه في الكتيبة ذاتها.

"معركة حياته"

والعلاقات بين روسيا وبيلاروسيا ودية عادة لكنها تشهد بعض التوتر من حين لآخر مرتبط بخلافات على الطاقة.

وصعد ألكسندر لوكاشينكو تصريحاته في الأشهر الأخيرة لإدانة الضغوط الروسية، واتهم موسكو خاصة بالرغبة في توحيد البلدين في كيان واحد تحت سيطرتها وبالسعي للتأثير على الانتخابات الرئاسية.

ولم يظهر الرئيس البيلاروسي قطّ واضعا كمامة وقائية، وقد أعلن الأربعاء إصابته بفيروس كورونا المستجد، دون أن تظهر عليه أعراض.

وسبق أن اتهم لوكاشينكو، الساعي للفوز بولاية رئاسية سادسة، بعض دول بالسعي إلى "زعزعة استقرار" الوضع مع اقتراب الانتخابات، لكنه وجهها لدول غربية فقط.

وقال المحلل في شركة "بلوباي أسيت مانجمنت" تيموثي آش لوكالة فرانس برس "يبدو مع هذه الانتخابات أن لوكاشينكو يخوض معركة حياته". كما اعتبر أن الرئيس البيلاروسي قد يستعمل الحادث ذريعة لإلغاء الانتخابات التي لا يضمن الفوز بها.

ودعي جميع المرشحين الرئاسيين للحضور صباح الخميس إلى هيئة الانتخابات، وفق ما أفاد المرشح سيرغي تشيرتشن على فيسبوك.

ومنذ وصول الرئيس إلى السلطة، لم يسمح بأن تلعب المعارضة دورا في البلاد، ووضع زعماءها في السجن.

وشهدت الحملة الانتخابية الحالية ظهور وجوه جديدة. وسفيتلانا تيكانوفسكيا هي أبرز منافسي لوكاشينكو، وهي تقدمت للانتخابات لتعويض زوجها المعروف بنشر أشرطة فيديو منتظمة، وذلك بعد سجنه في مايو مع تزايد شعبيته.

وأعلن تلفزيون "أو إن تي" مساء الأربعاء إيقاف المستشار السياسي فيتالي شكلياروف الذي ساعد تيكانوفسكيا في "تعبئة الناخبين".