إيلاف من لندن: اتهمت المملكة المتحدة، جماعة الحوثي، بدفع اليمن إلى كارثة حقيقية، بمنعهم الخدمات الصحية، ويعرقلون إجراء تقييم شامل للأوضاع فضلا عن عرقلتهم لوصول المساعدات، ودعت الجماعة لتسهيل استجابة الأمم المتحدة لوباء كورونا الذي يهدد حياة الملايين.

وعبر السفير جوناثان آلين، القائم بأعمال رئيس بعثة المملكة المتحدة لدى الأمم المتحدة، في جلسة مجلس الأمن بشأن الوضع في اليمن، عن القلق البالغ بأن وباء كوفيد-19 يفاقم وضعا إنسانيا صعبا أصلا في اليمن.

وقال إن الحالات المسجلة رسميا لا تمثل الواقع. فحسب التوقعات، يمكن في أسوأ الحالات أن يتوفى 85,000 يمني بسبب الإصابة بالفيروس. ونشعر بالإحباط لكون الحوثيين تحديدا لا يُعلنون عدد الحالات المصابة، وترددوا في تطبيق الكثير من تدابير تخفيف الإصابة، ويمنعون خدمات صحية حيوية، بما فيها التطعيم.

وطالب السفير البريطاني الجميع من كل الأطراف اليمنية بضمان وصول المساعدات بلا عقبات، والتبليغ عن الإصابات بكل شفافية، وتسهيل استجابة الأمم المتحدة.

الأمن الغذائي
وأضاف: كما يقلقني بشدة أن تقييم الأمن الغذائي في جنوب اليمن يتوقع أن 1.2 مليون يمني سوف يعانون من انعدام الأمن الغذائي هذه السنة، وأشير إلى أن الحوثيين عرقلوا إجراء تقييم في شمال اليمن.

هذا الوضع سببه التراجع الاقتصادي. وعملة اليمن مستمرة بفقدان قيمتها لتصل إلى أدنى مستويات لها هذه السنة، بينما أسعار الغذاء ارتفعت بمعدل 10 بالمئة في شهر يونيو وحده.

وشدد السفير على القول: لنكن صريحين مع بعضنا. لقد بات حدوث مجاعة الآن احتمالا واقعيا، كما قال مارك لوكوك بكل وضوح. وكما سمعنا، سوف تؤثر المجاعة بشكل أكبر على المهمشين أصلا، وخصوصا ذوي الإعاقة.

إجراءان مهمان
وقال السفير ألين: باستطاعة المجتمع الدولي اتخاذ إجراءين اثنين لمنع حدوث مجاعة كارثية في اليمن هذه السنة. أولا، توفير تمويل كافٍ استجابة لنداء الأمم المتحدة الإنساني. فقد تلقت الأمم المتحدة 800 مليون دولار فقط هذه السنة، مقارنة بمبلغ 2.6 مليار دولار في مثل هذا الوقت من السنة الماضية.

وهذه الفجوة في التمويل تعيق وتشل الاستجابة الإنسانية، حيث اضطرت الأمم المتحدة إلى تقليص 12 من بين 38 من برامجها الأساسية، بما فيها المساعدات الغذائية. المملكة المتحدة وزعت أكثر من 50 بالمئة من المساعدات التي رصدتها لليمن هذه السنة والبالغة 160 مليون جنيه إسترليني – أي 200 مليون دولار. ونحن نهيب بجميع المانحين تعزيز استجابتهم وتوفير تمويل إنساني كبير للأمم المتحدة.

أما الإجراء الثاني فهو توفير مساعدات مالية للبنك المركزي اليمني لكي تتوفر لديه سيولة تساعد في الاستمرار باستيراد المواد الغذائية. هذا الإجراء سيكون حاسما للحيلولة دون انهيار دخل العائلات اليمنية والمساعدة في استقرار الأسعار.

دور الحكومة
وأكد الدبلوماسي البريطاني على أن الحكومة اليمنية يمكنها أن تلعب دورا هنا، وأدعوها إلى وضع خطة شفافة وذات مصداقية يطمئن إليها المانحون وتشمل دفع رواتب موظفي الحكومة.وقال إن المملكة المتحدة تستجيب للأزمة الإنسانية في اليمن بتعهدها بتوفير 200 مليون دولار للأمم المتحدة هذه السنة. ونتوقع توفير أكثر من 700,000 استشارة طبية لمعالجة مجموعة مختلفة من الحالات الصحية؛ وتدريب 1,500 من مقدمي الرعاية الصحية للعمل بأمان في بيئة ينتشر فيها كوفيد-19؛ وتعزيز إمكانات نحو 600 من مراكز الرعاية الصحية لتواصل تقديم الخدمات الصحية.

وتابع السفير ألين: ويثير قلقنا البالغ أيضا الخطر المتنامي الذي يشكله الجراد الصحراوي. فحسب علمنا تتوفر بيئة مناسبة لتكاثر الجراد بفضل الأمطار الغزيرة التي هطلت. توجد حاجة لزيارة المنطقة المتأثرة لتقييم الخيارات الممكنة، بما فيها رش المبيدات، لتخفيف أثر هذه المشكلة. سيكون أثر مشكلة الجراد شديدا ليس على اليمن وحسب، بل أيضا على كافة أنحاء أفريقيا وآسيا. ونحن نرحب بأي مستجدات يمكن أن يطلعنا عليها مارك لوكوك في مشاورات مغلقة.

خطر المجاعة
إن خطر المجاعة يعني أن بات من المهم الآن أكثر من أي وقت مضى أن تقدم الأطراف اليمنية التنازلات اللازمة للاتفاق عاجلا على وقف إطلاق النار في أنحاء البلاد، والانخراط في عملية سياسية شاملة لإنهاء الحرب بشكل دائم. وبينما أن المفاوضات مستمرة، فإن اعتداء الحوثيين على مأرب، واعتداءاتهم عبر الحدود تجاه السعودية، قد تسببت في تصعيد القتال. وهذا السلوك ألقى بظلال الشك على نواياهم، وتسبب التصعيد في مقتل مدنيين بسبب الهجمات الصاروخية والجوية. يجب على الحوثيين التوقف عن هذه الاستفزازات.
ورحب السفير البريطاني بالتعاون الوثيق بين أعضاء مجلس الأمن، هنا في المجلس وأيضا في المنطقة، في دعمهم لمبعوث الأمم المتحدة الخاص مارتن غريفيثس. يجب أن نواصل عزمنا ونوحد رسالتنا للأطراف اليمنية، لجميع الأطراف اليمنية: لقد حان الأوان لوقف القتال، والاتفاق على المقترحات المطروحة على طاولة المفاوضات.

الوساطة السعودية
وقال: ونحن نرحب بالإعلان هذا الأسبوع بأن الوساطة السعودية قد أدت إلى تجديد الزخم تجاه تطبيق اتفاق الرياض. لا بد وأن أشدد على أهمية التطبيق العاجل للاتفاق، بما في ذلك تشكيل وفد مشترك لعملية السلام بقيادة الأمم المتحدة.

كما انصب تركيزنا في الشهر الحالي في مجلس الأمن على الأثر المدمر لتسرب النفط من الناقلة صافر، مثلما أوضح مارك لوكوك آنفا.
ونوه الدبلوماسي البريطاني إلى أنه رغم موافقة الحوثيين مرارا وتكرارا من حيث المبدأ على المساعدة من الأمم المتحدة، إلا أنهم أظهروا عدم رغبتهم بالمضي في ذلك عمليّا، بل إنهم عمدوا إلى إملاء شروطهم للموافقة وربطوها بمسائل أخرى. وبعد انتظار طال 14 يوما، لم تصدر موافقة على التأشيرات لفريق الخبراء. حيث أعطى الحوثيون موافقة وجيزة على التأشيرة وسحبوها في نفس اليوم زاعمين بأن الموافقة صدرت بالخطأ. أحث الحوثيين على تسهيل عمل الخبراء؛ فكل ما هو دون ذلك يعتبر عملا متهورا.

وختم بالقول: اسمحوا لي أن أختتم مداخلتي بتكرار التحذير الذي أطلقه مارتن غريفيثس بشأن كون فرصة المفاوضات تتلاشى من أمامنا. لا بد من أنه يُنتظر منا جميعنا في مجلس الأمن أن نتوقع من الأطراف اليمنية تسوية المسائل العالقة سريعا والوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النار والانخراط في عملية سياسية. وعلينا جميعا السعي إلى استغلال جميع الأدوات المتاحة لنا لتحقيق ذلك.